كشفت وكالة The Associated Press الأمريكية، الجمعة 12 أبريل/نيسان 2024، عن يأس في أوساط القيادات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة من احتمالية قيام البيت الأبيض بتغيير سياسته تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وسط مخاوف لدى إدارة جو بايدن من مقاطعة واسعة بين أوساط المواطنين المسلمين للانتخابات الرئاسية المقبلة.
حيث قالت الوكالة إن أحد مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن، أرسل رسالة هاتفية إلى أسامة السبلاني، ناشر صحيفة "صدى الوطن" (The Arab American News) التي تصدر من ولاية ميشيغان الأمريكية، لاستطلاع رأيه بعد المكالمة التي قيل إنها "حملت كلاماً يشبه التهديد" من الرئيس الأمريكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بوقف الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إذا لم تخفف إسرائيل من وطأة معاناة الفلسطينيين في القطاع.
الوكالة الأمريكية نقلت عن السبلاني قوله إنه ردَّ على المستشار الرئاسي بالقول: "هذه خطوات صغيرة"، و"الأمر يحتاج إلى خطوات عملاقة، وليس خطوات صغيرة".
وقالت "أسوشيتد برس" إن الرسائل النصية صارت من أبرز الوسائل للتواصل من وراء الكواليس بين البيت الأبيض والقيادات الأمريكية العربية والمسلمة في ظل الغضب المتصاعد تجاه الرئيس المنتمي إلى الحزب الديمقراطي بسبب دعمه المتواصل لإسرائيل.
وأشارت الوكالة إلى أن هذه الاتصالات غير الرسمية ازدادت أهمية بعد رفض بعض هذه القيادات فرص اللقاء المباشر مع بايدن أو مستشاريه، لاستيائهم من أن محادثاتهم الخاصة، لم تكد تغير شيئاً من مسار تعامله مع الحرب الجارية على غزة.
وقال السبلاني للوكالة الأمريكية: "كلُّ ما يحاولون [مسؤولو الإدارة الأمريكية] فعله هو إقناعنا بأن هناك تحركاً ما نحو الموقف الذي نريده"، "لكننا نرى أن هذا التحرك شديد البطء، وقصير الخطوات. وتكلفة ذلك هي مزيد من القتلى والجرحى".
يأتي ذلك فيما شهد الأسبوع الماضي انسحاب الطبيب الأمريكي من أصل فلسطيني، ثائر أحمد، من اجتماع مع الرئيس الأمريكي ونائبته كامالا هاريس، احتجاجاً على الخطاب الأمريكي الداعم لإسرائيل.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن المقابلات التي أُجريت مع زعماء مسلمين وعرب أمريكيين تكشف أن هذا الاحتجاج المباشر ليس إلا لمحة من الكسور التي أصابت العلاقات المهمة بين الإدارة الأمريكية والجاليات العربية والإسلامية، وقطعت الطرق اللازمة لإصلاحها.
في السياق ذاته، قال إبراهيم عياش، النائب الديمقراطي في كونغرس ولاية ميشيغان، "ما الذي يمكننا أن نقوله لمسؤولي البيت الأبيض أكثر من ذلك لكي يغيروا مسارهم؟ لقد نفدت منا الكلمات". وأشار عياش إلى أنه التقى كبار المسؤولين في البيت الأبيض في فبراير/شباط، ولم يجرِ أي اتصال معهم منذ ذلك الحين.
في المقابل، قال دانييل كوه، نائب مدير مكتب البيت الأبيض للشؤون الحكومية، إن الإدارة الأمريكية "تسعى إلى تيسير الوصول إليها قدر الإمكان، ونحن نتفهم أن بعض الناس لا يريدون التواصل معنا. ونحترم ذلك"، و"لكننا نعتقد أن الأشخاص الذين شاركوا في التواصل معنا قد تبين لهم أن المناقشة مثمرة".
من جهة أخرى، يرى سلام المراياتي، رئيس منظمة "مجلس الشؤون العامة للمسلمين"، أن الجاليات المسلمة الأمريكية وذات الأصول العربية عليها أن تتجاهل الإدارة الأمريكية، "لكي يأخذوا العبرة. وعندما يخسرون [في الانتخابات]، سيكون ذلك عبرة لهم".
قال المراياتي لوكالة "أسوشيتد برس" إن أمله خاب في بايدن بعد أيام من الحرب الإسرائيلية في غزة، فقد زار الرئيس الأمريكي إسرائيل أثناء الحرب، ووصف نفسه بأنه صهيوني، و"أدركت من ذلك أنه لا يكترث بالشعب الفلسطيني، والتهجير الذي يتعرض له".
وقد شارك المراياتي وأعضاء من منظمته في اجتماعات مع مسؤولين من مجلس الأمن القومي الأمريكي ووزارة الخارجية، لكنه قال إنه سئم المشاركة في هذه النقاشات، "فقد أدركنا أنهم لا يستمعون إلينا"، و"ربما يهزون رؤوسهم بالتأييد ونحن نتحدث، لكنهم يستمرون في اتِّباع السياسات نفسها".
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على القطاع، خلّفت أكثر من 100 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فوراً، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
وفي الحرب تلعب الولايات المتحدة دوراً أساسياً في دعم "إسرائيل" عسكرياً، وقد أصبحت موضع انتقادات شديدة ومتزايدة داخلياً وخارجياً حول دورها في رفع التكلفة الإنسانية للحرب الإسرائيلية على غزة التي تمولها واشنطن بالسلاح الفتاك، في الوقت الذي تقول فيه جماعات حقوق الإنسان إن واشنطن شريك رئيسي في حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع منذ نحو 6 أشهر.