قالت صحيفة The Financial Times البريطانية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية الخليجية ، التي لطالما اعتبرت إسرائيل عدواً لها، في جهدٍ علنيّ على غير المعتاد، يُركّز على سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة.
وكشف نتنياهو، يوم الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول، أنَّه زار سلطان عمان، السلطان قابوس، الذي استقبل رئيس الوزراء وزوجته ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي.
ومن المقرر أن يتوجه وزير الاستخبارات والنقل الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأسبوع المقبل، إلى عُمان لحضور مؤتمر، ما يؤكد على رغبة تل أبيب تعزيز العلاقات الإسرائيلية الخليجية .
وفي مطلع الأسبوع الجاري بكت إحدى حلفاء نتنياهو البرلمانيين عندما عُزف النشيد الوطني الإسرائيلي في قاعة رياضية في أبوظبي، بعد فوز لاعب يهودي ببطولة للجودو.
بينما وصل وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرا، الثلاثاء 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لا تملك علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، لحضور مؤتمر آخر.
تعزيز العلاقات الإسرائيلية الخليجية لتحقيق مكاسب سياسية
تجنَّب معظم العالم العربي الدولة اليهودية منذ ولادتها عام 1948، لكنَّ نتنياهو يراهن على أنَّه يستطيع إقامة علاقات أقوى مع دول الخليج المؤثرة، على أساس المخاوف المشتركة بشأن إيران والمصلحة المشتركة في تعزيز العلاقات التجارية.
تأتي المبادرات الخليجية في لحظة سياسية مواتية لنتنياهو، إذ يتوقَّع محللون إسرائيليون إجراء انتخابات أوائل العام المُقبل، ويشيرون إلى أنَّ رئيس الوزراء -الذي يتولى أيضاً حقيبة الخارجية الإسرائيلية- يُمكن أن يعتبر العلاقات الإسرائيلية الخليجية المُحسّنة مكسباً سياسياً.
ووفقاً لشخص مطلع على المحادثات التي سبقت الزيارة، صوَّرت زيارة نتنياهو إلى عُمان -وهي الزيارة الأولى لزعيم إسرائيلي منذ عام 1996- ونُشرت إعلامياً بُناءً على طلب مكتب رئيس الوزراء.
وعلى الرغم من أنَّ إسرائيل حافظت على علاقات سرية مع دول الخليج منذ عشر سنوات على الأقل، لم يُعلن عن تلك العلاقات لأنَّ الزعماء العرب يشعرون بالقلق من إثارة غضب مواطنيهم ما دام النزاع الإسرائيلي الفلسطيني قائماً من دون حل.
فهل اقتضت مصالح مسقط استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي في عُمان؟
قطع سلطان عُمان، قابوس بن سعيد آل بوسعيدي، العلاقات مع إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية، لكنَّه استضاف بعض المحادثات التي أدت إلى الاتفاق النووي الإيراني، ويُنظر إليه كوسيط بين تل أبيب وطهران.
وتشارك دول خليجية أخرى إسرائيل مخاوفها من التوسع الإيراني في سوريا والعراق واليمن وأماكن أخرى.
استُبعدت عُمان بسبب علاقاتها القوية مع إيران، في ظل حالة الجفاء السياسي من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أنهت الاتفاق النووي مع إيران.
وقال إيلي أفيدار، الرئيس السابق للوفد الإسرائيلي إلى قطر، إنَّ زيارة من حليف غربي للولايات المتحدة ساعدت في تعزيز مكانة السلطان قابوس في واشنطن، بينما سمحت لنتنياهو بالإعلان عن مثال للتعاون و العلاقات الإسرائيلية الخليجية .
وأضاف أفيدار، الذي قدَّم استشارات أيضاً لرئيس الوزراء السابق أرييل شارون بشأن قضايا دبلوماسية، أنَّ "هذه الزيارة إلى عُمان لم تكن لتحدث لولا مصالح سلطنة عُمان".
انتقد مسؤولون إيرانيون زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى عُمان، غير أن عدداً قليلاً منهم يتوقع أن تبتعد مسقط عن طهران خلال سعيها إلى تحقيق توازن المصالح في منطقة الشرق الأوسط المنقسمة على نفسها.
وحتى "الجيل الأصغر" من قادة الخليج انخرطوا في التواصل مع إسرائيل
وفي حين أنَّ عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية متوقفة حالياً، فإنَّ إسرائيل لا تريدها أن تقف في طريق تطبيع العلاقات مع الدول الخليجية الغنية، التي تتبنى سياسات تَدَخُّلية بشكلٍ متزايد، بقيادة المملكة العربية السعودية.
لم يُظهر الجيل الأصغر لقادة دول الخليج العربي نفس تصميم قادتهم الأكبر سناً، على تجنُّب العلاقات الإسرائيلية الخليجية بسبب الصراع الفلسطيني، بل انخرطوا بدلاً من ذلك في تواصل غير رسمي مع تل أبيب.
وقال مايكل ستيفنز، زميل باحث في دراسات الشرق الأوسط في مركز أبحاث المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنَّ "إسرائيل تبني جداراً من الدول التي لديها مصالح معها يمكن أن تستخدمها كأداة نفوذ لإجبار إيران على التراجع".
وأضاف أنَّ "الفكرة هي تطويق إيران من جميع الجهات، إنّها المُعادل الدبلوماسي لأزمة صواريخ كوبا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي".
خطط سكك حديد من أجل التطبيع مع إسرائيل
في الأسبوع المقبل، سيتوجه وزير الاستخبارات والنقل الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى عُمان، لتقديم خطة بعيدة الاحتمال إلى حدٍّ ما لإنشاء خط سكة حديد يربط مدينة حيفا في شمال إسرائيل مع الخليج عبر الأردن.
حصلت تلك الخطة، المُلقبة "بخطط سكك حديدية من أجل السلام الإقليمي"، على موافقة نتنياهو، على الرغم من أنَّ جميع الدول المعنية باستثناء الأردن لا تزال تعتبر إسرائيل رسمياً دولة عدوة.
وقال أرييه شاليكار، أحد المستشارين، إنَّ "كاتس بصفته وزيراً للنقل سيذهب لحضور مؤتمر لوزراء النقل، لكنه سيذهب أيضاً بموجب وظيفته ذات المسؤولية المزدوجة، كجزء من ملف الاستخبارات الذي يتولاه".
وأضاف شاليكار: "نحن نرى بالفعل دولاً في الشرق الأوسط تتواصل وتتقارب تدريجياً مع بعضها البعض، وتتقارب معنا، ونحن على يقين من أنَّ اتصالات على نطاق أوسع وأكثر كثافة ستحدث على الأرجح".