دخل حوالي 650 ألف موظف حكومي تونسي في إضراب وطني عام، الخميس 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وذلك بعد أن رفضت الحكومة مطالب اتحاد الشغل برفع أجور الموظفين، في خطوة من شأنها زيادة التوتر في تونس.
وهذا التصعيد اختبار حقيقي لقدرة حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد على إدارة معركة قوية والمضيّ قدماً في خطط إصلاحات اقتصادية معطلة وسط أزمة سياسية واقتصادية حادة تعصف بالبلاد.
والحكومة تحت ضغط قوي من المقرضين الدوليين خصوصاً صندوق النقد الدولي الذي يحثها على تجميد الأجور في إطار إصلاحات للقطاع العام تهدف للحد من عجز الميزانية.
ورغم الإشادة بالانتقال الديمقراطي السلس في تونس فإن البلاد في قلب أزمة اقتصادية منذ ثورة 2011 التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، خصوصاً مع تفاقم البطالة وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية وهبوط قيمة الدينار التونسي.
ومن المتوقع أن يحتج في وقت لاحق اليوم الآلاف في تونس العاصمة وعديد المدن التونسية ضد قرار الحكومة تجميد الزيادات في الأجور.
وشمل الإضراب المدارس والجامعات والمستشفيات العامة إضافة للوزارات. وحافظت بعض الخدمات على الحد الأدنى لتسيير العمل.
وقال نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل الذي يتمتع بنفوذ قوي، إن الإضراب جاء بعد أن استنفد الاتحاد جميع الحلول بفشل المفاوضات وبعد أن رفضت الحكومة زيادة الأجور.
وأضاف أن "القرار السيادي لم يعد بأيدي الحكومة وإنما أصبح في أيدي صندوق النقد الدولي".
وتهدف الحكومة إلى خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 من حوالي 15.5% الآن، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم حسب صندوق النقد.
واتفقت تونس مع صندوق النقد الدولي في 2016 على برنامج قروض تبلغ قيمته نحو 2.8 مليار دولار لإصلاح اقتصادها المتدهور مع خطوات لخفض العجز المزمن وتقليص الخدمات العامة المتضخمة. لكن التقدم في الإصلاحات كان بطيئاً ومتعثراً.
"نداء تونس" "والنهضة" يتدخلان لكن ببيانات
حثت حركتا "نداء تونس" "والنهضة"، في بيانين منفصلين، الحكومة التونسية على عدم إغلاق باب التّفاوض مع الاتحاد العامّ للشغل (أكبر نقابة عمالية)، عشية إضراب للموظفين الحكوميين.
ودعت حركة "نداء تونس"، إلى التوصّل لحلول "تراعي التوازنات الماليّة العامّة للدّولة، وفي نفس الوقت تضمن للعمال والموظّفين القدرة على مواجهة التضخم".
وطالبت حركة "نداء تونس"، بصياغة خارطة طريق جديدة للخروج من الأزمة الحاليّة الخانقة في كنف الالتزام بالتعهّدات والالتزامات التي لا تتضارب مع المصلحة الوطنيّة.
كما عبّرت حركة "النهضة"، في بيان لها، عن تقديرها للعمل النقابي، ولدور الاتحاد العام للشغل، في إنجاح الانتقال الديمقراطي.
ودعت الحكومة ومختلف الأطراف إلى استئناف ومواصلة الحوار والتفاوض لضمان أفضل السبل للنهوض بالأوضاع الاجتماعية باعتبارها مسؤولية مشتركة.
وطالبت حركة "النهضة"، اتحاد الشغل" بضرورة "مراعاة إمكانيات الدولة وتوازناتها المالية".
والسبت، شدّد الأمين الأمين العام للاتحاد العام التّونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، على "تمسك الاتحاد بتنفيذ الإضراب".
وأشار الطبوبي، خلال تجمّع نقابي نفذه مئات العمال والموظفين أمام مقر الاتحاد بالعاصمة، إلى أنّ "700 ألف شخص يعملون بالمؤسسات الحكومية، ويعيلون أكثر من 3 ملايين فرد (من أفراد عائلاتهم)".
وفي وقت سابق، دعا الطبوبي إلى "ضرورة الزيادة في أجور الموظفين الحكوميين، وتعديل (رفع) القدرة الشرائية خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار، وتراجع قيمة الدينار بنسبة 40 بالمائة".