تناولت عائلات فلسطينية في غزة، طعام الإفطار لأول يوم من رمضان، الإثنين، 11 مارس/آذار 2024 على أنقاض منازل دمرتها إسرائيل خلال حربها على القطاع التي دخلت شهرها السادس دون النجاح بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار قبل حلول الشهر المبارك، وبين الأطلال في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، افترشت عشرات العائلات الفلسطينية موائد الطعام، رغم الظروف الصعبة التي يواجهونها في ظل الحرب.
عائلات فلسطينية في غزة تتناول طعام الإفطار
وخلال وقت الإفطار، بدت على وجوه الصائمين علامات الحزن والأسى لفقدان منازلهم جراء القصف الإسرائيلي، ومن بين أولئك المجتمعين على مائدة الإفطار الجماعي فوق الدمار، كان هناك من نزحوا من مدنهم في شمال قطاع غزة وانتقلوا نحو الجنوب، وكذلك من فقدوا أحبابهم وأقاربهم بسبب الحرب الشرسة.
وفي لحظات تناول الطعام، تضرّع الفلسطينيون إلى الله للعودة سالمين إلى منازلهم، وانتهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، وعودة الاستقرار إلى قطاع غزة.
وخلال الحرب، أجبرت إسرائيل معظم الفلسطينيين على النزوح من مناطق شمال قطاع غزة ومدينة غزة نحو المناطق الجنوبية بزعم أنها مناطق "آمنة"، غير أنهم لم يسلموا من القتل حيثما حلوا.
ثم ما لبث التوغل البري أن توسّع جنوباً، في تحدٍّ صارخ لتحذيرات دولية من خطورة ذلك في بقعة جغرافية صغيرة يأوي إليها مئات آلاف الفلسطينيين الذين لا مكان آمناً يلجأون إليه.
وقال الفلسطيني ماهر السلوت: "في اليوم الأول من شهر رمضان ننظم مائدة طعام جماعية لأكثر من مئة عائلة نازحة من قطاع غزة". وأضاف: "نقوم بتنظيم المائدة لأنه في أيام الحرب لا يملك الناس قوت يومهم، وترتفع الأسعار بشكل كبير، حيث وصل سعر كيلو اللحم إلى 120 شيكل". وتابع: "هؤلاء النازحون منذ 4 أشهر لم يذوقوا طعم اللحم، لذلك قررنا اليوم أن نسعدهم ونقدم لهم شيئاً جميلاً".
خيام للنازحين في رفح
ولتناول الإفطار الرمضاني الأول لهذا العام، تجمعت عشرات آلاف الأسر في خيام النزوح التي نُصبت بشكل بدائي في مناطق مختلفة في قطاع غزة، فيما كان أكبر تجمع لهم في مدينة رفح جنوبي القطاع.
وأنشأ الفلسطينيون النازحون مخيمات مؤقتة في مدينة رفح المكتظة بنحو مليون و300 ألف نسمة، حيث يعيشون ظروفاً صعبة جراء الحرب، وفق مسؤولين حكوميين في غزة، فيما يخشون من تنفيذ إسرائيل تهديدها باجتياح واسع للمدينة.
هذه المخيمات البدائية تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذاً مؤقتاً للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، بعد أن حرمتهم الحرب والحصار المرافق لها من أبسط اللوازم الإنسانية بما فيها الأساسيات من طعام ومياه ونظافة.
ومؤخراً، بحثت حكومة الحرب الإسرائيلية "الكابينت" خطة "إجلاء" الفلسطينيين من رفح في إطار الاستعداد لاجتياحها، رغم التحذيرات الدولية من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مجازر بحق مئات آلاف النازحين الذين لا مكان آخر يذهبون إليه؛ بعدما أجبروا على النزوح من كافة مناطق القطاع تحت وطأة الحرب المستعرة منذ نحو 5 شهور.
استشهاد فلسطينيين في غزة
يأتي الإفطار الجماعي، في وقت استشهد فيه وأصيب عشرات الفلسطينيين، الإثنين، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت منازل بمناطق متفرقة من قطاع غزة، في أول أيام شهر رمضان.
وأفادت الأناضول، نقلاً عن شهود عيان، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف عدة منازل في محافظات قطاع غزة خلال اليوم الأول لشهر رمضان؛ ما أدى لسقوط عشرات القتلى والجرحى.
وفي شمالي القطاع، قال جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، في بيان مقتضب، إن طواقمه تمكنت من انتشال عدد من القتلى والجرحى بعد استهداف الطائرات منزل عائلة أبو ناصر في بلدة بيت لاهيا.
وبمدينة غزة، قال شهود عيان إن قتلى وجرحى سقطوا في قصف استهدف منزلاً لعائلة "الدحدوح" بحي الزيتون جنوب شرقي المدينة. كما قصفت الطائرات عدة منازل في مخيم الشاطئ، غربي المدينة، وحي الصبرة (جنوب)، دون الحديث عن وقوع إصابات، وفق مصادر محلية فلسطينية.
وجنوباً، أفادت الأناضول، نقلاً عن شهود عيان، بأن 3 قتلى سقطوا وأصيب عدد آخر جراء قصف الطائرات الإسرائيلية منزل عائلة بركات في حي الجنينة شرقي مدينة رفح. وأوضح الشهود أن الجيش الإسرائيلي قصف بالطائرات والمدفعية مناطق متفرقة في مدينة خان يونس، حيث تركز القصف على منطقتي القرارة وأبراج حمد غرب المدينة.
وأشاروا إلى أن القصف استهدف مناطق مختلفة في جحر الديك ومخيم البريج وسط القطاع، ما أسفر عن تدمير بنية تحتية وطرق وأضرار جسيمة في منازل وممتلكات المواطنين.
كما شنت المدفعية قصفاً عنيفاً على المناطق الشرقية لمدينة رفح، إضافة لاستهداف أرض زراعية قرب الحدود المصرية الفلسطينية في حي السلام بالمدينة نفسها.
وفي حديث لـ"الأناضول"، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة: "الاحتلال الإسرائيلي يواصل قتل المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ويرتكب جرائم بشكل مستمر ضد النساء والأطفال".
وأضاف: "الوضع الإنساني كارثي في قطاع غزة، حيث لم يجد آلاف الأسر وجبة ليفطروا عليها في أول أيام شهر رمضان". وشدد على أن "عدد الوفيات جراء المجاعة يزداد كل يوم، وأن أكثر من مليوني نازح في القطاع يعيشون في أكثر من 100 موقع دون أن يجدوا ما يأكلونه".
ورغم دخول شهر رمضان، إلا أن إسرائيل تواصل هجماتها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ولا تحترم قدسية الشهر المبارك عند المسلمين.
جدير بالذكر أن رمضان يحل هذا العام، بينما تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودماراً هائلاً بالبنية التحتية ومجاعة بعدد من المناطق؛ الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".