في الوقت الذي التزم فيه المسؤولون في الجزائر الصمت تجاه مبادرة الملك المغربي محمد السادس، بخصوص تشكيل "آلية لتجاوز الخلافات بين البلدين، كان الرد سريعاً من قبل الأحزاب الإسلامية الجزائرية ، على المبادرة التي أعلن عنها حزب العدالة والتنمية المغربي الحاكم.
وقبل أيام أعلن حزب العدالة والتنمية المغربي ذو المرجعية الإسلامية، عزمه تنظيم زيارة لبعض الأحزاب الجزائرية، من أجل بحث سبل الإسهام في تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين، وتجاوز كل الخلافات التي تحول دون تطوير مختلف مستويات التعاون بينهما.
حزب العدالة والتنمية المغربي "يتفاعل" مع خطاب الملك محمد السادس
قرّرت الأمانة العامة في حزب العدالة والتنمية المغربي تنظيم زيارة لبعض الأحزاب السياسية في الجزائر، من أجل بحث سبل المساهمة في تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين وتجاوز الخلافات التي تحول دون تطوير التعاون بين الجانبين.
وجاء قرار الحزب، يوم الثلاثاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تفاعلاً مع الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، الذي أكد فيه على أن "المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر، بغية تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين".
وجاء هذا قرار حزب العدالة والتنمية المغربي بعد الاجتماع الذي عقدته الأمانة العامة للحزب، نهاية الأسبوع الماضي، برئاسة الأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، الذي تطرق لمضامين الخطاب الذي وجَّهه الملك محمد السادس، والذي تضمن "دعوة صريحة" للجزائر من أجل العمل على تجاوز الخلافات الثنائية.
فكان الرد سريعاً من طرف الأحزاب الإسلامية الجزائرية
رد الأحزاب الجزائرية ذات المرجعية الإسلامية على مبادرة حزب العدالة والتنمية المغربي لم يتأخر كثيراً، وهي الردود التي أبانت عن مواقف متباينة لدى الأحزاب السياسية الإسلامية الجزائرية.
رئيس حركة مجتمع السلم، عبدالرزاق مقري، أحد أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر وأهمها "أشاد بمبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الداعية إلى فتح حوار مباشر بين الجزائر والرباط".
وأعلن مقري، وفق ما نقلته صحيفة "الشروق" الجزائرية، استعداده للقاء أحزاب مغربية والتواصل معها، قائلاً: "هذه اللقاءات ليست بالأمر الجديد، ولدينا بروتوكولات تعاون مع عدة أحزاب بدول أخرى".
واعتبر مقري أن مبادرات مثل هذه من شأنها أن تشجع التكامل الاقتصادي بين البلدين، وتفتح المجال لتحسين العلاقات بين الطرفين، وتغذي مبدأ حسن الجوار.
أما عن استعداده لعقد لقاءات مع حزب العدالة والتنمية المغربي ، فقد ذكر رئيس حركة مجتمع السلم المعارضة، أن العلاقات بين الحزبين قديمة وليست جديدة، وتم توثيقها عبر بروتوكول تعاون بين الحزبين، اللذين يحضران لقاءات ومؤتمرات واجتماعات الطرف الآخر، وليست مبنية على لقاء قد يتم عقده بعد مبادرة العاهل المغربي.
وأكد مقري أنه في حال وجود مبادرة لعقد لقاءات بين مجموعة من الأحزاب المغربية وأحزاب جزائرية، فهو كرئيس لحركة مجتمع السلم "يرحب دائماً بمثل هذه المبادرات، من منطلق أنه مستعد للحوار".
إلا أن عاد ليوضح أن مثل هذه المبادرات تتوقف على مواقف بقية الأحزاب في الجزائر أيضاً، مشدداً "نحن مع التواصل ونرحب بفتح أية حوارات، ومستعدون للقاء الجميع".
لكن أغلبها لم يكن مشجعاً على المبادرة المغربية
واعتبرت تقارير إعلامية جزائرية أن الأحزاب الإسلامية في الجزائر "جزمت بفشل مسعى نظرائهم من العدالة والتنمية المغربي".
الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، قال إن حزب العدالة والتنمية المغربي هو الحزب الحاكم في بلاده، ولهذا فإذا أراد اتخاذ خطوات عليه العمل باسم حكومة بلاده، على اعتبار أنه مسيّر الجهاز التنفيذي.
وشكّك ذويبي في تحقيق الخطوة التي أعلنها العدالة والتنمية المغربي، وأوضح لصحيفة "الشروق" الجزائرية: "أعتقد أن المنهجية لن توصله إلى ما يريد، فإذا أراد الوصول إلى نتائج معينة كان عليه أن يتخذ مبادرة في إطار رسمي عبر الحكومة التي يقودها، أما الأحزاب فليست إطاراً رسمياً، وليست لها القدرة على اتخاذ القرارات".
من جانبه، ذكر القيادي في جبهة العدالة والبناء، سليمان شنين، أن الحركة منفتحة على جميع الأحزاب المغاربية، بما في ذلك المغربية، حيث وجهت دعوة لهم في ملتقى الشيخين (الراحلين نحناح وبوسليماني) الذي نظمته بداية الأسبوع، لكنه أبدى تحفظه على مسعى حزب رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني، وأبدى "التزاماً مطلقاً بالدبلوماسية الجزائرية".
وقال شنين: "على المغرب رسمياً وحزبياً أن يتوقف على زرع التوترات"، مضيفاً: "وأن يتواصل معنا حزب العدالة والتنمية المغربي بمطلب واحد، وأجندة محلية تتطابق مع خطاب الملك محمد السادس، فهذا الأمر لا يتماشى مع نهج حركتنا".
خاصة عندما يتعلق الأمر بملفات الصحراء الغربية وفتح الحدود
وتأمل الأحزاب الجزائرية أن يحمل حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يقود الحكومة، بتجاوز الموقف الرسمي الذي تسوقه بشأن الصحراء الغربية، وألا يبقى أسير الموقف الأحادي، وبأن يعطي الحق للصحراويين في تقرير مصيرهم وفق مقتضيات اللوائح الأممية.
وبخصوص مسعى المغرب لإعادة فتح الحدود البرية مع الجزائر، قال القيادي في جبهة العدالة والبناء سليمان شنين إن "فتح الحدود مسألة ثانوية بين الطرفين، والأهم أن تتوقف الرباط عن المهاترات والزج بالجزائر واتهامها في المحافل الدولية.. العلاقات بين البلدان تبنى بالثقة وليس بالحملات العدائية".
بينما قال ذويبي: "هنالك قضايا تاريخية، وأسباب موضوعية لغلق الحدود، والأكيد أن ملفاً كهذا يجب أن يناقش بين حكومتي البلدين، وكل طرف يقدم وجهة نظره، ونحن كأحزاب نعمل لأجل مصلحة بلدنا"، وتابع: "ما يهمنا هو أمن بلدنا وحدودنا، واستقرار وطننا".