قالت صحيفة New York Times الأميركية إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول إلى سلطنة عُمان هي الأولى من نوعها لرئيس وزراء إسرائيلي منذ 22 عاماً وتُعَد إشارة على علاقات أوثق لإسرائيل مع الدولة الخليجية المؤثرة التي طالما قامت بدور الوسيط الإقليمي.
اللقاء الذي أُجري مع حاكم سلطنة عُمان، السلطان قابوس بن سعيد، لم يعلن عنه الطرفان إلا بمجرد عودة نتنياهو إلى إسرائيل. ولا توجد بين البلدين علاقات دبلوماسية رسمية، خاصة أن سلطنة عُمان أغلقت مكتباً تجارياً إسرائيلياً في عُمان عام 2000 بسبب عداء السلطنة لإسرائيل على خلفية الانتفاضة الفلسطينية الثانية حسبما قال تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأميركية.
فتح قنوات خلفية مع إيران
بالنسبة لنتنياهو، قد يوفر تحسين العلاقات مع عُمان قناةً خلفية للتواصل مع بعض أعداء إسرائيل في المنطقة، حسبما قالت الصحيفة الأميركية.
إذ تمَّكنت سلطنة عُمان، التي تقع عند طرف شبه الجزيرة العربية، من الحفاظ على علاقات ودية مع دول معادية لبعضها البعض، مثل إيران والمملكة العربية السعودية.
وقد استضافت المحادثات السرية بين إيران والولايات المتحدة في عام 2013، والتي مهدت الطريق لإجراء مفاوضات أوسع للحد من طموحات إيران النووية، وكانت هناك تكهُّنات في إسرائيل يوم الجمعة بأنَّ عُمان يمكن أن تُمثِّل قناةً خلفية بين إسرائيل وإيران، العدو اللدود لإسرائيل حسب قول الصحيفة الأميركية.
بالنسبة لسلطنة عُمان، فإنَّ استضافة نتنياهو يمكن أن تكسبها حظوة لدى البيت الأبيض، الذي اتخذ موقفاً حزبياً قوياً تجاه دعم إسرائيل. وجاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى عُمان على خلفية تقارير تفيد بأنَّ إدارة ترمب قد تطرح قريباً خطتها للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبثَّ التلفزيون العُماني مقطع فيديو من دقيقتين للقاء، يظهر فيه عزفٌ موسيقي بالآلات النحاسية في الخلفية.
وقال مسؤولٌ إسرائيلي رفيع المستوى على دراية بتفاصيل الزيارة، طلب عدم الكشف عن هويته كي يتحدث عن مسائل سرية، إنَّه نظراً لصورة عُمان المعروفة كوسيط نزيه بالنسبة لجميع دول المنطقة، كانت هناك احتمالية بأن تفتح هذه العلاقة التي باتت معلنة الآن مع نتنياهو المزيد من الأبواب أمام إسرائيل.
وقال المسؤول إنَّه لم يستبعد إمكانية أن تصبح عُمان قناةً سرية لإسرائيل، ليس فقط مع إيران بل أيضاً مع سوريا.
وتتمتع عُمان كذلك بعلاقات جيدة مع أعداء إسرائيل الآخرين، بما في ذلك حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة.
لقاء في عُمان استغرق التجهيز له 4 أشهر
وفقاً لما ذكره المسؤول الإسرائيلي، كانت هذه الزيارة ثمرة أربعة أشهر من المفاوضات، وتأتي بعد سنوات عديدة من العلاقات السرية بين البلدين، بقيادة الموساد الإسرائيلي والسلطان قابوس، الذي يحكم عُمان منذ عام 1970.
وقال المسؤول إنَّ عُمان لديها فرصة لتُظهِر للغرب وجهاً ليبرالياً وحديثاً نسبياً للخليج، وجهاً يتوافق مع سياسات إدارة الولايات المتحدة.
تأمل إسرائيل، من جانبها، أن تؤدي الزيارة في نهاية المطاف إلى عودة نوع من التمثيل الدبلوماسي في عُمان. كانت إسرائيل تحتفظ بمكتب تجاري آخر في قطر إلى أن أُغلِق هو أيضاً في عام 2009.
