تضطر العشرات من الأسر اليمنية لإرسال أطفالها إلى العمل أو الشحاذة، في ظل تصاعد المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية والبنزين، فقد أكدت دراسة حديثة للجنة الإنقاذ الدولية أن أغلب الأسر اليمنية تخشى من الجوع أكثر من خوفها من فيروس كورونا المستجد، لذا يخرج الأطفال للشوارع للبحث عن لقمة عيش.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطلنية، الثلاثاء 18 أغسطس/آب 2020، فإن هذه الدراسة التي شملت أكثر من 150 أسرة في 3 محافظات جنوبي اليمن، وجدت أنَّ حوالي ثلثي (62%) المشمولين بالدراسة أفادوا بعدم قدرتهم على شراء الغذاء ومياه الشرب، وذلك بعد أن قفزت أسعار السكر والزيوت النباتية بأكثر من 25% العام الماضي.
الخوف من الجوع: يمثل انعدام الأمن الغذائي مبعث قلق كبير في اليمن، حيث أدَّى تجدد القتال، مقروناً بانخفاض التمويل الإنساني والقدرة على الحصول عليه، إلى وضع الملايين في خطر. ويُقدَّر أنَّ 3.2 مليون شخص -40% من السكان- يواجهون حالياً حالة انعدام حاد للأمن الغذائي، وسيعاني نحو نصف الأطفال اليمنيين تحت سن الخامسة من سوء التغذية بحلول نهاية 2020.
تقول لجنة الإنقاذ الدولية إنَّ الحصص الغذائية لشمال اليمن خُفِّضَت بالفعل بنحو النصف منذ أبريل/نيسان الماضي، وأنَّ قرابة 5 ملايين شخص إضافي سيفقدون قدرتهم على الحصول على المساعدة الغذائية، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حال عدم تقديم المزيد من التمويل.
من جانبها، قالت تامونا سابادزي، مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن: "الكابوس الذي يعيشه اليمنيون لا يزال يزداد سوءاً بمرور كل يوم".
وأضافت: "وفي ظل انتشار كوفيد 19 دون رادع، وانخفاض التمويل الإنساني، وتصاعد القتال والضربات الجوية، يشهد اليمن حالة طوارئ ثلاثية. هذه الدراسة تعيد إبراز الآثار الاقتصادية المروعة لكوفيد 19 على حياة أكثر الفئات ضعفاً في العالم".
كما تابعت: "أشار المشمولون بالدراسة إلى أنَّهم، ومن أجل إطعام عائلاتهم، اضطروا للحصول على ديون لا يمكنهم سدادها، وتقليص كمية الطعام التي يستهلكونها، وبيع أصولهم مثل الأراضي والماشية، بل واضطر البعض لإرسال أطفاله إلى العمل أو الشحاذة".
خطر مزدوج: على الرغم من تسجيل أقل من 19 ألف حالة إصابة بكوفيد 19 رسمياً حتى الآن، يُرجَّح أن يكون الرقم أكبر بكثير بسبب عدم الإبلاغ عن الإصابة ونقص الاختبارات.
قال ماركوس سكينر، مستشار السياسة الأول في لجنة الإنقاذ الدولية، إنَّ الارتفاع في أسعار الغذاء الناجم عن كوفيد 19 له تأثير كبير في اليمن، لأنَّه يجري استيراد حوالي 85% من الغذاء. وأضاف أنَّ العائلات تعيد توجيه الأموال المخصصة للتعليم والرعاية الصحية ببساطة كي تجد ما تأكله.
وقال: "نرى زيادة في زواج وشحاذة الأطفال نتيجة نقص الغذاء، ونعلم أنَّ العائلات تُقلِّص عدد الوجبات التي تأكلها".
وتابع: "لكن النتيجة الأكثر صدمة بالنسبة لنا كانت أنَّ مبعث القلق الرئيسي في المحافظات الجنوبية، لاسيما في عدن، حيث يتفشى فيروس كورونا بلا رادع –تجاوزت المستشفيات طاقتها الاستعابية وفاضت المقابر بالموتى- هو تدهور الاقتصاد وأثره على الأمن الغذائي".
وأردف: "طغى الجوع على الخوف من المرض، بما في ذلك كوفيد 19".
وتدعو لجنة الإنقاذ الدولية الأمم المتحدة لزيادة تمويلها الإنساني للبلد، وتدعو الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا لإنهاء الدعم العسكري والاستخباراتي للأطراف المنخرطة في الصراع.