كانت أول امرأة تعلن ترشحها للانتخابات الجزائرية لسنة 2024، هي زبيدة عسول، رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي منذ، القاضية السابقة والمحامية التي وقفت وسط المحاكم تُدافع عن معتقلي حراك الجزائر الذي أطاح بالعهدة الخامسة لبوتفليقة.
في هذا اللقاء الخاص مع "عربي بوست"، تحدثت زبيدة عسول عن دافع إعلانها الترشح للرئاسيات، والمشروع الذي ستقدمه للجزائريين، وأكدت أنها لن تكون "أرنب سباق" بل مرشحة تسعى إلى كسب أكبر عدد من الناخبين عبر صناديق الاقتراع.
وقالت زبيدة عسول إن الاستحقاقات القادمة يجب أن تكون فرصة للتغيير، لأن أغلب المواطنين غير راضين، وصناديق الاقتراع يمكن أن تظهر نسبة عدم الرضا عن فترة الولاية الحالية.
كنت أول من أعلن الترشح لرئاسيات الجزائر، هل يمكنك أن تحدثينا عن تفاصيل ما حدث قبل اتخاذك القرار؟ هل هو قرار فردي أم بدعم من جهة ما؟
كل سياسي يناضل من أجل المشروع الذي يؤمن به والذي يتماشى وطموحات أغلبية كبيرة داخل المجتمع، ويعمل على تجسيده من خلال الخوض في الاستحقاقات الرئاسية.
علماً بأن هذه الانتخابات الرئاسية تنظم في ظروف حساسة لما تشهده العلاقات الدولية من توترات وإعادة تشكيل موازين القوى.
أما عن الظروف الداخلية فإن مقاطعة الانتخابات لا تخدم مصالح المواطنين، لا سيما ما تعلق منها بالحريات الفردية والجماعية، وتكريس دولة القانون وتنمية شاملة ومستدامة في البلاد تحقق الأمان والرفاهية لكل المواطنين والمواطنات.
هذه الدوافع جعلت الحزب الذي أقوده يقرر في مجلسه الوطني المنعقد أول مارس/آذار 2024 تقديم ترشيحي للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها 7/9/2024. وسأعمل جاهدة على إقناع المواطنين والمواطنات بجدية المشروع الذي سأعرضه عليهم والذي يحمل تغيرات جوهرية في الحوكمة وتسيير الشأن العام وتكريس الشفافية والتقييم لأداء المؤسسات لتحقيق التنمية في كل مناطق الوطن وإرجاع الأمل للشباب من خلال مساهمتهم الفعالة في تجسيد الرفاهية والرقي في بلادنا.
هذه مسؤولية كل سياسي وهو ما أفعله من خلال ترشيحي.
تعتبرين ثاني امرأة في الجزائر بعد لويزة حنون التي تقرر خوض سباق الرئاسيات، ألست متخوفة من تحقيق نفس نتائج حنون التي كانت متواضعة لثلاث مرات؟
غريب أن يطرح دائماً هذا السؤال على المرأة التي تخوض العمل السياسي! لكن من حسن حظنا في الجزائر أن الدستور في بلادنا ومنذ الاستقلال مروراً بكل التعديلات التي أقرت مبدأ وهو المساواة بين المواطن والمواطنة في تقلد المناصب والوظائف بما فيها الترشح للرئاسيات.
أعتقد أن الرؤية التي أحملها تستجيب وتتلاءم مع تطلعات غالبية المواطنين والمواطنات الذين يطمحون إلى العيش في بلادهم بكرامة، متمتعين بحرياتهم الفردية والجماعية في ظل دولة القانون التي تضمن حماية المؤسسات والمواطن.
فكل الاحتمالات واردة بشأن نتائج هذه الانتخابات، المهم أنني سأقدم بديلاً جدياً، وأتمنى أن أنال ثقة أغلبية الناخبين والناخبات.
