قالت مجلة The Atlantic الأميركية، إن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، خالد بن سلمان، قد يكون عاد بهدوءٍ إلى واشنطن، لكنه سيواجه المتاعب خلال اجتماعاته مع أعضاء الكونغرس الأميركي.
جاءت عودة خالد بن سلمان، يوم الأربعاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2018، بعد نحو شهر من مغادرته الولايات المتحدة في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، عملية القتل التي يلقي فيها الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ باللوم على أخيه الأكبر، وليّ العهد محمد بن سلمان.
وبينما أعلنتها إدارة ترامب صريحةً أنها تريد تجاوز ما حدث، لا تقتصر مهام السفير السعودي في واشنطن على لقاء حكومة البلد المضيف فقط، بل يلتقي أيضاً مجموعةً من المُحرِّكين الأساسيين للمشهد السياسي.
ما من حلفاء في واشنطن لخالد بن سلمان
لكن السؤال المهم بالنسبة لخالد هو هل يريد أيُّ أحدٍ أن يُرى معه الآن؟ اعتاد خالد نشر صوره مع أعضاء مجلس الشيوخ عبر حسابه على موقع تويتر، لكنَّ ازدراءهم له الآن قد ازداد في ظلِّ فيض التبريرات المُشوَّشة التي أصدرها السعوديون لتفسير عملية القتل. قد يكون له حلفاء في البيت الأبيض، لكن من الواضح بالتأكيد أن ما مِن حلفاءٍ له في مجلس الشيوخ.
يقول السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن، عن ولاية ماريلاند، في أحد لقاءاته: "أعتقد أن هناك تساؤلات جدية حول ما إذا كان يجب أن يُسمح له بالعودة". وأضاف: "لأنه من الواضح أنه ضلَّل الولايات المتحدة فيما يتعلَّق بمقتل خاشقجي".
وعندما سُئل عمَّا إذا كان سيقبل اللقاء به إذا طُلِبَ منه ذلك، قال فان هولدن: "عند هذه المرحلة، سأحتاج المزيد من المعلومات حول دوره -إن كان له دور- في المؤامرة والتستُّر عليها". ودعا السيناتور إلى تحقيقٍ استخباراتي في دور المبعوث، وأضاف أنه إذا اتضح تواطؤه، "فيجب رفضه كمبعوثٍ من المملكة العربية السعودية".
كان شخصاً ذا "مصداقيةٍ مُنعدِمة"
وبحسب المجلة الأميركية، تتسق آراء فان هولن مع آراء غيره من مُشرِّعي القوانين المؤثِّرين الآخرين، مثل السيناتور بوب كروكر الجمهوري عن ولاية تينيسي الذي يترأس لجنة العلاقات الأجنبية في المجلس، والذي قال لشبكة CNN الأميركية يوم الخميس 6 ديسمبر/كانون الأول، إن خالد كان شخصاً ذا "مصداقيةٍ مُنعدِمة".
وزاد السيناتور ديك دوربين، الديمقراطي عن ولاية إلينوي وثاني أهم ديمقراطي في المجلس، عن ذلك، إذ قال في تصريح له: "قلتها منذ شهور وسأقولها ثانية: يجب أن نطرد السفير السعودي لدى الولايات المتحدة رسمياً باعتبار أن وليّ العهد مشتركٌ اشتراكاً مباشراً في اختطاف وقتل جمال خاشقجي".
كان دوربين قد طالَبَ بهذا أول مرة في شهر أكتوبر/تشرين الأول. وعندما سُئل السيناتور ليندسي غراهام في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عمَّا إذا كان يجب أن يعود السفير، أجاب ببساطة: "لا".
غادر السفير السعودي واشنطن في شهر أكتوبر/تشرين الأول وسط مطالباتٍ من المسؤولين الأميركيين للمملكة بتوضيح التبدُّل في التفسيرات التي قدَّمَتها حول مقتل خاشقجي.
كان خالد من ضمن أولئك الذين حافظوا في البداية على رواية أن خاشقجي غادر القنصلية على قدميه، وقال عن نفسه أنه "صديقٌ" للصحافي. لم يُقنِع هذا التفسير إلا القليل من أعضاء مجلس الشيوخ . قال كروكر وقتها إن تصريح السفير بأن نظام المراقبة في القنصلية السعودية لا يُسجل، ولكنه يبث ما يحدث مباشرة فقط "يصعُب عليَّ تصديقه. وقد شاركت هذا معه".
السعودية تعتقد أن الأزمة قد انتهت
قدَّم غراهام الذي برز باعتباره أشد منتقدي وليّ العهد السعودي في المجلس مع خمسة من زملائه من كلا الحزبين قراراً يوم الأربعاء يُحمِّل محمد بن سلمان مسئولية قتل خاشقجي.
يقول الرئيس ترامب إن العلاقة الأميركية – السعودية أهم بكثير من أن تُدَمَّر، بغض النظر عما إذا كان محمد بن سلمان هو من أمر بالقتل أم لا. وتشير عودة خالد إلى واشنطن إلى أن القيادة السعودية تعتقد أن الأزمة المحيطة بمقتل خاشقجي قد انتهت، أو أنها انتقلت إلى مرحلةٍ يمكن التحكُّم بها بصورةٍ أكبر.
إلى ذلك، قال سايمون هندرسون، الخبير في شؤون المملكة السعودية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "يبدو تقريباً أن السعوديين قد تبنوا وجهة النظر التي ترى أنه إذا كان يمكنك التعامل مباشرةً مع البيت الأبيض، فما الذي يضيرك في الكونغرس؟". وأضاف: "إذا كانت هذه وجهة نظر السعوديين، ففي رأيي إنهم يرتكبون خطأً".