أعلن مدير الوحدة الأثرية الفرنسية في السودان، مارك مايو، الإثنين 7 سبتمبر/أيلول 2020، أنّ منطقة "البجراوية" الأثرية، التي كانت فيما مضى عاصمة للمملكة المروية، مهدّدة بالفيضان، بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل إلى مستوى قياسي.
أضرار كبيرة: عالم الآثار الفرنسي أشار إلى أن مفتّشي الآثار السودانية بنوا سدوداً في المكان بواسطة أكياس معبّأة بالرمال، واستخدموا المضخّات لسحب المياه ومنعها من إتلاف هذه التحفة الأثرية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
مايو أوضح أيضاً في تصريحاته أنه "لم يسبق أبداً للفيضانات أن بلغت مدينة البجراوية الملكية التي تبعد 500 متر عن مجرى نهر النيل"، وتقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من الخرطوم.
وأكّد مايو أنّ "الوضع حالياً تحت السيطرة"، لكنه حذّر من أنّه "إذا استمرّ ارتفاع منسوب النيل، فقد لا تعود الإجراءات المتّخذة كافية"، مضيفاً أن مواقع أثرية أخرى مهدّدة بالفيضان على طول مجرى النيل.
يأتي ذلك بينما أعلنت السلطات السودانية حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بسبب الفيضانات القياسية التي خلّفت ما يقرب من 100 قتيل، ودمّرت أو ألحقت أضراراً بأكثر من 100 ألف منزل، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السودانية "سونا".
منطقة أثرية: ومنطقة البجراوية الأثرية تضمّ المقبرة، حيث أهرامات مروى الشهيرة والمدينة الملكية لهذه الإمبراطورية المركزية التي حكمت من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية، وكانت أراضيها تمتدّ في وادي النيل لمسافة 1500 كيلومتر، من جنوب الخرطوم وصولاً إلى الحدود المصرية.
يرجع تاريخ تأسيس مملكة مروى إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ولم تكن الحضارة المروية تلك الحضارة البسيطة التى تستمد أوجها من حضارة نباتا، ولكن كانت تمثل نهضة حضارية عظيمة تلت قروناً من الركود والتخلف.
بلغت نهضة مروى ذروتها في القرن الأول الميلادي، أي بعد أفول حضارة نباتا بفترة طويلة وبعد انتقال مراكز القوة والثراء في كوش إلى الجنوب، وخلال القرنين التاليين بدأت دولة الجنوب طريقها في الانحدار السريع، وسرعان ما تحولت تلك المدينة العظيمة إلى مدينة مهجورة مع بداية القرن الرابع الميلادي وأصبح اسمها منسياً.
وزير الثقافة والإعلام السوداني، فيصل صالح، زار المدينة الملكية في البجراوية لبحث سبل حماية هذا الموقع المدرج منذ 2003 على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.
يُشار إلى أنه وفقاً لآخر بيان لوزارة المياه والري فقد بلغ منسوب النيل 17.62 متر، وهو مستوى لم يسجّل منذ بدأت عمليات تسجيل منسوب النهر قبل أكثر من مئة عام.