أمر قضاة محكمة العدل الدولية إسرائيل، الخميس 28 مارس/آذار 2024، بالإجماع باتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفاعلة؛ لضمان دخول إمدادات الغذاء الأساسية لسكان غزة دون تأخير، مؤكدين أن المجاعة في غزة قد ظهرت فعلاً.
وقالت المحكمة إن الفلسطينيين في غزة يواجهون ظروف حياة صعبة، في ظل انتشار المجاعة.
كما طالبت المحكمة الاحتلال بـ"توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية بشكل عاجل دون عوائق على نطاق واسع".
كذلك، أمرت المحكمة إسرائيل بـ"زيادة قدرة وعدد نقاط العبور البرية وإبقائها مفتوحة لأطول فترة ضرورية"
كما حثتها على "ضمان عدم ارتكاب جيشها انتهاكات لحقوق الفلسطينيين بغزة، مثل منع إيصال المساعدات"، وكذا "تقديم تقرير للمحكمة بشأن التدابير التي ستتخذها خلال شهر من تاريخ هذا الأمر".
وقال القضاة "تلاحظ المحكمة أن الفلسطينيين في غزة لم يعودوا يواجهون فقط خطر المجاعة… بل إن هذه المجاعة قد ظهرت بالفعل".
وطلبت جنوب أفريقيا هذه الإجراءات الجديدة كجزء من قضيتها المستمرة التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أعلنت أن جنوب أفريقيا قدمت طلباً عاجلاً لتحديد تدابير احترازية إضافية وتعديل أمر المحكمة الصادر في 26 يناير/كانون الثاني 2024، وقرارها اللاحق الصادر في 16 فبراير/شباط الماضي، في القضية المرفوعة ضد إسرائيل، والمتعلقة بتطبيق اتفاقية منع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، في قطاع غزة.
وأوضحت محكمة العدل أن جنوب أفريقيا ذكرت في طلبها الجديد، أنها مضطرة إلى العودة للمحكمة في ضوء الوقائع الجديدة والتغييرات في الوضع على الأرض بغزة، لا سيما حالة المجاعة المنتشرة. وحينها كان الطلب المذكور، هو الثالث الذي تقدمه جنوب أفريقيا ضد إسرائيل إلى المحكمة، التي تُعد أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، منذ بدء تل أبيب حربها المدمرة على قطاع غزة قبل نحو 6 أشهر.
وردّاً على القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، أمرت محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني 2024، تل أبيب باتخاذ "تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة"، الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً. كما أمرت المحكمة إسرائيل بتقديم تقرير خلال شهر من صدور القرار بشأن مدى تطبيقها هذه التدابير.
رضيع جديد يفارق الحياة جوعاً
ميدانياً، أعلنت مصادر طبية، الخميس، وفاة طفل فلسطيني شمال القطاع بسبب المجاعة وعدم توفر العلاج؛ الناجمين عن الحصار الإسرائيلي.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، نقلاً عن المصادر ذاتها، بأن طفلاً توفي نتيجة سوء التغذية والجفاف، ونقص الإمدادات الطبية، في مستشفى كمال عدوان بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
ولم تكشف المصادر عن تفاصيل أخرى بشأن الطفل المتوفى.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا الجوع في قطاع غزة إلى 30 مواطناً، غالبيتهم من الأطفال، وفق "وفا".
المجاعة في غزة
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية تتعارض مع القوانين الدولية، بات سكان قطاع غزة، ولا سيما محافظتي غزة والشمال بالفعل بين براثن المجاعة، وسط شح شديد في الإمدادات الضرورية للحياة، لاسيما مع وجود حوالي مليوني نازح.
وتنفذ دول عربية وأجنبية إسقاطات جوية لمساعدات إنسانية على غزة، ولا سيما شمال القطاع، لكنها غير كافية ولا تسد الاحتياجات العاجلة للفلسطينيين، مع دعوات إلى فتح المعابر الحدودية وإغراق القطاع بالمساعدات، قبل أن تلتهم المجاعة المزيد من سكانه.
في وقت سابق، الخميس، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من أن 1.1 مليون شخص يتعرضون لانعدام الأمن الغذائي الشديد في قطاع غزة.
وأكد المكتب، في منشور على منصة "إكس"، على أنه "لا بديل عن توزيع المساعدات الغذائية عبر الطرق البرية لتكون كافية لإنقاذ الأرواح، خاصة في مناطق الشمال بالقطاع".
وأضاف: "لكن الحواجز (التي تفرضها إسرائيل) لا تزال قائمة والوقت ينفد".
وفي 16 مارس/آذار الجاري، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن ثلث أطفال شمال القطاع دون العامين يعانون سوء التغذية الحاد، محذرة، في بيان، من أن "المجاعة تلوح في الأفق".
وفي انتهاك للقانون الدولي، تقيد إسرائيل، وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولاسيما برّاً؛ مما تسبب في شح إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين في القطاع الذي تحاصره منذ 17 عاماً، ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية.
وخلَّفت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أخضع إسرائيل، لأول مرة منذ تأسيسها في 1948، لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".