قالت صحيفة The Times البريطانية إن كثيراً من الزعماء وقادة العالم الحاضرين قمة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس، لا يرغبون في الظهور مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تحت الأضواء، حتى لو كانوا راغبين ربما في مقابلته خلف الأبواب المغلقة، بسبب جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، التي لا يزال الإعلام العالمي يسلط عليها الأضواء.
وتقول الصحيفة البريطانية إن أجواء قمة مجموعة العشرين، التي تنعقد هذا الأسبوع، امتلأت بدراما "غير اعتيادية"، إذ يحاول ولي العهد السعودي الشاب تبييض صورته في خضمّ الغضب المتزايد حول قتل خاشقجي وتقطيع جثته.
وتضيف الصحيفة: نادراً ما يكون توزيع المقاعد موضوعاً مثيراً للقلق، إذ يمكن أن يحدث هذا عندما يحضر قادة العالم مأدبة غداء في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس، نظراً إلى أنَّ أحد الضيوف "يُشتَبه في أنَّه أَمَرَ بقتل أحد منتقديه".
مشيرة إلى أن محمد بن سلمان سيحاول إعادة التأكيد للحلفاء حول العالم، أنَّه لم يكن متورطاً في عملية القتل، وأنَّه قادرٌ على قيادة مملكته وتحديثها.
لكن، يواجه الأمير الشاب مهمة صعبة، إذ تنتاب البعض شكوك بأنَّه كان متورطاً، بشكل مباشر أو غير مباشر، في المؤامرة التي حِيكت لقتل أحد معارضيه. ومن أجل ضمان أن تنطلق حملته انطلاقة جيدة، بدأ جولته الأسبوع الماضي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي أقرب حلفاء السعودية.
المواقف الدولية زادت المهمة تعقيداً على الرياض
أوقفت ألمانيا والدنمارك بيع الأسلحة إلى السعودية، فيما فرضت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة عقوبات على 18 سعودياً آخرين، يُعتَقد أنَّهم نفّذوا عملية قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
لكنَّ الرئيس دونالد ترامب أثار انزعاج الكثير من قادة العالم الآخرين، برفضه إدانة محمد بن سلمان، الذي بدأ الأسبوع الماضي أول جولة خارجية له منذ عملية القتل.
أصرَّ ترامب يوم الثلاثاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني، على أنَّه يضع "أميركا أولاً" بعدم إدانته للسعودية، وشكَّك فيما إذا كان محمد بن سلمان على علمٍ، في الواقع، بشأن مقتل خاشقجي، الذي لم يُعثَر على جسده حتى الآن، وحتى إن وضعه تحقيق أجرته وكالة الاستخبارات المركزية في مرمى الاتهامات.
سيكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سعى لتعظيم انتقاد السعودية لأقصى درجة، واحداً من الجلوس على مأدبة الغداء. وانتقد وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو ترامب لـ "غض الطرف" عن عملية الاغتيال.
وقال متحدثٌ باسم أردوغان إنَّ الرئيس لن يجلس مع ولي العهد على انفراد، رغم التقارير السابقة التي أفادت باحتمالية حدوث ذلك.
مَن سيُصافح ولي العهد السعودي؟
ومن المرجح أن يُهيمن على الاجتماع الأول للمجموعة، سؤال كيفية التعامل مع الشبح الذي يطارد المأدبة؛ جمال خاشقجي. فقد قال جيرالد فايرستاين، وهو سفير أميركي سابق لدى اليمن: "أعتقد أنَّ ترامب لن تكون لديه مشكلة في مصافحة محمد بن سلمان، لكن سيكون مثيراً أن نرى ما إذا كانت تيريزا ماي أو إيمانويل ماكرون أو أنجيلا ميركل ستكون لديهم نفس مشاعر ترامب حيال هذا الأمر. وربما تكون هناك بعض اللحظات المحرجة حول المنضدة".
فيما أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يعاني من حالة "وخز الضمير" هذه، فهو خبيرٌ في مواجهة جهود الغرب لعزله عن طريق تقوية علاقاته مع المنبوذين، وسيكون سعيداً بالجلوس بجوار محمد بن سلمان. وقد يسعى شي جين بينغ لعقد لقاءٍ مع الأمير أيضاً.
أما ترامب، فإنَّ رفضه إدانة السعودية يُنظَر إليه باعتباره لحظة كاشفة في رئاسته، لحظة تُعبِّر تماماً عن النهج المصلحي اللامثالي الذي يتبعه على صعيد السياسة الخارجية، ويُميِّز إدارته عن سابقاتها، بحسب الصحيفة.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الأميركي ترامب سيعقد لقاءً خاصاً مع الأمير السعودي على هامش القمة. أما الصين، وهي دولة أخرى ذات وزن ثقيل في قاعة الاجتماع، تماماً كما هو الحال مع روسيا، فلم تُظهِر إلا قليلاً من الاهتمام بعملية الاغتيال.