كشفت أدلة جديدة أن عناصر من الشرطة الفرنسية وبتمويل من حكومة المملكة المتحدة، عرّضت حياة مهاجرين للخطر بقوارب اعتراضية صغيرة في قناة المانش تستخدم تكتيكات عدوانية، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 23 مارس/آذار 2024.
الأدلة الجديدة التي تكشف هذه التكتيكات العدوانية، حصلت عليها صحف بريطانية وفرنسية، وأدان خبراء البحث والإنقاذ هذه التكتيكات، التي من ضمنها تكتيك "السحب للخلف" الذي يجبر القوارب على العودة من حيث أتت، ووصفوها بأنها قد تؤدي إلى "إصابات جماعية".
تتضمن هذه الأدلة وثائق مسربة، وشهادات شهود، ومقاطع تُظهر استخدام السلطات الفرنسية أساليب عدوانية، مثل تطويق قوارب المهاجرين لإغراقها بالأمواج، وصدم القوارب، وتهديد الركاب برذاذ الفلفل، وحتى ثقب القوارب في البحر؛ لإجبار المهاجرين على العودة إلى الشاطئ سباحة.
إغراق المهاجرين في قناة المانش
حيث يُظهر مقطع فيديو قاربَ شرطة في ميناء دونكيرك يدور حول زورق يحمل نحو 25 شخصاً، ويتسبب في إثارة أمواج تغمر القارب. ويتقدم قارب الشرطة نحو الزورق بسرعة، ثم يستدير بحدة لإثارة الأمواج، ثم يعود للدوران مرة أخرى.
فيما شوهد مهاجرون يرتدون سترات نجاة ويحاولون التخلص من المياه باستخدام أحذيتهم. وكانت السلطات الفرنسية اشترت قارب الشرطة المستخدم في الفيديو، بتمويل من حكومة المملكة المتحدة بموجب "معاهدة ساندهيرست"، وهي اتفاقية ثنائية لأمن الحدود وُقعت عام 2018.
قال خبير في البحث والإنقاذ شاهد المقطع: "هذه المناورات تشبه تماماً تلك التي نراها في اليونان، هذه المناورة وحدها يمكن أن تتسبب في وقوع إصابات جماعية. والماء عميق بما يكفي ليغرقوا فيه. رأيت هذا في وسط البحر المتوسط عدة مرات، لكن هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها شيئاً كهذا في قناة المانش".
في مقطع فيديو آخر، يَظهر أفراد من قوات الدرك الفرنسية يقودون قارباً سريعاً على بعد نحو 12 ميلاً من الساحل الفرنسي، ويهددون قارباً يقلُّ مهاجرين باستخدام خزان كبير من رذاذ الفلفل، ثم يشرعون في صدم القارب بزورقهم.
في حين قال مسؤول بقوة الحدود: "لا يعرفون حتى من هم على متن القارب، ربما يوجد شخص مصاب بالربو، أو نساء حوامل. وهذا الرذاذ قد يضر بهم كثيراً".
شكوى من أحد خفر السواحل الفرنسي
في دليل آخر على استخدام هذه التكتيكات العدائية، تزعم شكوى قدمها أحد أعضاء خفر السواحل الجمركي الفرنسي إلى المدعي العام في بولوني سور مير، أنه في 11 أغسطس/آب عام 2023، أمر ضباط شرطة طاقم الجمعية الوطنية للإنقاذ البحري (SNSM) بثقب قارب صغير كان قد أبحر بالفعل.
في رسالة بالبريد الإلكتروني اطلع عليها هذا التحقيق، ذكر صاحب الشكوى، ريمي فاندبلانك، أن طاقم الجمعية "رفض رفضاً قاطعاً" أن يفعل ذلك، وقال إن خطر الغرق إن فعلوا ذلك "واضح ووشيك".
تدعم شهادة عدد من الأشخاص كانوا على متن قوارب صغيرة في قناة المانش متجهة إلى المملكة المتحدة، الادعاءات بأن الشرطة الفرنسية تستخدم هذه التكتيكات.
حيث قال رجل من الهند: "القارب كان يضم أربعة منهم [الدرك الفرنسي]. وداروا حول القارب في دوائر ثم ثقبوا القارب وغادروا. واضطررنا إلى السباحة 10 دقائق تقريباً… وكنا على وشك أن نموت".
في 9 فبراير/شباط عام 2024، قدَّم الرجل شكوى إلى أمين المظالم الفرنسي المعني بحقوق الإنسان. والحادث قيد التحقيق، وفق ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.