وتدير وزارة الخارجية الإسرائيلية منذ سنوات حساباً على تويتر تسميه IsraelintheGC (إسرائيل في مجلس التعاون)، في إشارة إلى مجلس التعاون الخليجي، وهو تحالف سياسي واقتصادي مُؤلف من ست دول في شبه الجزيرة العربية يضم البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وليس لدى أي من هذه الدول علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.
تصف الوزارة الحساب بأنَّه "القناة الرسمية للسفارة الإسرائيلية الافتراضية في دول مجلس التعاون الخليجي، والمخصصة لتعزيز الحوار مع شعوب دول مجلس التعاون الخليجي".
في مقابلة أجراها العام الماضي مع صحيفة مملوكة لرجل أعمال سعودي مقرها لندن، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، إنَّ إسرائيل مستعدة لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الدول العربية المعتدلة كجزء من الجهود المبذولة ضد إيران.
عُمان ترغب في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين
جاءت زيارة نتنياهو بعد أيام من وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عُمان. وأعرب السلطان قابوس عن رغبته في التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لكنَّ إيهود يعاري، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمقيم في إسرائيل، قال إنَّ إسرائيل أكثر اهتماماً باستخدام سلطنة عُمان كقناة مع طهران.
وعلى الرغم من الحديث عن خطة سلام إسرائيلية فلسطينية، تستمر التوترات في التصاعد بين إسرائيل وغزة الخاضعة لسيطرة حركة حماس، الجماعة الإسلامية المسلحة التي تتنافس مع الرئيس عباس.
إذ قُتِل أربعة فلسطينيين بنيران إسرائيلية أمس الجمعة خلال احتجاجات أسبوعية عاصفة على طول حدود غزة. وقُتل كذلك أحد مسلحي غزة عندما انفجرت قنبلة كان يصنعها في منزله.
وقصفت طائرات إسرائيلية ثلاثة مواقع عسكرية لحركة حماس، وأطلق مسلحون من غزة وابلاً من أكثر من 12 صاروخاً قصير المدى على جنوب إسرائيل.
واعترضت إسرائيل العديد من الصواريخ، بينما لم تصب الصواريخ الأخرى أهدافها. وبعد منتصف الليل، ردت إسرائيل بمزيدٍ من الغارات الجوية.
تمثل الطبيعة العلنية لزيارة سلطنة عُمان انقلاباً بصورةٍ ما بالنسبة لنتنياهو، رئيس الوزراء المحافظ الذي لطالما تحدث عن علاقات إسرائيل السرية مع الخصوم العرب السابقين باعتبارها جزءاً من المحور السني ضد إيران الشيعية.
كما دعم نتنياهو سياسة "مقلوبة" يمكن فيها للدول العربية نفسها أن تقوم بالضغط على القيادة الفلسطينية من أجل تقديم التنازلات التي يحتاجها من أجل التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني نهائي.
رافق رئيس الوزراء في زيارته كلٌ من زوجته سارة، ومدير جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، وكبار المسؤولين من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ووزارة الخارجية ومدير مكتب رئيس الوزراء والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء.
وقال يوئيل غوجانسكي، الخبير الإسرائيلي في شؤون دول الخليج وإيران في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: "كانت الزيارة رمزية واستثنائية. والرمزية أمرٌ مهم جداً في الشرق الأوسط".
وأضاف غوجانسكي أنَّ السلطان قابوس (77 عاماً) واهنٌ، في حين أنَّ نتنياهو، الذي عانى من تحقيقات الفساد ويواجه اتهامات محتملة بالرشوة، مُقبِلٌ على عام انتخاباتٍ في إسرائيل. وتابع غوجانسكي أنَّ نتنياهو بزيارته لعُمان "يقول لأولئك الذين ربما شكَّكوا: 'انظروا، ها هو نهجي ينجح. لا أحد يهتم بالفلسطينيين، أنا مُرحَّبٌ بي في كل مكان، وهذه مجرد البداية'".
وفي إشارة أخرى على دفء العلاقات مع دول الخليج، سافرت ميري ريجيف، وزيرة الثقافة والرياضة اليمينية المستفزة في كثير من الأحيان، إلى الإمارات يوم الجمعة لمرافقة فريق الجودو الإسرائيلي في بطولة غراند سلام أبوظبي 2018 للجودو.