واجهت السلطات الأمنية في عدد من المدن والعواصم الأوروبية مظاهرات الطلاب تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بجرائم الاحتلال في غزة والقمع، وعمدت إلى تفريق العديد من التجمعات بالقوة، في الوقت الذي تتسع فيه رقعة الاحتجاجات لتصل إلى العديد من الجامعات الجديدة.
وشهدت جامعات في اليونان وبرلين وسويسرا وهولندا مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والطلاب المتظاهرين الذين رفعوا شعارات تندد بجرائم الاحتلال في غزة.
اشتباكات في أمستردام
فقد اشتبكت الشرطة مع متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين أثناء مسيرة ضمت الآلاف في العاصمة الهولندية أمستردام، غداة اقتحام قوات الأمن مخيماً في جامعة أمستردام وفض احتجاج بالقوة.
وشوهد أفراد الشرطة وهم يمنعون المتظاهرين من المرور بجوار نصب المحرقة التذكاري في أثناء توجههم نحو وسط مدينة أمستردام.
وعندما وصل المتظاهرون إلى موقع مركزي في جامعة أمستردام، أقاموا حواجز أمام مباني الجامعة.
في وقت سابق، تجمع حشد من عدة مئات ورددوا شعارات مناهضة للعدوان على غزة، ونددوا بالعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة.
وهتف المتظاهرون "حرة، فلسطين حرة!"، و"في الاتحاد قوة".
وأظهرت منشورات ومقاطع مصورة للاحتجاج أن الشرطة استخدمت جرافة لإزالة حواجز نصبها المحتجون واحتجزت نحو 169 منهم في عملية تخللتها اشتباكات اتسمت في بعض الأحيان بالعنف.
ودعا أعضاء بهيئة التدريس وموظفون في جامعة أمستردام، أغضبهم تصرف الشرطة، إلى احتجاج آخر بعد ظهر اليوم.
وقالت جماعة تطلق على نفسها اسم (علماء هولنديون من أجل فلسطين) في بيان: "تحدث الطلبة والموظفون عن استخدام الشرطة لرذاذ الفلفل والهراوات والكلاب البوليسية والجرافات لفض احتجاجهم بالقوة. ووقعت إصابات بسبب هذا العنف المفرط".
كما أضافت: "نؤكد بحزم وبشكل لا لبس فيه على حق الطلبة والأكاديميين في تنظيم الاحتجاجات. ونستنكر اعتماد إدارة جامعة أمستردام على استخدام العنف بدلاً من الحوار بشأن مطالب الطلاب المبررة".
مواجهات عنيفة في اليونان
فقد اندلعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين خلال مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في وسط العاصمة اليونانية أثينا غداة شن الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً وجوياً على جزء من شرق رفح بقطاع غزة.
ولوّح ما يربو على 300 شخص بالأعلام الفلسطينية واحتشدوا خارج مبنى البرلمان في أثينا.
فيما قال المحتج أنطونيس دافانيلوس، وهو متقاعد يبلغ من العمر 60 عاماً: "نحن هنا لإظهار تضامننا وسنقدم دعمنا عندما يطلب منا الفلسطينيون ذلك".
بينما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعة صغيرة من المتظاهرين الذين تسلقوا بوابة السفارة المصرية التي تقع مقابل البرلمان لكن الاشتباكات لم تستمر طويلاً.
الشرطة تفرق مظاهرة في سويسرا
فقد قالت إدارة المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا إن الشرطة بدأت تفريق محتجين مؤيدين للفلسطينيين في المعهد، وذلك بعد امتداد الاحتجاجات الطلابية إلى جامعات في مدن عدة.
وأقام طلاب خياماً في جامعة لوزان الأسبوع الماضي وامتدت الاحتجاجات منذئذ إلى ثلاثة مواقع أخرى على الأقل في زيوريخ وجنيف ولوزان.
بينما قال المعهد: "يرى المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ نفسه مكاناً تستطيع فيه الآراء ووجهات النظر المختلفة التعبير عن نفسها بشكل معلن، بل وينبغي لها ذلك. لكن المعهد لا يقبل بأي أفعال غير مصرح بها"، مضيفاً أن المحتجين طُلب منهم أكثر من مرة مغادرة المبنى قبل وصول الشرطة.
وأظهر مقطع مصور للاحتجاج على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق متظاهرين يحملون الكوفيات والأعلام الفلسطينية ويهتفون "فلسطين حرة" و"تحيا فلسطين".
وذكر طلاب في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أن هناك احتجاجات بدأت أيضاً في جامعة جنيف ومعهد الفنون التطبيقية الاتحادي في لوزان اليوم الثلاثاء.
كما ردد مئات الطلاب في جامعة لوزان أمس الإثنين هتاف: "نحن جميعاً أبناء غزة"، على مرأى من فرد أمن واحد فحسب. وورد في بيان لجامعة لوزان أن الإدارة طلبت منهم الابتعاد، لكنهم ظلوا في المبنى الثلاثاء. وأيّد بعض أعضاء هيئة التدريس الطلاب.
مظاهرات في بروكسل
في بلجيكا أيضاً، نظم طلاب جامعيون، الثلاثاء، احتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ أكثر من نصف عام، مطالبين المجتمع الدولي بوقف "اعتداءات" تل أبيب على مدينة رفح جنوب القطاع.
في العاصمة بروكسل، تظاهر طلاب جامعة "فري" في ساحة معهد الفيزياء بالحرم المركزي للجامعة.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات تحمل شعارات مؤيدة للفلسطينيين مثل "فلسطين تدافع عن الإنسانية".
وقال الطلاب في بيان، إن هدفهم من الاحتجاجات هو "دعوة المجتمع الدولي إلى وقف الهجمات الإسرائيلية على رفح". وأوضح البيان أنه من المتوقع استمرار تلك الاحتجاجات لثلاثة أيام سيقاطعون خلالها الدروس الجامعية.
في جامعة "غنت"، طالب عدد من الطلاب المحتجين إدارة الجامعة بقطع جميع علاقاتها مع المؤسسات "المتواطئة بشكل مباشر أو غير مباشر في الإبادة الجماعية" الإسرائيلية المستمرة في غزة، وفق وسائل إعلام محلية.
تأتي هذه الاحتجاجات بالتزامن مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح الإثنين بدء عملية عسكرية في رفح زعم أنها "محدودة النطاق"، وتوجيه تحذيرات إلى 100 ألف فلسطيني بـ"إخلاء" شرق المدينة قسراً والتوجه إلى منطقة المواصي جنوب غرب القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول تشن إسرائيل بدعم أمريكي حرباً على غزة خلفت نحو 113 ألفاً بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.