زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قصف تل أبيب مساء الأحد 26 مايو/أيار 2024، مخيم النازحين في رفح جنوب قطاع غزة أنه "خطأ مأساوي"، مؤكداً أنه "غير مستعد لإنهاء الحرب في قطاع غزة حتى تحقيق النصر"، فيما أكدت حماس أن الهجوم هو تحدّ من الاحتلال لمحكمة العدل الدولية.
في كلمته مساء الإثنين 27 مايو/أيار 2024، أمام الجلسة العامة للكنيست (البرلمان)، ادعى نتنياهو أن إسرائيل قامت "بإجلاء مليون من السكان غير المتورطين (في رفح)، ورغم جهودنا لعدم إلحاق الأذى بهم، فقد وقع خطأ مأساوي، ويجري التحقيق في القضية"، وفق تعبيره.
وزعم أن ما حدث "مأساة بالنسبة لنا، وبالنسبة لحماس فهي استراتيجية".
مساء الأحد، استشهد 45 فلسطينيا وأصيب العشرات، أغلبهم أطفال ونساء، في قصف إسرائيلي استهدف خيام نازحين في منطقة تل السلطان شمال غرب رفح، رغم أنها كانت ضمن المناطق التي زعم الجيش الإسرائيلي أنها "آمنة ويمكن النزوح إليها".
تحدّ لمحكمة العدل الدولية
في السياق، اعتبر القيادي بحركة "حماس" أسامة حمدان، أن توقيت تنفيذ إسرائيل مجزرتها الأخيرة بحق النازحين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، يؤكد تحديها لقرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة.
خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة اللبنانية بيروت، قال حمدان: "لليوم 234 على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه الهمجي وحرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في غزة".
كما أضاف أن إسرائيل "تواصل ارتكاب أبشع المجازر والمذابح التي لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث، في استهتار منها بكل القرارات الأممية والمواثيق الدولية".
ولفت إلى أن "آخر مجازر الاحتلال الإسرائيلي تلك كانت محرقة الخيام التي استهدفت آلاف النازحين في مخيماتهم برفح".
كذلك، اعتبر أن هذه المجزرة "جزء من مسار حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل" في غزة، و"تنفي ادعاءها بوجود أماكن آمنة" بالقطاع.
وشدد حمدان على أن "ادعاء الاحتلال الإسرائيلي وجود مسلحين في مكان مجزرة رفح أثناء تنفيذها هو ادعاء كاذب".
ثم أضاف أن "توقيت تنفيذ المجزرة هو إعلان تحد من حكومة نتنياهو لقرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة" التي أصدرت أمراً بوقف الهجوم على رفح.
أوروبا تطالب الاحتلال بالانصياع لـ"العدل الدولية"
في غضون ذلك، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن دول الاتحاد وافقت على تجديد مطالبة إسرائيل بتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية بشأن مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
كما أضاف بوريل، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أنه "يتعين على جميع أعضاء الأمم المتحدة، بما في ذلك إسرائيل، الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية".
وأشار إلى أن "دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى الإجماع اللازم لعقد مجلس شراكة مع إسرائيل لبحث الوضع في غزة، واحترام حقوق الإنسان".
وذكر أن "الاتحاد الأوروبي وافق على تجديد مطالبة إسرائيل بتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية بشأن رفح".
منظمات دولية تضغط على الاحتلال
من جهتها، طالبت منظمات دولية غير حكومية مجلس الأمن الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان مشترك، صادر عن 19 منظمة دولية غير حكومية، أبرزها منظمة أوكسفام، والمجلس النرويجي للاجئين، ومنظمة أكشن إيد، والمعونة الطبية للفلسطينيين.
وأشار البيان إلى وجود حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات فورية لدعم القانون الدولي وضمان التزام الحكومة الإسرائيلية بقرارات محكمة العدل الدولية.
كما أوضح البيان أن محكمة العدل الدولية طالبت إسرائيل بوقف هجماتها على رفح وفتح المعبر الحدودي مع مصر أمام المساعدات الإنسانية دون عوائق، مضيفاً أن المحكمة قررت أيضاً إتاحة المجال لمؤسسات الأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات المحتملة لاتفاقية الإبادة الجماعية في رفح.
إلى جانب ذلك، ذكر البيان أنه رغم قرارات محكمة العدل الدولية حول وقف الهجمات، فإن إسرائيل تواصل إراقة الدماء في قطاع غزة.
ومنذ 6 مايو/أيار الجاري تشن إسرائيل هجوماً برياً على رفح، احتلت خلاله المعبر الحدودي مع مصر، ما أدى إلى إغلاقه أمام عبور الجرحى ومساعدات إنسانية شحيحة بالأساس.
وأجبر الهجوم نحو 900 ألف فلسطيني على النزوح من رفح، التي كان يوجد فيها نحو 1.5 مليون شخص، بينهم حوالي 1.4 مليون نازح من مناطق أخرى في القطاع.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 117 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم أوامر من محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم البري على مدينة رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
كما تتجاهل إسرائيل اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها ووزير دفاعها؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.