وجّه الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس 3 سبتمبر/أيلول 2020، انتقادات لاذعة لبعض الأطراف السياسية، متهماً إياها بالخيانة ومحاولة التحايل على الدستور، والارتماء في "أحضان الصهيونية والاستعمار"، متوعداً بكشفها ومحاسبتها.
تصريحات الرئيس التونسي النارية جاءت في كلمة ألقاها خلال حفل أداء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية، الخميس، وذلك رداً على خطابات واتهامات وجّهها له بعض النواب خلال جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي، الأربعاء، خصوصاً من أحزاب حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة.
حيث وجّه سعيد تهديداً إلى جهات من دون ذكر أسمائها، قائلاً: "من يعتقد أنه فوق القانون فهو واهم، ومن يعتقد أنه يقدر على شراء الذمم إن كانت لديه أموال فهو واهم".
كما توعّد بعدم التسامح ومحاسبة من افترى وكذب، و"من فتح داراً للفتوى ليفتي بالدستور"، في إشارة لعزم هذه الكتل إدخال تغييرات في تركيبة حكومة المشيشي، واتهام الرئيس بتجاوز صلاحياته الدستورية، حين حذّر من المساس بالتركيبة الوزارية، خاصة وزراء السيادة.
وأضاف "بيننا الله والأيام، وسيأتي اليوم الذي تعرفون فيه الحقائق كلها دون استثناء، إلا إذا كان هناك ما يتعلق بواجب التحفظ والاحتراز".
كما دعا الرئيس الحكومة الجديدة للوقوف معه صفاً واحداً في مواجهة من وصفهم بـ"الخونة وأذيال الاستعمار الذين باعوا ضمائرهم ووطنهم".
ردود فعل: القيادي بحركة النهضة رفيق عبدالسلام وصف خطاب رئيس الجمهورية بالمتشنج، داعياً إياه "للقيام بدوره كمؤسسة تحكيمية وكضامن لوحدة البلاد واستقرارها، بعيداً عن خطابات التخوين".
ففي حديثه للجزيرة نت، شدّد على حاجة البلاد اليوم بالتزامن مع تسلم الحكومة الجديدة مهامها لخطاب جامع لا يُفرّق، وتعامل جميع الأطراف ضمن ضوابط الدستور ومنطق الدولة.
ولفت عبدالسلام إلى أن الانتقادات التي طالت الرئيس في قبة البرلمان سبق أن طالت سابقيه كالمرزوقي والرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، في إطار روح الديمقراطية واختلاف الرأي، ولا تعطي أي مبرر لردود الفعل الغاضبة والمتشنجة.
من جهته، وصف رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" في البرلمان، سيف الدين مخلوف، خطاب الرئيس بأنه "خطاب انتقامي"، يحمل تهديداً مباشراً للنواب ولمؤسسة البرلمان".
وعبّر مخلوف عن أسفه للاتهامات التي وجَّهها سعيّد للنواب بالخيانة والتطبيع، مؤكداً بالمقابل أنه كان ينتظر منه، في إطار أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، كلاماً محفزاً، ودعوة للوحدة ونبذ الخلافات، إعلاءً لمصلحة تونس.
كما سارعت قيادات حزبية من قلب تونس لإبداء موقفها من خطاب الرئيس، حيث تساءل القيادي في حزب قلب تونس، أسامة الخليفي، في تدوينة، عن الأطراف التي توجَّه لها قيس سعيد بالتهديد، كما سخر من استعمال سعيد لمصطلح "الاستعمار"، وهو الذي أنكره خلال زيارته لفرنسا، مستبدلاً إياه بـ"الحماية الفرنسية".
يشار إلى أن حكومة هشام المشيشي أدت الأربعاء اليمين الدستورية أمام الرئيس قيس سعيد، بانتظار تسلم مهامها الخميس بشكل رسمي، لتعوّض حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ.