بينما يتحدث ترامب عن صفقات سلاح ضخمة مع السعودية، يأتي الرد المفاجئ: الرياض تخفض نفقاتها العسكرية بقيمة 5 مليارات دولار

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/19 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/19 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
الرياض تخفض نفقاتها العسكرية بقيمة 5 مليارات دولار

كشفت وكالة Bloomberg الأميركية أن المملكة العربية السعودية ستخفِّض من نفقاتها العسكرية للسنة الثانية على التوالي في العام المقبل 2019، وفقاً للتصريحات الرسمية المُعلَنة الثلاثاء، 11 ديسمبر/كانون الأول، بينما يستحوذ التعليم على النصيب الأكبر من الإنفاق في ميزانية المملكة.

وتُعَدُّ القوات المسلحة السعودية ضمن أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، وهو دور دائماً ما يستشهد به الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتبرير التحالف القوي بين أميركا والمملكة السعودية، حسب تقرير نشرته وكالة Bloomberg الأميركية.

لكن السعوديين سيخفضون نفقاتهم بنسبة 12% في العام المقبل، وذلك بعد تخصيص 191 مليار ريال سعودي (51 مليار دولار). لوزارة الدفاع، مقارنة بـ56 مليار دولار للنفقات العسكرية في 2018، وسينخفض الإنفاق على ميزانية التعليم بنسبة 6% حتى تصل إلى 193 مليار ريال سعودي. ومن المُرجَّح أن يزيد إجمالي النفقات السعودية بنسبة 7%، بينما تشجع المملكة على استثمارات رأس المال.

تراجع ميزانية الدفاع وحرب اليمن

وربما يشير تراجع ميزانية الدفاع إلى توقعات باقتراب انتهاء حرب السعودية على اليمن، إذ لم يُدرِج الملك سلمان، الثلاثاء، الجنود المشتركين في الحرب في قراره المُتعلِّق ببدلات تكلفة المعيشة لعام آخر.

وتقود السعودية تحالفاً تدخَّل في اليمن منذ عام 2015 ليدعم الحكومة اليمنية ضد المتمردين الموالين لإيران. وقد اتفق الطرفان على وقف إطلاق النار بمدينةٍ مينائيةٍ رئيسية هذا الشهر، ديسمبر/كانون الأول، في خطوةٍ نادرة الحدوث تجاه ما تحوَّل إلى أسوأ الكوارث الإنسانية على مستوى العالم.

زيادة الإنفاق الحكومي

وتخطط السعودية لزيادة الإنفاق الحكومي بما يزيد على 7% العام القادم في مسعى لتحفيز النمو الاقتصادي المتضرر بفعل انخفاض أسعار النفط، وذلك وفقاً لما أظهرته الميزانية الحكومية التي أعلنها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز اليوم الثلاثاء.

ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق في الميزانية إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 1.106 تريليون ريال (295 مليار دولار)، من إنفاق فعلي قدره 1.030 تريليون ريال هذا العام.

وقال الملك سلمان في كلمة بثها التلفزيون: "إننا عازمون – بعون الله – على المضي قدماً في طريق الإصلاح الاقتصادي وضبط الإدارة المالية، وتعزيز الشفافية، وتمكين القطاع الخاص".

وقد انكمش الاقتصاد العام الماضي. وعلى الرغم من أن تقديرات الحكومة تشير إلى أنه نما 2.3% في 2018، فإن هذا يمثل تباطؤاً عن سنوات الازدهار في وقت سابق من هذا العقد، كما أنه غير كافٍ على نحو كبير لكبح معدل البطالة القياسي البالغ 12.9% بين السعوديين.

وقالت مونيكا مالك، كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري: "تركز الميزانية على دعم النشاط، بعد سنوات من ضبط الأوضاع المالية وضعف النمو".

عجز الميزانية الحكومية

ونظراً لزيادة الإنفاق، تبدو ميزانية 2019 أيضاً تشكل تباطؤاً في توجّه المملكة نحو تقليص عجز كبير في الميزانية الحكومية نجم عن هبوط أسعار النفط.

ويُقدر العجز، الذي تعهدت الحكومة بالقضاء عليه بحلول 2023، بنحو 136 مليار ريال هذا العام، وهو أقل كثيراً من العجز المتوقع أصلاً لعام 2018 عند 195 مليار ريال.

ويرجع ذلك لأسباب من بينها ارتفاع إيرادات صادرات النفط، حيث بلغ سعر برميل خام برنت نحو 73 دولاراً في المتوسط منذ بداية العام، ارتفاعاً من 54 دولاراً في 2017. لكن الرياض دعمت أيضاً الإيرادات غير النفطية بخطوات تقشفية صارمة، مثل فرض ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% في بداية 2018.

وفي العام القادم، تتوقع الحكومة انخفاضاً طفيفاً في العجز إلى 131 مليار ريال. وقالت مالك إن تقديراتها للناتج المحلي الإجمالي السعودي وإيرادات النفط تشير إلى أن العجز ربما يتسع مجدداً في 2019، إلى ما يزيد على 7% من الناتج المحلي الإجمالي، من قرب 4%.

ولا تفصح السعودية على السعر المفترض للنفط الذي تضع الميزانية بناءً عليه، لكن مالك وبعض الخبراء الاقتصاديين الآخرين من القطاع الخاص يقدرون أن ميزانية 2019 تفترض سعراً لخام برنت عند 70-71 دولاراً للبرميل، مع إنتاج قدره 10.2 مليون برميل يومياً.

قال جان بول بيجا، رئيس البحوث لدى لايت هاوس ريسيرش في دبي، إن زيادة الإنفاق في الميزانية جاءت أقل مما كان متوقعاً.

وتابع: "إنفاق الحكومة هو ما يُحرّك في نهاية المطاف النمو في السعودية، وفي المنطقة على نطاق أوسع. وفي غياب محفز أقوى، من الصعب أن نرى من أين ستأتي الشرارة لتحفيز طلب أقوى".

وتتوقع الحكومة تحقيق نمو في القطاع غير النفطي من الاقتصاد، وهو أساسي لخلق وظائف، بنحو 2.5% فقط العام القادم، من 2.3% هذا العام.

القطاع الخاص وخطوات التقشف

ويضغط القطاع الخاص السعودي لإعفائه من خطوات تقشفية، مثل رسوم على تعيين العمال المغتربين، لكن لم يلمح المسؤولون في أحاديث صحافية، أمس الثلاثاء، إلى أي احتمال لتأخير زيادات مخطط لها في الرسوم العام القادم.

وتتوقع الميزانية أن تقفز إيرادات النفط 9% إلى 662 مليار ريال في 2019، لكن هذا التوقع يراه خبراء اقتصاد غير واقعي، حيث يعتقد كثير منهم أن أسعار النفط لن ترتفع كثيراً على الأرجح العام القادم، بل ربما لن تشهد أي ارتفاع.

وعلى الرغم من ذلك، فإن توقعات الإيرادات ربما يبررها مزيد من الخفض في دعم أسعار الوقود المحلية، وهي خطوة أخرى ربما تضر القطاع الخاص. وقالت السلطات إن مزيداً من الخفض سيتحقق في نهاية المطاف، لكنها لم تكشف اليوم عما إذا كان ذلك سيكون وشيكاً أم لا.

وقال بيجا إن محفزاً إضافياً للاقتصاد ربما يأتي في صورة إنفاق خارج الميزانية من صندوق الاستثمارات العامة، صندوق الثروة السيادية الرئيسي للمملكة، الذي يسهم في مشروعات بمليارات الدولارات لتطوير قطاعات السياحة والترفيه والعقارات في البلاد.

وتلقت المالية العامة دعماً في 2018 من مصدر غير مُعتاد، حيث جمعت الحكومة ما يزيد على 50 مليار ريال في تسويات توصلت إليها مع محتجزين في حملة على الفساد أُطلقت في نهاية العام الماضي، حسبما قال وزير المالية محمد الجدعان. وجرى احتجاز عشرات من كبار المسؤولين ورجال الأعمال في فندق الريتز-كارلتون خلال الحملة التي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وقال محققون في وقت سابق هذا العام إنهم يسعون لجمع نحو 100 مليار دولار

تحميل المزيد