تسود حالة من الترقب داخل تل أبيب من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد قادة إسرائيليين، لا سيما بعدما حصلت المحكمة على شهادات من طواقم طبية في غزة، فضلاً عن ترقب آخر حول المباحثات التي تجري في القاهرة حول مقترح هدنة جديدة بالقطاع.
"شهادات طبية"
وكالة رويترز نقلت عن مصدرين الإثنين 29 أبريل/نيسان أن مدعين من المحكمة الجنائية الدولية أجروا مقابلات مع عاملين في أكبر مستشفيين في غزة، في أول تأكيد على تحدث محققين من المحكمة إلى مسعفين بشأن وقوع جرائم محتملة في قطاع غزة.
المصدران اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما قالا إن محققي المحكمة حصلوا على شهادات من موظفين عملوا في مستشفى الشفاء، وهو المركز الطبي الرئيسي في مدينة غزة بشمال القطاع، ومن آخرين عملوا في مستشفى ناصر، المركز الطبي الرئيسي في خان يونس بجنوب القطاع. ورفض المصدران تقديم مزيد من التفاصيل تعللاً بمخاوف على سلامة الشهود المحتملين.
بينما قال أحد المصدرين إن أحداثاً وقعت في المستشفيات قد تصبح جزءاً من التحقيق الذي تجريه المحكمة التي تنظر في قضايا جنائية ضد أفراد متهمين بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، فضلاً عن الإبادة الجماعية والعدوان.
ورفض مكتب المدعي العام للمحكمة التعليق للوكالة على مسائل تنفيذية في تحقيقات جارية، معللاً ذلك بوجوب ضمان سلامة الضحايا والشهود.
مخاوف من مذكرات الاعتقال
في المقابل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة، إن أي تحرك للجنائية الدولية لن يؤثر على تصرفات إسرائيل لكنه "سيشكل سابقة خطيرة تهدد الجنود والشخصيات العامة".
لكن صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، الإثنين 29 أبريل/نيسان 2024، قالت إن المخاوف تراود مسؤولين إسرائيليين من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال "سراً" ضد قادة حكوميين وعسكريين، و"إنهم ربما لن يواجهوها إلا عند سفرهم إلى دول أوروبية دون سابق إنذار".
الصحيفة أشارت إلى أن "مقربين من رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو يمارسون الترهيب بحق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كريم خان ويحشرونه في الزاوية"، دون مزيد من التفاصيل، لافتة إلى أن "رجل نتنياهو يتصرف مثل فيل في متجر للخزف الصيني".
مباحثات القاهرة
وعلى صعيد المفاوضات، يغادر وفد إسرائيلي إلى القاهرة الثلاثاء، لعقد مناقشات مع مسؤولين مصريين بشأن الهدنة في قطاع غزة، بحسب صحيفة هآرتس، مشيرة إلى أنه "سيكون محور محادثات الوفد المهني، الذي لا يضم كبار أعضاء المنظومة الأمنية، مطلب حماس بوقف كامل لإطلاق النار".
لكن ذكرت قناة القاهرة الإخبارية التابعة للدولة في مصر في وقت متأخر من مساء الإثنين أن وفداً من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) غادر القاهرة، مضيفة أن الوفد سيعود مجدداً برد مكتوب على اقتراح لوقف إطلاق النار في غزة.
ووصل صباح الإثنين وفد قيادي من حركة حماس برئاسة خليل الحية إلى القاهرة لإجراء مناقشات موسعة مع الوسيط المصري بشأن الوقوف على بعض النقاط التي تضمنها الرد الإسرائيلي على ورقة حماس بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
بايدن يهاتف السيسي
وقبل انطلاق مباحثات الثلاثاء، حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الأمريكي جو بايدن، الإثنين، مستجدات المفاوضات الجارية للتوصل إلى تهدئة في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه السيسي من بايدن، وفق بيان للرئاسة المصرية، وسط محادثات مصرية جارية مع أطراف الهدنة لوقف الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأفادت الرئاسة المصرية، في البيان ذاته، بأن "الاتصال الهاتفي تناول آخر مستجدات المفاوضات الجارية والجهود المصرية للتوصل إلى تهدئة في غزة ووقف إطلاق النار وتبادل الرهائن (الأسرى)".
الرئاسة أضافت أن الرئيسين شددا خلال الاتصال الهاتفي "على خطورة التصعيد العسكري (الإسرائيلي) في مدينة رفح الفلسطينية؛ لما سيضيفه من أبعاد كارثية للأزمة الإنسانية المتفاقمة بالقطاع، فضلاً عن تأثيراته على أمن واستقرار المنطقة".
والأحد، هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رئيس الوزراء نتنياهو بحل الحكومة في حال وافق على المقترح المصري للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع حركة "حماس"، وأوقف اجتياح رفح جنوبي قطاع غزة.
وعن العملية العسكرية المحتملة في رفح جنوبي القطاع، قال المسؤول الإسرائيلي: "في الآونة الأخيرة، أصبحت العملية العسكرية في رفح هي الرافعة الرئيسية للضغط على حماس لتنفيذ الصفقة".
وتابع: "هناك استعداد في إسرائيل لتأجيل العملية المخطط لها لبضعة أشهر مقابل المرحلة الأولى من الصفقة وإطلاق سراح عشرات المختطفين الإسرائيليين".
صفقة التبادل
وفيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، قالت "هآرتس": إن "حماس وافقت على إطلاق سراح 33 محتجزاً في المرحلة الأولى للصفقة المتبلورة، من النساء والمجندات وكبار السن والمرضى والجرحى، بينما تصر إسرائيل على أنه إذا كان عدد المفرج عنهم في الصفقة أقل من 40، فإن الهدنة ستستمر أقل من ستة أسابيع".
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل وافقت على الخطوط العريضة للصفقة المتمثلة في عودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة، وتحريك مواقع التفتيش العسكرية المتواجدة شمال القطاع، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية، وكذلك إطلاق سراح أسرى فلسطينيين أدانتهم إسرائيل بقتل مواطنيها.
وفي وقت سابق الإثنين، كشف وزير خارجية مصر سامح شكري، عن وجود مقترح فعلي على طاولة المفاوضات بشأن الوصول لهدنة في قطاع غزة، داعياً الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لدراسته.
ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".