يعاود الملف الداخلي اللبناني التحرك، وذلك من خلال مجموعة من المسارات الداخلية والخارجية، آخرها معاودة سفراء اللجنة الخماسية الخاصة في لبنان نشاطهم في ملف انتخاب رئيس للجمهورية، بحسب ما أكدته مصادر دبلوماسية لـ"عربي بوست".
يأتي الحراك الدبلوماسي والسياسي لتحريك ملف الرئاسة بلبنان وسط التصعيد المستمر في جنوب لبنان مع الاحتلال الإسرائيلي، وارتفاع أصوات المدافع والصواريخ هناك، في حين بدأت تحركات سياسية خارجية، تتلخص في زيارة يقوم بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى باريس، في حين تقوم "المعارضة اللبنانية" في زيارة إلى واشنطن، وسط عودة مرتقبة للمبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين إلى بيروت.
ميقاتي في باريس.. وتحريك ملف الرئاسة بلبنان
قام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بزيارة مفاجئة غير معلن عنها للعاصمة الفرنسية باريس، بدعوة من الرئيس ايمانويل ماكرون، بالتزامن مع الزيارة التي يجريها قائد الجيش اللبناني جوزيف عون إلى فرنسا، بدعوة من نظيره الفرنسي.
أشار مصدر حكومي لبناني لـ"عربي بوست"، إلى أن ميقاتي الذي وصل الخميس 18 أبريل/نيسان 2024، إلى باريس، التقى رئيس جهاز المخابرات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر لمدة ساعتين، جرى خلالها تقييم الوضع الأمني والميداني في جبهة الجنوب اللبناني، وإمكانية وقف إطلاق النار مع الاحتلال.
أفاد المصدر بأن المسؤول الفرنسي ناقش مع ميقاتي ملف الرئاسة المعطل، وإمكانية الدفع باتجاه انتخاب الرئيس، مؤكداً له أن اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان حصرت الأمر بوضع سلة مواصفات لرئيس الجمهورية، وأن الأسماء المرشحة يجري اختصارها.
ونقل المصدر أن المسؤول الفرنسي أكد أن "الأسماء المرشحة باتت محصورة بفكرة الخيار الثالث، وهنا يبرز اسم المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء إلياس البيسري، أو وزير الخارجية السابق ناصيف حتي، أو وزير الداخلية السابق زياد بارود".
بحسب المصدر، فإن ليرنر نقل لميقاتي أيضاً رسالة من "إسرائيل" حول النية بضرب جنوب لبنان، واستهداف حزب الله في العمق اللبناني، في حال لم يجرِ وقف مباشر لإطلاق النار في جبهة الجنوب.
وقال إن ميقاتي وليرنر تباحثا في جهود اللجنة الخماسية الدولية حول لبنان، ونشاطها في الدفع باتجاه انتخاب رئيس للبلاد، قبيل الصيف المقبل، في ظل وجود ضرورة لانتخاب رئيس لتتويج الجهود الرامية لتوقيع أي اتفاق ترسيم للحدود البرية بين لبنان وإسرائيل برعاية أمريكية.
وكشف عن أن ميقاتي ناقش مع مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسي ملف اللجوء السوري، وما سماه تداعياته الخطيرة على لبنان من الجانب الأمني والاجتماعي، والقلق الداخلي من بقاء اللاجئين السوريين.
تشير معلومات المصدر إلى أن ميقاتي دعا مستضيفه الفرنسي إلى البحث عن مدخل للحوار الأوروبي مع النظام السوري، كونه بات أمراً ملحاً لوقف موجات اللجوء، ودعم فكرة لبنان القائمة على إنشاء منطقة آمنة، بالتنسيق مع النظام السوري والأمم المتحدة، لإعادة اللاجئين إليها.
في المقابل، فإن المسؤول الفرنسي أقر لميقاتي بوجود قناة تواصل أمنية مع النظام السوري، وذلك بالتوازي مع حركة لافتة من دول أوروبية بالتواصل مع دمشق، آخرها زيارة رئيس الاستخبارات الرومانية لبشار الأسد ومدير مخابراته حسام لوقا، حول ملف اللاجئين، مؤكداً إمكانية استئناف التواصل مع النظام برعاية دولة الإمارات.
هوكشتاين ولبنان
خارج الحدود اللبنانية، كانت زيارة المبعوث الفرنسي الخاص بلبنان جان إيف لودريان للولايات المتحدة الأمريكية، لمناقشة الملف اللبناني مع المسؤولين الأمريكيين، لافتة.
هذا إلى جانب اجتماعه مع المبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين.
بحسب مصدر دبلوماسي عربي لـ"عربي بوست"، فإن "الزيارة تأتي بعد تباين في الرؤى بين بعض أطراف اللجنة الخماسية، وخاصة بين الجانبين الفرنسي والأمريكي، إضافة لحالة الاختلاف الواضح في الملف اللبناني بين السعوديين والأمريكيين".
بحسب المصدر، فإن لودريان سمع من هوكشتاين موقفاً مفاده أن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تراقب عن كثب مسار الأحداث في قطاع غزة، وتترقب إمكانية التوصل إلى هدنة في أقرب وقت ممكن".
أشار كذلك إلى أن السفيرة الأمريكية ليزا جونسون في لبنان، تعمل على تحضير الأرضية لإيجاد حل مشترك لملفي الجنوب اللبناني وانتخابات رئاسة الجمهورية.
وأكد أن هوكشتاين سيزور لبنان لاستكمال التفاوض مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى السياسية.
المعارضة في واشنطن
إلى جانب ما سبق، تجدر الإشارة أيضاً، إلى الزيارة التي بدأتها كتل قوى المعارضة اللبنانية، برئاسة المرشح الرئاسي السابق، النائب ميشال معوض، ونواب من حزبي القوات والكتائب، وبرلمانيين من قوى التغيير إلى واشنطن.
بحسب ما أعلنه الوفد، فإنه سيلتقي مسؤولين في البيت الأبيض، ووزارتي الخارجية والخزانة، ودائرة الأمن القومي في الشرق الأوسط، وأعضاء في الكونغرس الأمريكي، لمناقشة الملفات السياسية اللبنانية، وتطورات الأوضاع في جنوب لبنان، وملفات داخلية وخارجية، متعلقة بمسارات الحرب في قطاع غزة.
تشير مصادر لـ"عربي بوست" إلى أن زيارة المعارضة "تندرج في إطار محاولات قوى المعارضة المسيحية للقيام بحملة مناصرة لموقفها السياسي الرافض للقيام بأي صفقة داخلية على حسابها، في ظل ما يتسرب عن مباحثات إيرانية – أمريكية، وما يمكن أن تؤدي لإنتاج تفاهمات سياسية في لبنان بين حزب الله والأمريكيين".
يشار إلى أن ملف الرئاسة في لبنان عالق منذ انتهاء ولاية ميشال عون في أواخر عام 2022، في حين ما تزال البلاد دون رئيس، ليبقى منصبه شاغراً بسبب عدم توصل البرلمان اللبناني إلى مرشح توافقي، في ظل عدم حصول أي كتلة على الغالبية التي تمكنها من فرض مرشحها.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.