لقاءات باردة وعُزلة واضحة، ربما هذا ما ينتظر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة العشرين التي ستعقد في الأرجنتين بعد غد الجمعة 30 نوفمبر/تشرين الثاني، في ظل تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
إذ تقول وكالة الأنباء الفرنسية، إن ولي العهد بعدما شهدت زياراته الخارجية في السنوات الماضية نجاحات كبيرة، قد يلاقي عكس ذلك هذه المرة في القمة المنتظرة، مشيرة إلى أنه وبالرغم من حصوله على الحفاوة "الرسمية" خلال زيارته الأخير لأربع دول عربية، إلا أنه واجه تظاهرات منتقدة لزيارته في تونس على سبيل المثال، بعدما اتهمته منظمات ومجموعات مدنية ناشطة بالتورط في جريمة قتل خاشقجي.
لكن، يبدو أن الوضع في الأرجنتين سيكون مختلفاً، إذ إن ولي العهد الشاب سيكون في مواجهة مسؤولين أدانوا بشدة قتل الصحافي السعودي في قنصلية بلاده في إسطنبول الشهر الماضي.
قمة العشرين ربما تكون حبل نجاة أو العكس لمحمد بن سلمان
تقول الوكالة الفرنسية، إن ولي العهد السعودي كان ينظر له على أنه قائد عملية الإصلاح في المملكة "الغنية والمحافظة". ولذلك، فهو يسعى الآن إلى التقليل من أهمية الضغوط الخارجية، واستغلال جولته الحالية التي أتت بعد جولة داخلية في السعودية، من أجل تلميع صورته التي بهتت بعد قضية خاشقجي، وخصوصاً تعزيز العلاقات مع الدول الحليفة.
ويشير الباحث إتش إيه هيلر من مؤسسة "المجلس الأطلسي" و"المعهد الملكي للخدمات المتحدة" في لندن، إلى أن "السؤال يكمن في: مَن مِن زعماء العالم سيرحب بالظهور إلى جانبه في العلن؟".
ويضيف: "أعتقد أن ظهوره سيكون مدروساً إلى حد كبير لتجنب أي إحراج".
ويواجه الأمير احتمال تجاهله من جانب عدد من قادة الدول خلال أعمال قمة مجموعة العشرين التي تستمر يومين، وفقاً للأستاذة في جامعة واترلو الكندية بسمة المومني.
قادة غربيون لن يرغبوا في الظهور معه
وترى المومني أنه "قد لا يكون ممكناً تجنب الصور الجماعية، لكن القادة الليبراليين الديمقراطيين مثل قادة ألمانيا وكندا لن يرغبوا في الظهور وهم يصافحونه".
وتقول الأكاديمية المومني، إن ولي العهد السعودي "يحاول أن يظهر للجمهور في الداخل والخارج أنه غادر القصر، لكنه واثق من عودته للسيطرة عليه"، مضيفة: "يريد أن يثبت أنه هنا ليبقى لعقود كحاكم مستقبلي للسعودية".
يأتي ذلك بعد تعرّض العاهل الإسباني السابق خوان كارلوس لانتقادات الإثنين الماضي، بعد تداول صورة له في أبوظبي مع ولي السعودي خلال زيارته دولة الإمارات، أولى محطات جولته العربية التي شملت أيضاً البحرين ومصر وتونس.
ونشرت الصورة في صحف إسبانية عدة، بينها صحيفة "إل موندو" اليومية المحافظة التي وضعت عنواناً لها: "صورة العار".
مسؤولون سعوديون يستعدون لاستقبال بارد لولي العهد
تقول وكالة الأنباء الفرنسية إن مسؤولين مقرّبين من ولي العهد يستعدون لاستقبال بارد محتمل له في قمة مجموعة العشرين.
في الوقت الذي قدمت فيه منظمة "هيومن رايتس ووتش" شكوى الإثنين الماضي إلى القضاء الأرجنتيني ضد ولي العهد السعودي بشأن "جرائم حرب محتملة" في اليمن "وحالات تعذيب على أيدي مسؤولين سعوديين"، واحتمال أن يكون له دور في قضية خاشقجي.
إذ أفادت الصحافة الأرجنتينية بأنه يُفترض بالمدعي العام راميرو غونزاليز اتخاذ قرار بشأن فتح تحقيق، وهو ما لم يحدث بعد.
كيف كانت الاستقبالات؟ وكيف أمست؟
تناقض هذه التحركات الترحيب الذي استُقبل به ولي العهد السعودي في دول غربية هذا العام قبيل مقتل خاشقجي، وبينها الولايات المتحدة، حيث احتُفيَ به بشكل كبير، وعقد لقاءات مع كبار رجال الأعمال الأميركيين.
ومنذ تسلمه منصب ولي العهد في حزيران/يونيو 2017، قدمت حملات العلاقات العامة الأمير محمد على أنه قيادي متحرر يسعى إلى إعادة بناء المملكة المحافظة، بينما يشدّد قبضته على مقاليد الحكم.
ويبدو أن تداعيات مقتل خاشقجي الذي كان يكتب مقالات منتقدة لسياسات ولي العهد في صحيفة "واشنطن بوست"، بدأت تلقي ظلالاً على هذه الحملة بشكل كبير.
لكن لم تتحوّل التداعيات حتى الآن إلى تهديد لمنصب الأمير محمد كولي للعهد في ظل سيطرته المحكمة على الأجهزة العسكرية والأمنية، والدعم العلني الذي يلقاه من العائلة المالكة.