لم يتبقَّ لدى الفلسطينيين النازحين في وسط وجنوب قطاع غزة سوى ما يكفي من الغذاء لمدة أسبوع، بعد أن استولت إسرائيل على معبر رفح الحدودي الأسبوع الماضي، بحسب ما ذكره موقع ميدل إيست آي البريطاني، الثلاثاء 14 مايو/أيار 2024.
وكان الجيش الإسرائيلي قد سيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر، مما أدى إلى قطع المساعدات عن القطاع الساحلي.
ونقل الموقع البريطاني عن جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة اللاجئين الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، قولها إن 6 شاحنات فقط من المواد الغذائية دخلت إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم منذ أن استولت إسرائيل على معبر رفح.
وقالت توما إن "الحد الأدنى" لعدد الشاحنات المطلوبة هو 500 شاحنة يومياً، تحمل "مزيجاً من الوقود وإمدادات الإغاثة والإمدادات التجارية". ومنذ استيلاء جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح، بلغت كمية الوقود التي وصلت إلى غزة 157 ألف لتر من الوقود، بينما تكون هناك حاجة يومياً إلى 300 ألف لتر يومياً، بحسب ما أفادت توما.
ومع وصول القليل جداً من الشاحنات، تتضاءل الإمدادات الغذائية وترتفع الأسعار. وبينما تدمر "المجاعة الشاملة " شمال غزة، وصفت مصادر في وسط وجنوب غزة الوضع بـ"البائس" الذي يمكن أن يتحول إلى "أزمة حقيقية" في غضون أيام.
واضطر الفلسطينيون، الذين شُردوا أكثر من مرة بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى مغادرة رفح التي تتعرض لغزو إسرائيلي وقصف مستمر. ووفقاً للأونروا، فر ما يقرب من 450 ألف شخص من المدينة الواقعة جنوب غزة منذ أن شنت إسرائيل هجومها هناك الأسبوع الماضي.
ليس هناك مكان آمن
وقد تفاقمت أوضاع هؤلاء النازحين خاصة في ظل عدم وجود أي مكان آمن أو مناسب للذهاب إليه. ويتجه العديد منهم على بُعد بضعة كيلومترات شمالاً إلى مدينة خان يونس أو إلى دير البلح. وما زالت إسرائيل تقصف المدينتين، وتحولت دير البلح إلى مدينة من الخيام، غير قادرة على استيعاب التدفق الهائل للاجئين.
ويخشى الكثيرون الذين يعيشون الآن في مخيمات مترامية الأطراف أو ملاجئ مكتظة في مدارس رفح من أن يضطروا إلى الانتقال مرة أخرى، للمرة الخامسة أو السادسة في بعض الأحيان، بحثاً عن الأمان إذا زادت حدة الهجمات الإسرائيلية.
ونقلت صحيفة الغارديان عن غادة اللباد (46 عاماً) من مخيم جباليا قولها: "نحن متعبون للغاية، حيث انتقلنا إلى 8 أماكن منذ أن غادرنا منزلنا في بداية هذه الحرب". وأضافت: "الآن سنتجه شمالاً بحثاً عن الأمان".
مجاعة جديدة في مناطق النزوح
وقال الصحفي الفلسطيني من دير البلح محمد الحجار: "من الممكن أن نشهد مجاعة جديدة في مناطق النزوح. النازحون قلقون للغاية بشأن نقص الإمدادات. هناك أزمة كبيرة أيضاً تتعلق بنقص المياه الصالحة للشرب".
وأضاف أنه لا توجد مصادر للمياه ولم تعد المياه المعبأة تدخل إلى غزة.
كما يشهد القطاع أوضاعاً مأساوية شملت أيضاً اختفاء البضائع من الأسواق، حتى إن بعض الأصناف مثل البطاطس والخضراوات الأخرى لم تكن متوفرة منذ أسبوع.
وقالت إيمان محمد، معلمة الرياضيات في دير البلح، لموقع ميدل إيست آي: "لم يتبق سوى القليل من الخضراوات، مثل الطماطم والبصل والخيار والثوم، والقليل من البقوليات، مثل العدس والفول. لم يعد هناك دجاج ولا بيض ولا مناديل وقد اختفت أشياء أخرى كثيرة".
وأضاف الصحفي الحجار أن "التواجد المفاجئ لآلاف النازحين خلق حالة من الفوضى في أسواق دير البلح".
وقال: "لقد تضاعف سعر الخبز ثلاث مرات في غضون يومين. وتضاعف سعر الدقيق ثلاث مرات تقريباً، ومن الممكن أن يصل إلى خمسة أضعاف اليوم. هناك أزمة سيولة ونقد كبيرة في العديد من مناطق غزة استمرت خلال الأشهر القليلة الماضية. لا يمكن للناس شراء الأشياء بمثل هذه الأسعار المرتفعة".
معاناة المنظمات غير الربحية
ولا تقتصر المعاناة التي يشهدها السكان في غزة على المواطنين بل تمتد لتشمل المنظمات التي تقوم بتوزيع الوجبات الساخنة في غزة.
بحسب رفيق المدهون، أحد الغزاويين الذين يعملون مع إحدى المنظمات غير الربحية التي تشرف على توزيع الوجبات على سكان القطاع، تمتلك المنظمة 16 مطبخاً ميدانياً: 10 في رفح وخان يونس وستة في وسط غزة. وقال المدهون إنهم يعتزمون إنشاء خمسة آخرين قريباً جداً.
ووصف المدهون الوضع في جنوب ووسط غزة بـ"البائس"، وقال لموقع ميدل إيست آي إنه "من المستحيل" في الوقت الحالي الحصول على الغذاء من خارج القطاع الساحلي بسبب القيود المفروضة على الحدود.
وأضاف: "بدعم من برنامج الغذاء العالمي، تبقى لدينا بعض المواد الغذائية. ونقوم بطهي وجبات ساخنة لإطعام النازحين في مختلف المناطق".
ومع ذلك، يحاول المدهون وزملاؤه بذل قصارى جهدهم بما تبقى لديهم.
وقال المدهون: "نحاول أن نكون اقتصاديين للغاية فيما يتعلق بالمخزون الذي لا يزال لدينا. ومن غير الواضح متى سينتهي هذا الحصار ومتى ستدخل المساعدات إلى غزة".
وأضاف: "إذا استمر هذا الوضع لأسبوع آخر فلا أعتقد أننا سنكون قادرين على توفير المزيد من الغذاء؛ لأن الطلب مرتفع للغاية وعدد النازحين القادمين إلى وسط غزة كبير للغاية".
مما يزيد الطين بلةً هو أن المطابخ الميدانية التابعة للمنظمة التي يعمل لديها المدهون تحصل على خضراواتها من الأسواق المحلية، لكن الأسعار مرتفعة للغاية الآن.
ورغم أن بعض أعمال الزراعة لا تزال تجري في غزة، فإن الإنتاج قد انخفض بشكل كبير بسبب القيود المفروضة على إدخال البذور والأسمدة إلى غزة، ولأن معظم الأراضي الزراعية في القطاع الساحلي قد تم تدميرها، وفقاً للمدهون.