“صائمون فعلياً منذ أشهر”! أهل غزة يحتفون برمضان بين الركام والشوارع المظلمة ويصارعون من أجل البقاء

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/17 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/17 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
الفلسطينيون في مراكز الإيواء/الأناضول

حوّلت الحرب الإسرائيلية شهر رمضان بغزة، الذي بدأ يوم الإثنين 11 مارس/آذار، من تجمعات مبهجة وصاخبة إلى شهر يُحتفى به بين الركام والشوارع المظلمة الفارغة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.

ومع غياب الأمل في التوصل إلى هدنة في غزة، تحول شهر التعبد الديني والصيام والصدقات إلى صراع يومي من أجل البقاء.

إذ تفرقت العائلات، التي كانت يوماً تتجمع على ولائم إفطار كبيرة، بعد فرار معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة من منازلهم. ويعيش كثيرون منهم الآن في خيام مزدحمة وظروف قاسية، فيما قُصف الكثير من المساجد التي كانت تقام فيها صلاة التراويح، وتحولت إلى أنقاض. فضلاً عن أن أبسط موارد العيش مثل التمر ومياه الشرب التي اعتاد المسلمون الإفطار عليها شحيحة.

وقالت روند التتار، المصورة التي كانت تعمل في مدرسة خاصة قبل الحرب، إن بهجة الأطفال غابت أيضاً في رمضان بغزة، خاصةً حين كانوا يخرجون إلى الشوارع بعد الإفطار بفوانيسهم وألعابهم.

وقالت: "الآن الجميع داخل منازلهم حتى قبل غروب الشمس، لأنهم يشعرون بالخوف".

القطاع يقترب من حافة المجاعة

يأتي رمضان بغزة هذا العام أيضاً في وقت فقد فيه الكثير من السكان كل شيء، واقترب القطاع من حافة المجاعة، وفقاً لمسؤولين في الأمم المتحدة.

وقالت روند: "نحن صائمون فعلياً منذ أشهر، قبل رمضان بغزة، كنا نأكل وجبتين في اليوم إذا تمكنا من العثور على ما يكفي من الطعام، ولو لم نفعل فنتناول وجبة واحدة فقط في اليوم، عند غروب الشمس".

أطفال غزة يعانون من الجوع وسوء التغذية بسبب الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة/الأناضول
أطفال غزة يعانون من الجوع وسوء التغذية بسبب الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة/الأناضول

ولا تصل أي مساعدات تقريباً إلى شمال غزة، حيث تعيش روند التتار مع والديها، وتوقفت وكالات الأمم المتحدة إلى حد كبير عن إرسال المساعدات إلى الشمال، بسبب القيود الإسرائيلية والمخاوف الأمنية.

الحرب تغيّب أجواء رمضان بغزة

يحاول كثير من المسلمين عادةً قراءة القرآن كاملاً خلال رمضان وأداء صلاة التراويح، على أنه "في الشمال نادراً ما يتجمع الناس لأداء صلاة التراويح في منطقة مفتوحة، لأنهم يخشون التعرض لضربة جوية، وبالطبع لم تعد هناك مساجد تقريباً، وجميعها تعرضت للقصف"، وفقاً لروند التي قالت إن أيامها الآن عبارة عن جمع الحطب وإشعال النيران والتجول في الأسواق لتجميع وجبة يمكن لأسرتها تحمل ثمنها. 

ورغم الحرب واستمرار وجود القوات البرية الإسرائيلية، يحاول بعض سكان غزة إضفاء أجواء من البهجة على الشهر الفضيل قدر المستطاع.

من أجواء رمضان بغزة إضاءة الفوانيس رغم القصف والدمار/الأناضول
من أجواء رمضان بغزة إضاءة الفوانيس رغم القصف والدمار/الأناضول

إذ نشر ماهر حبوش، لاعب كمال الأجسام في غزة، مقطع فيديو على حسابه على إنستغرام قال فيه: "نحن في شمال غزة، الجوع والخوف يسيطران علينا". ثم ينتقل المقطع إلى عشرات الأطفال والكبار وهم ينظفون شوارع أحد الأحياء ويطلون الجدران بالألوان الوردي والأزرق والأصفر.

خلال السنوات السابقة كان سكان غزة يتسابقون على تزيين منازلهم وشوارعهم، والآن أصبحت الفوانيس التي كانت تملأ شوارع ومنازل غزة ترفاً، لا يستطيع سوى قليلين تحمله.

نسرين أبو طوق (28 عاماً)، وهي أم لخمسة أطفال، فرّت مع أسرتها من الشمال إلى مدرسة في جنوب غزة، قالت: "ابنتي الصغيرة تبكي طوال اليوم لأنها تريد فانوساً، لكن لا يمكنني تحمل تكلفة شرائه، لا يمكننا أن نُسعد أطفالنا الصغار بأبسط الأشياء".

كما لم تتمكن فادية نصار (43 عاماً) من شراء فوانيس رمضان لابنتها والأطفال الآخرين في عائلتها، بسبب ظروف النزوح الصعبة في دير البلح. وقالت: "لا فرحة ولا أغنيات رمضان ولا حلويات رمضان، كل هذا انتهى"، فيما خرجت فرقة صول باند المحلية في غزة بأغنية قصيرة حزينة لشهر رمضان، تنقل المعاناة التي يعيشها أهالي غزة.

تحميل المزيد