كشفت صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 9 سبتمبر/أيلول 2020، أن العراقي باسم رازو، الذي فقد زوجته وابنته وشقيقه وابن أخته في غارة جوية للطائرات الهولندية، بات أول مدني يحصل على تعويض من قوات التحالف عن هجوم بالخطأ، بعدما قامت الاستخبارات الأمريكية بتحديد منزله كمقر لتنظيم تابع للدولة الإسلامية (داعش).
باسم رازو، البالغ من العمر 61 عاماً، فقد قدرته على المشي بسبب إصاباته، وتلقى "عرضاً طوعياً" بمبلغ يصل إلى مليون يورو من الحكومة الهولندية، التي كانت طائراتها مسؤولة عن الهجوم الذي وقع بالقرب من مدينة الموصل قبل خمس سنوات.
وزير الدفاع الهولندي، أنك بيليفيلد، قال في رسالة إلى برلمان بلاده إن تقديم الحكومة هذا العرض لا يعني الاعتراف بالمسؤولية عن الوفيات التي وقعت، لكن "في ضوء الجوانب والظروف الخاصة بهذه الواقعة الواضحة والمحددة والنقاش حولها"، تقرَّر "لأسباب إنسانية، المضيّ قدماً في العرض الطوعي لتقديم تعويض".
كان منزل رازو ومنزل شقيقه المجاور قد تدمر في الساعات الأولى من يوم 20 سبتمبر/أيلول 2015 خلال غارة جوية يفترض أنها دقيقة استندت إلى معلومات استخباراتية خاطئة بأن المبنيين كانا يستخدمان كمنشأة صنع قنابل تابعة لداعش، وقد نشرت قوات التحالف تسجيلاً للهجوم على موقع يوتيوب.
إثر الهجوم، قُتلت "ميادة" زوجة رازو، التي كانت نائمة بجانبه، على الفور، مع ابنته "تقى" البالغة من العمر 21 عاماً، وشقيقه "مهند"، وابن أخيه "نجيب" البالغ من العمر 18 عاماً، ونجت "عزة" زوجة شقيق رازو، بعد أن ألقى بها الانفجار عبر نافذة غرفة نومها.
مطالبات التعويض أصبحت ممكنة فقط بعد أن وافق طيار شارك في الغارة الجوية على إجراء مقابلة، دون تعريف بهُويته، مع وسائل إعلام هولندية العام الماضي، اعترف فيها بصحة الواقعة.
ردة فعل رازو: تعقيباً على هذا القرار، قال رازو: "كنت قد فقدت كل أمل في الواقع، وكنت في غاية الاندهاش والتأثر عندما اتصل محامي الخاص بي، فهذه القضية يمكن أخيراً أن تُقفل، أنا سعيد جداً بالسرعة التي حلت بها هولندا هذا الأمر، على خلاف الولايات المتحدة، حيث أخذوا يرسلونني من هيئة إلى أخرى، وفي النهاية لم يثمر ذلك عن شيء".
وأضاف: "الآن يمكننا العيش في منزل خاص بنا مرة أخرى، ويمكنني الاعتناء بأسرتي، ما زلت بحاجة إلى الخضوع لعملية جراحية في مفصل الورك، بعد ذلك سنرى كيف ستسير الأمور".
فيما قالت محامية رازو في هولندا، ليثبيث زيجفيلد، إن عرض التعويض جاء بعد اجتماع عُقد في وزارة الدفاع الهولندية في يونيو/حزيران الماضي، وشارك فيه موكلها عبر تطبيق Skype.
وقالت زيجفيلد: "في ذلك اللقاء، قدمت الوزارة اعتذارها لرازو"، موضحة أن "الأمر كان خطأ بالكامل".
كما أضافت المحامية: "عندما فتحت الرسالة التي تتضمن رد الوزارة على مطالبنا، لم أصدق ما قرأته للوهلة الأولى، فأنا أمثل ضحايا الحرب منذ أكثر من 20 عاماً الآن، ويعتبر هذا المبلغ وحقيقة عدم احتياجنا إلى تدخل محكمة في الأمر، أمراً فريداً في مثل هذه الحالات".
وفي حين أنه لم يعلن عن تفاصيل مبلغ التعويض على وجه التحديد، فإنه من المقدر أن المبلغ يقارب المليون يورو (1.18 مليون دولار)، حسب ما أشارت الصحيفة.
يذكر أنه في ظل الحرب الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهي حرب لا تبلغ القوات فيها عن الخسائر المدنية أو تنكرها في العموم، تعد هذه الحالة فريدة، سواء فيما يتعلق بهولندا، وأيضاً فيما يتعلق بقوات التحالف والدول الأخرى المشاركة في الحرب ضد داعش.
فقد أحالت صحيفة New York Times الأمريكية في تحقيق أجرته إلى حالة رازو، مشيرة إلى أنه من بين مجموع ضربات التحالف التي يمكن تعيينها، أسفر واحد من كل خمسة عن مقتل مدنيين بسبب قربه من هدف مشروع من جانب التحالف، أو بسبب معلومات استخباراتية معيبة أو فقدت صلاحيتها.