تدرس الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على المتظاهرين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين الذين يمنعون المساعدات الإنسانية من دخول قطاع غزة، حسبما قال مسؤولون أمريكيون كبار لصحيفة واشنطن بوست، الإثنين 27 مايو/أيار 2024.
وبحسب ما نشرته الصحيفة الأمريكية، فقد تزايدت وتيرة هجمات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين على شاحنات المساعدات التي تمر عبر الضفة الغربية خلال شهر مايو/أيار الجاري.
حيث تقوم مجموعات من شباب المستوطنين بتتبع قوافل الإغاثة، وإقامة نقاط التفتيش، واستجواب السائقين وإحراق الشاحنات. وقد تعرض سائقو الشاحنات الفلسطينيون للاعتداء والضرب من قبل هؤلاء المستوطنين ونُقل بعضهم إلى المستشفى.
وبالإضافة إلى الهجمات على السائقين، قام بعض المستوطنين بإتلاف المساعدات التي يتم نقلها.
مجموعات واتساب
وأفادت واشنطن بوست بأن المهاجمين يستخدمون شبكة من مجموعات الواتساب التي يمكن الوصول إليها بشكل عام لتتبع الشاحنات وتنسيق الهجمات. ويُزعم أن العديد من هذه المجموعات يديرها يوسف دي بريسر، أحد قادة حركة "لن ننسى"، وهي المسؤولة عن إقامة مخيمات الاحتجاج عند معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة.
وتضم حركة "لن ننسى" حوالي 800 عضو على مجموعتها في واتساب.
ونفى دي بريسر أن تكون جماعته مسؤولة عن حرق الشاحنات؛ لكنه قال إنه لا يستطيع إدانة أعمال العنف.
وقال دي بريسر: "أنا سعيد بكل شاحنة لا تدخل غزة، ويسعدني أيضاً أن أرى النيران تشتعل فيها".
وأضاف أن حركة "لن ننسى" تدعم "تفكيك" الشاحنات وتتخذ إجراءات في بعض الأحيان بناءً على معلومات "داخلية"، بما في ذلك من عمال النقل وضباط الشرطة والجنود الذين يقول إنهم ضد إرسال "إمدادات إلى حماس".
ووفقاً لواشنطن بوست، فإن أعمال العنف والتخريب التي ترتكب مع الإفلات شبه الكامل من العقاب، تثير تساؤلات حول مدى استعداد قوات الأمن الإسرائيلية لكبح جماح المستوطنين المتطرفين وحماية الفلسطينيين.
كما أنه يتحدى ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأنها تبذل كل ما في وسعها لضمان تدفق المساعدات إلى غزة، حيث تدهور الوضع الإنساني بسرعة منذ توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح الجنوبية.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية أفادت بأن أفراداً من قوات الأمن الإسرائيلية ينقلون معلومات تتعلق بمواقع شاحنات المساعدات للناشطين اليمينيين المتطرفين والمستوطنين ما يمكّنهم من منع ومهاجمة قوافل المساعدات، بحسب مصادر.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم مجموعة "حركة الأمر 9" الإسرائيلية الرئيسية التي تقف وراء الحصار لصحيفة الغارديان، إن المستوطنين الذين يعترضون الإمدادات الإنسانية الحيوية إلى القطاع يتلقون معلومات حول موقع شاحنات المساعدات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيليين.
يذكر أن "حركة الأمر 9" تضم في صفوفها رجالاً ونساءً وحتى أطفالاً من المدارس الدينية، يجعلهم المنظمون يشاركون في وقفات منع عبور الشاحنات، بهدف زيادة الجوع في غزة.
"مجاعة شاملة"
وبينما ذكرت واشنطن بوست أن أي شاحنات تحمل الغذاء باتت عرضة للهجمات، قال عبده إدريس، رئيس اتحاد غرف التجارة الفلسطينية، إن "البيئة من حولنا تغذيها الكراهية والانتقام".
وتقول جماعات إنسانية إن غزة تعيش أحلك ساعاتها بعد نحو ثمانية أشهر من الحرب. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون فلسطيني نزحوا هذا الشهر بعد أن بدأت إسرائيل هجومها على رفح وأغلقت أهم المعابر البرية في القطاع أمام المساعدات.
وقال برنامج الأغذية العالمي مؤخراً إن الجزء الشمالي من القطاع يعاني بالفعل من "مجاعة شاملة"، وحذر مسؤولو الإغاثة من أنها تنتشر جنوباً.
يأتي ذلك بينما قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي إنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، بما في ذلك استخدام "تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب".
فيما أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً بوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية في رفح.
عقوبات أمريكية على المستوطنين
وفي الأشهر الأخيرة، بدأت إدارة بايدن في فرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية. في مارس/آذار 2024، فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد ثلاثة إسرائيليين ومزرعتين استيطانيتين غير قانونيتين، بدعوى أنهم استخدموا كقاعدة لشن هجمات ضد الفلسطينيين.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها فرض عقوبات على بؤر استيطانية في الضفة الغربية مرتبطة بالعنف ضد الفلسطينيين، بحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
وفي فبراير/شباط، فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد أربعة مستوطنين متهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.