مع ساعات صباح الإثنين 6 مايو/أيار 2024، بدأ الاحتلال الإسرائيلي تحركاته في مدينة رفح، التي هددها على مدار شهور، فبدأ بنشر بيانات تطالب السكان بإخلاء المناطق الشرقية، فيما تضاربت الأنباء حول توقف معبر رفح الذي يقع ضمن المناطق التي حددها الاحتلال للإجلاء.
وبالنظر إلى تحركات الاحتلال والخرائط التي قام بتوزيعها على السكان، إضافة إلى المعلومات التي نشرها الإعلام الإسرائيلي صباح الإثنين، يشير ذلك إلى أن أحد أهدافه محور فيلادلفيا، الذي يضم معبر رفح، إضافة إلى حرصه على عدم حدوث هجرة فلسطينية إلى الجانب المصري، وسط اتصالات مع القاهرة بهذا الشأن.
معبر رفح يعمل كالمعتاد
ووسط الحديث عن توقف معبر رفح، أفادت مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، الإثنين 6 مايو/أيار 2024، بأن معبر رفح لا يزال يعمل كالمعتاد، نافية إغلاق المعبر، وذلك بعد أنباء عن توقفه عن العمل، وسط حديث عن بدء الاحتلال عمليات إجلاء للسكان في مربعات محددة في مدينة رفح.
المصادر ذاتها أشارت إلى أن حركة الشاحنات وإدخال المساعدات متوقفة منذ ظهر الأحد بين معبري رفح وكرم أبو سالم.
لكن وبالنظر إلى الخرائط التي نشرها الاحتلال صباح الإثنين، فإنها تشير إلى أن منطقة معبر رفح من الجانب الفلسطيني ضمن نطاق المناطق المستهدفة لدى الاحتلال، وقد طالب السكان بمغادرتها، وهو ما لمح إليه الإعلام الإسرائيلي.
وحول ما نشر عن المكعبات الإسمنتية الموجودة على الجانب المصري للمعبر، فإن مصادر لـ"عربي بوست" أكدت أنها ليست جديدة، وهي موجودة سابقاً، وغير مرتبطة بتحرك الاحتلال صباح اليوم تجاه مدينة رفح.
الاحتلال تواصل مع مصر وحذر السكان من الاقتراب من الحدود
وبالنظر للمنشورات التي أسقطها الاحتلال الإسرائيلي، فإنه يظهر بوضوح تحذير الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين من الاقتراب تجاه الحدود الجنوبية في إشارة إلى الحدود مع مصر، ما يظهر أن تل أبيب معنية بتبديد مخاوف القاهرة من تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
في الوقت ذاته فقد أفادت اذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا مصر خلال ساعات الليلة الماضية، ببدء عملية إخلاء الفلسطينيين من المناطق الشرقية لرفح، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من القاهرة حول ذلك حتى كتابة هذا الخبر.
إلى جانب ذلك، أشار موقع "وللا" الإسرائيلي إلى أن هذه الخطوة هي الأولى باتجاه التوغل البري المخطط له نحو رفح ومحور فيلادلفيا.
حيث أضاف أنه وفقاً للجداول الزمنية المحددة لإنهاء عملية إخلاء الفلسطينيين من المناطق الشرقية، سيتم اعتبار أن كل من يتحرك في تلك المنطقة ضمن دائرة الاستهداف، كونها "منطقة عمليات قتالية".
كما كشفت أنه تم تكليف ثلاث فرق، وهي 162 و98 و99، للمشاركة في العملية البرية في رفح.
ومعبر رفح، الواقع بين مدينة رفح الفلسطينية في قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء في مصر، يعتبر البوابة الوحيدة وشريان الحياة المتبقي أمام سكان القطاع المحاصرين من كل الجهات، من أجل الخروج إلى العالم.
إذ تتم من خلال هذا المعبر جميع عمليات تنقل الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة إلى مصر، ثم إلى وجهاتهم المختلفة، وذلك وفقاً لاتفاقية المعابر بالشراكة بين الإدارتين الفلسطينية والمصرية، تحت إشراف الاتحاد الأوروبي.
في 4 فبراير/شباط 2024، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن مناقشات تجري بين أمريكا ومصر وإسرائيل، حول نقل معبر رفح في محور فيلادلفيا، ليصبح معبر كرم أبو سالم البديل عنه.
مصادر لـ"عربي بوست" كشفت أنه خلال الأسابيع الماضية، قام الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع معبر كرم أبو سالم، ووضع فيه بوابات حديدية خاصة بتنقل الأشخاص، مما يعزز فرضية استخدامه كبديل عن معبر رفح مع بدء اجتياح مدينة رفح.
أهمية محور فيلادلفيا
يعد محور فيلادلفيا شريطاً حدودياً ضيقاً داخل أراضي قطاع غزة، يمتد بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر الأبيض المتوسط.
ووفقاً لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، تم الاتفاق بين مصر و"إسرائيل" على اعتبار هذا المحور منطقة عازلة، كان يخضع لسيطرة وحراسة "إسرائيل" قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة في عام 2005.
في العام ذاته، وقعت "إسرائيل" مع مصر بروتوكول "فيلادلفيا" الذي سمح للقاهرة بنشر مئات الجنود لتأمين هذه المنطقة٬ كقوة شرطية خفيفة التسليح "لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود".
ويهدف الاتفاق المتعلق بمحور فيلادلفيا إلى:
- منع عمليات التهريب بين رفح الفلسطينية والمصرية.
- منع الهجرة بين المنطقتين.
لماذا يريد الاحتلال اجتياح محور فيلادلفيا؟
بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، أصبح المحور خاضعاً لها من الجانب الفلسطيني، وهو الوضع الذي يرفضه الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ حرب عام 2008/2009 على قطاع غزة، أعلن الاحتلال الإسرائيلي عزمه اجتياح محور فيلادلفيا، وذلك بهدف تدمير الأنفاق الممتدة بين رفح الفلسطينية والمصرية، لمنع تدفق الأسلحة.
ورغم الإجراءات التي اتخذها النظام المصري بعد عام 2013، والتي شملت إنشاء منطقة عازلة، وإزالة المنطقة السكنية بمدينة رفح المصرية، وتدمير عدد كبير من الأنفاق، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يزعم وجود أنفاق عسكرية للمقاومة الفلسطينية، ما زالت تنشط بتهريب الأسلحة، الأمر الذي تنفيه القاهرة.
ويشكل اجتياح محور فيلادلفيا المحتمل تعدياً أمنيا على مصر واتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، ولذلك تكثفت الاتصالات بين الجانبين للتوصل إلى تنسيق مشترك بينهما بشأن المحور في المرحلة المقبلة.