ما زال الأردنيون يعتصمون يوماً تلو الآخر، بالقرب من رئاسة الوزراء وسط العاصمة الأردنية عمّان، للمطالبة برفض قوانين أقرتها الحكومة، أهمها "ضريبة الدخل" و"الجرائم الإلكترونية"، بحسب وسائل إعلام.
لكن خلال اليومين الأخيرين، صعّد الأردنيون لهجة الاحتجاج، وطالبوا بإسقاط كل من مجلس النواب، وحكومة عمر الرزاز، التي لم يمضِ على تشكيلها سوى 5 أشهر فقط، بعد إسقاط حكومة سلفه، هاني الملقي، على يد المحتجين الغاضبين، الصيف الماضي.
الآلاف من الأردنيين الغاضبين اعتصموا الليلة الماضية، تحت الأمطار الغزيرة، في محيط "الدوار الرابع" الشهير، الذي أصبح رمزاً للاحتجاج وتجمُّع المتظاهرين الغاضبين على السياسات الحكومية.
"ارحل ارحل يا رزاز"
الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول 2018، اعتصم المئات في وقفة احتجاجية بالعاصمة عمّان، وسط انتشار أمني كثيف، مطالبين برحيل الحكومة، ومتهمين إياها بأنها لم تزد الأردنيين إلا فقراً وجوعاً، وتردياً في الأحوال الاقتصادية، بحسب ناشطين.
"إصلاحاتك في سنوات:
تزوير الانتخابات
دستورك والترقيعات"من الهتافات قبل قليل بالقرب من #الدوار_الرابع. #خميس_الشعب pic.twitter.com/hdtrb7YxNW
— 7iber | حبر (@7iber) December 6, 2018
ولم يمنع البرد القارس وهطول الأمطار بين الفينة والأخرى، المحتجين من تنظيم وقفتهم. ومن بين الشعارات التي رددها المشاركون: "مطالبنا شرعية.. إصلاحات سياسية، ورفع القبضة الأمنية"، "يا نواب البرلمان.. بتعطوا ثقة بالمجان"، و"ارحل ارحل يا رزاز"، وغيرها.
وتأتي احتجاجات الأردنيين، بعد أيام من نشر الجريدة الرسمية بالأردن قانون "ضريبة الدخل" المعدل، بعد إقراره من قِبل البرلمان بغرفتيه.
وإثر نشر القانون بالجريدة الرسمية، الأحد 2 ديسمبر/كانون الأول 2018، دعا ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى تنظيم وقفة بالعاصمة عمّان تحت شعار "معناش"، الخميس 6 ديسمبر/كانون الأول 2018، للتعبير عن رفضهم القانون.
الحكومة الأردنية تعلّق
وسط هذه الاحتجاجات المطالِبة برحيل الحكومة، ردَّت السلطات بتأكيد أن "التظاهر السلمي حق مكفول للمواطنين".
حيث قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والاتصال في الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، الليلة الماضية، إن "التظاهر والاحتجاج السلمي حق مكفول للمواطنين في إطار الدستور الأردني والقوانين والأنظمة المعمول بها".
وفيما يتعلق ببعض المطالبات التي هتف بها المتظاهرون، ليل الخميس، بالقرب من المقر الحكومي عند الدوار الرابع، حول "إسقاط" قانون الضريبة وغيرها من "الإصلاحات"، أضافت غنيمات أن "الحكومة ماضية في سياسات الإصلاح خاصة الإصلاح الضريبي، وأي مطالب شعبية لها قنواتها الدستورية في الحوار من خلال البرلمان".
وفي وقت لاحق، أوضحت غنيمات أن "الحوار من خلال المؤسسات الدستورية.. والحوار مع الشباب ضرورة"، حسب قولها.
ولفتت غنيمات الأنظار إلى أن "الحكومة لم تنتهِ من إعادة توزيع العبء الضريبي بأشكاله المختلفة"، موضحة أن "العمل جارٍ على توسيع شبكة الحماية الاجتماعية من خلال مظلة التأمين الصحي والمعونة الوطنية وغيرهما، والأولوية للشرائح من ذوي الدخل المتوسط والأقل من المتوسط".
وشددت في الوقت نفسه، على أن الحكومة الأردنية "مستمرة في إصلاح التشوه بتوزيع العبء الضريبي".
احتجاجات الأردن قد تطول
إلى ذلك، قال مركز Stratfor الأميركي، في تقرير نشره مؤخراً، إن المدَّ المتصاعد للاحتجاجات بالأردن أثبت قدرته على ممارسة السلطة على سياسة الحكومة.
وأضاف أنه مع تعثر اقتصاد البلاد، يواجه الأردن تأثيراً متزايداً من المتظاهرين الغاضبين، الذين يزداد كفاحهم من أجل البقاء، في الوقت الذي ينفّذ فيه الأردن إصلاحات اقتصادية هيكلية، لا سيما تلك المتعلقة بفرض ضرائب جديدة.
وفي غضون ذلك، يستمر الأردن في الاعتماد على المساعدات الخارجية، وهو ما يعني أنَّ الجهات المانحة الرئيسية (الولايات المتحدة وأوروبا؛ ودول الخليج) لديها نفوذ كبير على قرارات المملكة الأردنية.
ولما كانت مطالبات هذه القوى الخارجية تتصادم مع رغبات الحركات الاحتجاجية المتزايدة بالأردن، فلن يكون الملك قادراً على إرضاء الجميع، وهو ما يعني أنَّ الأردن سوف يواجه، على الأرجح، اضطراباتٍ مستمرة، وقد يشهد أزمة داخلية.