قال موقع The Daily Beast الإخباري الأمريكي، الإثنين 1 أبريل/نيسان 2024، إن مشروعاً عقارياً فاخراً في صربيا يدعمه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أثار معارضة شرسة من مسؤولين حكوميين ومدنيين اتهموا كوشنر بانعدام الحساسية الثقافية في مقترح مشروعه.
جاء اقتراح المشروع من شركة "أفينيتي جروب" الاستثمارية التابعة لكوشنر، والتي قالت وكالة Bloomberg الأمريكية إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي استثمر فيها قرابة ملياريْ دولار أمريكي، وأشار موقع "ديلي بيست" إلى أن مخطط المشروع يشتمل على بناء فندق شاهق ومبنى سكني فخم في موقع بالعاصمة الصربية بلغراد كان يحتله في السابق مقراً للجيش الصربي، قبل أن يقصفه حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال حرب كوسوفو في عام 1999.
والأسبوع الماضي، ذكرت وكالة The Associated Press، أن جماعة معارضة محلية، وهي حركة "كريني بروميني" (اصنع تغييراً)، أعلنت عن عريضة احتجاجية على المشروع، وجمعت نحو 10 آلاف توقيع معارض في غضون ساعات. واستطاعت جمع نحو 25 ألف توقيع بحلول يوم الجمعة 29 مارس/آذار.
"غير لائق"
إلى ذلك، وصف المسؤولون الصربيون الذين تحدثوا مع The Daily Beast المشروع بأنه غير لائق لعدة أسباب، منها تعارضه مع التراث الثقافي لبلغراد.
إذ قال بوركو ستيفانوفيتش، السياسي الصربي وزعيم المعارضة، إن هذا المقر "إحدى لآلئ الهندسة المعمارية التي تعود إلى فترة ما قبل الحرب"، علاوة على ما له من مكانة عاطفية لدى الناس، "فقد قصف الناتو هذا الموقع في عام 1999. ويرى معظم الصرب أن هذا الموقع لا يجوز تدنيسه أبداً".
وتابع ستيفانوفيتش: "الحكومة لم تتحرَّ الشفافية في الكشف عن المشروع، ولا أبدت استعداداً للتصريح بجوانب هذه الصفقة المحتملة للناس"، مشيراً إلى أن "الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش ونظامه يؤمنان بأن ترامب سيفوز في الولايات المتحدة"، و"يسعيان إلى التقرب إليه بهذا المشروع" الذي تتولاه شركة تابعة لصهره.
وزعم ستيفانوفيتش أن حكومة فوتشيتش أبقت تفاصيل الصفقة طي الكتمان، ولم يتلقّ نواب البرلمان سوى "مذكرة تفاهم" مبدئية بشأن الصفقة، من دون تفاصيل أخرى. ولمَّا حاول ائتلاف المعارضة إثارة القضية في البرلمان، "كان رد نواب الائتلاف الحاكم في البرلمان شرساً، وهاجمونا شخصياً، وكاد الأمر يصل إلى استخدام العنف الجسدي".
التقرب من ترامب
كما ذهب سافو مانويلوفيتش، زعيم حركة كريني بروميني المعارضة، أيضاً في تصريحاته لموقع "ديلي بيست"، إلى أن الصفقة جزء من جهود الرئيس الصربي للتقرب من ترامب قبيل فوزه المحتمل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني.
وكان ترامب قد أبدى من قبل اهتماماً بإقامة مشروع عقاري في الموقع نفسه، وقال رئيس الوزراء الصربي السابق إيفتسا داتشيتش، إن ترامب أجرى في عام 2013 محادثات مع الحكومة الصربية بشأن مواقع مختلفة لإنشاء فندق فاخر، وقد تابع شركاء ترامب المناقشات بشأن الفكرة، لكنها لم تنتقل إلى مرحلة التخطيط العملي قط.
علاوة على ذلك، كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية أن ريك غرينيل، مبعوث ترامب السابق إلى البلقان والمرشح لتولي وزارة الخارجية الأمريكية إذا وصل ترامب إلى الرئاسة مرة أخرى، يعمل أيضاً مع كوشنر في خطة المشروع، وقد زاد ذلك من شكوك المعارضة الصربية التي ترى أن الغرض الأول من الصفقة هو التودد لمسؤولين محتملين في إدارة ترامب إن فاز بالانتخابات المقبلة.
في هذا السياق، قال روبرت وايزمان، رئيس منظمة Public Citizen الحقوقية التقدمية التي اشتغلت بتعقب قضايا تضارب المصالح ذات الصلة بترامب على مدى سنوات، إن هذا المشروع الاستثماري ربما يخلق مشكلات لكوشنر، فإذا "كان والد زوجتي مرشحاً لمنصب الرئيس، فلا ينبغي لي الدخول في صفقات قد توحي بأن [حكومة أجنبية] تحاول التقرب من الرئيس القادم للولايات المتحدة".
أصداء قلق في الكونغرس
وذكر موقع "ديلي بيست" أن أصداء القلق بشأن صفقات كوشنر ترددت في قاعات الكونغرس أيضاً، فقد دعا النائب الديمقراطي جيمي راسكين الكونغرس إلى التحقيق في المزاعم التي تتهم كوشنر بـ"استغلال النفوذ" في خارج الولايات المتحدة.
وأرسل موقع "ديلي بيست" طلبات تعليق إلى كوشنر، ومجموعة أفينيتي، وحملة ترامب الانتخابية، ومكتب غرينيل، لكنه لم يتلقّ رداً من هذه الجهات.
مع ذلك، خلص الموقع الأمريكي إلى أنه من المستبعد أن يؤدي الكشف عن مزيد من المعلومات بشأن المشروع إلى إخماد المعارضة الشديدة له، لا سيما أن معارضين كثيرين يرون أن المقر المراد استغلاله محمي قانونياً، ويقولون إن اللوائح القانونية تنص على أن موقع المقر السابق لقيادة الجيش لا يمكن أن يُستأنف البناء فيه إلا لإعادته إلى هيكله الأصلي واستخدامه في الأغراض السابقة على تدميره. واقترح السياسي المعارض ستيفانوفيتش إنشاء بناء لتكريم ضحايا الحرب، ودعا آخرون إلى إنشاء متحف تاريخي.
من جهة أخرى، قال شخص مطلع على المشروع المقترح، لموقع "ديلي بيست"، إن مجموعة "أفينيتي" لم توقّع على اتفاق مع الحكومة الصربية بعد.
إلا أن مانويلوفيتش، زعيم حركة كريني بروميني المعارضة، قال لموقع ديلي بيست: "سنلجأ إلى العرائض والاحتجاجات والضغط العام، وسنبذل كل ما في وسعنا لحماية دولتنا ومواطنينا وكبريائنا الوطني والدستوري، ولن نمنح حكومتنا الفرصة للشروع في هذا العمل المخالف للقانون، ومنح الأرض لعائلة كوشنر"، لأن "صربيا ليست للبيع".