ألا تعتقدين أن دخول المرأة في سباق الرئاسيات في الجزائر هو مجرد "أرنب سباق" والنتائج تكون محسومة لمرشح السلطة؟
أعتقد أن هذه بروبجندا تعمل على التشكيك في كل القدرات الوطنية التي تزخر بها الجزائر، ومن يعتقد أن جزائر 2024 هي جزائر ما قبل 2019 هو مخطئ.
هناك وعي كبير لدى أغلبية كبيرة في البلاد تريد التغيير السلمي لنظام الحكم وتطمح إلى تجسيد دولة القانون وليس من سبيل إلى ذلك سوى الصندوق.
ومساري الطويل في مختلف المواقع والمسؤوليات التي تقلدتها تثبت أنني لم ولن أكن يوماً مجرد ديكور. والكلمة في النهاية ترجع للمواطنين والمواطنات الذين أطمح في نيل ثقتهم.
الجزائريون اليوم يبحثون عن سياسي جيد بغض النظر عن جنسه، سياسي يحمل مشروعاً سياسياً طموحاً يحقق لهم العيش الكريم في ظل دولة المؤسسات يعلو فيها القانون ولا يعلى عليه، سياسي نزيه وصادق يفعل ما يقول ويحترم ويحب شعبه ويكون قدوة له في الخضوع للقانون ويرفع راية البلاد بين الأمم ويجعل من النجاح حليفاً دائماً.
هل تعتقدين أنك راكمت رصيداً شعبياً من حراك الجزائر سيساعدك على تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات؟
اليوم وأنا أترشح للرئاسيات أطمح أن أقنع أغلبية المواطنين والمواطنات داخل وخارج الوطن من بينهم طبعاً الحراكيون الذين خرجوا بالملايين في كل ولايات ومناطق الوطن، وكذا جاليتنا المقيمة في المهجر والذين طالبوا بقوة وسلمي التغيير وبناء دولة القانون التي تضمن الحريات الفردية والجماعية.
وقد وقفت دفاعاً عن حريات الرأي والصحافة والتعددية السياسية من خلال عملي كمحامية، وأتمنى أن يشارك هؤلاء في الانتخابات وأن يختاروا مرشحة التغيير ويساهمون في تجسيد هذا المشروع على أرض الواقع.
نعرف أنك تنحدرين من تيار علماني ديمقراطي، هل يمكنك أن تخبرينا عن مشروع زبيدة عسول الانتخابي؟
أنا أنتمي إلى التيار الديمقراطي بالطبع ولا يمكنني أن أفصح عن برنامجي الانتخابي قبل استدعاء الهيئة الناخبة احتراماً للقانون، ولكن سأتناول الركائز الثلاث لبرنامجي باختصار:
- التوجه الاقتصادي في برنامجي اجتماعي ليبرالي، أي أنني سأركز على توفير المناخ المشجع للاستثمار الوطني والأجنبي وإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لخلق مناصب عمل للشباب المتخرج من المعاهد والجامعات والمدارس العليا.
سأعتمد على:
- نظام جبائي يضع حداً للتهرب الضريبي، ويشجع على المنافسة الشريفة ورفع الإنتاج وتحسين الجودة وبالتالي رفع القدرة الشرائية للمواطن .
- إصلاح عميق للإدارة يسمح بالشفافية والوصول إلى المعلومة ويضمن تكافؤ الفرص.
- إصلاح وتطوير المنظومة البنكية والنقدية.
- إعادة الاعتبار للكفاءات داخل وخارج الوطن في خدمة الاقتصاد الوطني.
- العناية بالأسرة بصفتها الخلية الأساسية لتكوين المجتمع من خلال:
- تكوين وعناية بالشباب المقبل على الزواج لتحضيرهم لمسؤولية الزواج والأبوة وتسيير شؤون الأسرة.
- إعادة النظر في المنظومة التربوية لتصبح المدرسة فضاء لتكوين المواطنة والعلم والمعرفة وتكوين الفكر المنفتح على العالم تجسيد مفاهيم التضامن والتسامح والمحبة واعتماد المناهج العلمية الحديثة والتكنولوجية وممارسة الرياضة المدرسية والثقافة.
- اعتماد منظومة صحية ترتكز على الوقاية وتطوير البحث لمواجهة الأمراض الحديثة.
- إحداث محكمة الأسرة ومدها بكل الإمكانيات البشرية لمساعدة القاضي في الحفاظ على تماسك أفراد العائلة والحد من ظاهرة الطلاق .
بعد إعلانك الترشح للانتخابات انتقدت الأوضاع الداخلية للبلاد، وقلت إن "وضع البلاد لا يمكن أن يتحسن في ظل النظام الحالي الحاكم"، هو يمكنك أن تقيمي لنا الولاية الأولى لعبد المجيد تبون، كامرأة قانون، وكسياسية؟ وما رأيك في ترشح تبون لولاية ثانية؟
أعتقد أن مرحلة الانتقال والمعاينة قد انتهت وحان وقت العمل في الميدان لإقناع المواطنين والمواطنات الذين يريدون التغيير أن يخرجوا بقوة للتصويت يوم 7/9/2024 وأن يختاروا مرشحة التغيير.
أما عن تقييم عهدة الرئيس الحالي فأحسن طريقة للتعبير عن الرضا أو عدمه هي الصندوق، وأعتقد أن أغلبية المواطنين والمواطنات غير راضين بالنظر إلى التراجع الكبير في الحريات الفردية الجماعية، اعتماد سياسة عقابية مفرطة، وغلق كل فضاءات الحوار والنقاش المتعدد، وهو ما جعل الجو العام خانق.
بالنسبة لحقه في الترشح إلى عهدة ثانية فالقانون يسمح له بذلك إلا أنه لم يعلن بعد عن نيته صراحة.
هل يمكنك تقييم نتائج الدبلوماسية والسياسية الخارجية لعبد المجيد تبون خلال الولاية الأولى؟
السياسة الخارجية للدولة يقرها ويوجهها رئيس الجمهورية بحكم الدستور، وقد كانت للجزائر عقيدة دبلوماسية تستمد جذورها من الرصيد النضالي والثوري للبلاد والتي جعلت الجزائر محل احترام المجموعة الدولية.
وتتمثل عقيدتنا الدبلوماسية في:
- عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان إلا إذا طلب منها ذلك في إطار المساعي الحميدة
- علاقة حسن الجوار مع دول الحدود
- تفادي النزاعات المسلحة والمشاركة في الحروب
- المساهمة في إحلال السلم والأمن الدوليين
برأيك هل استطاع عبد المجيد تبون خلال الولاية الأولى إخراج الجزائر من عزلتها الإقليمية التي عاشتها خلال السنوات الأخيرة من حكم بوتفليقة؟
بالنظر إلى موقعها الجيوستراتيجي يمكن للجزائر أن تلعب دوراً محورياً بين دول الغرب وأفريقيا من جهة وبين دول المتوسط وأفريقيا الساحل من جهة أخرى لاستقرار وأمن كل المنطقة.
ولكن ونظراً لتراجع السياسة الخارجية في السنوات الاخيرة ومنذ مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (رحمه الله) يجب إعادة النظر في السياسة الخارجية ضمن استراتيجية محكمة تكون في خدمة مصالح البلاد بالدرجة الأولى واستقرار وأمن الفضاءات الأفريقية والمتوسطية.
وتبقى في النهاية السياسة الخارجية مرهونة بمدى توفر رؤية واضحة وتوفير كل ظروف وإمكانات نجاحها.
فإذا رجعنا إلى التطورات الأخيرة التي تعيشها بلدان الساحل والأزمة الليبية وتقسيم السودان، بسبب تدخلات أطراف أجنبية عديدة، وتوتر العلاقات وعدم استقرارها أحياناً مع بعض دول شمال المتوسط والتحولات الجيوسياسية التي تنبئ بمخاطر في الأفق فإنه من الضروري إعادة التفكير في سياستنا الخارجية بما يضمن مصالح البلاد وتعزيز العمل الدبلوماسي لحل كل النزاعات الحالية والمحتملة.