زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد 10 مارس/آذار 2024 أن هناك ما لا يقل عن 13 ألف مقاوم من بين الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على غزة. في الوقت نفسه أعرب عن معارضته جلب السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة بعد "القضاء على حماس"، معتبراً أن ذلك "آخر شيء يجب فعله".
الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على غزة
في حين قالت وزارة الصحة في غزة الأحد، إن ما لا يقل عن 31045 فلسطينياً قُتلوا بعد مرور خمسة أشهر على الحملة الإسرائيلية في أعقاب الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل.
ولم تحدّد الوزارة عدد المدنيين أو المسلحين من بين القتلى، لكنها قالت إن %72 منهم من النساء والأطفال. وتقول حماس إن ما تعلنه إسرائيل عن القتلى من المسلحين غير صحيح، وتصفه بأنه محاولات لتصوير "انتصارات وهمية".
في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية، نُقل عن نتنياهو قوله إن توسيع الهجوم الإسرائيلي على رفح في جنوب غزة أمر أساسي لإلحاق الهزيمة بحماس. وأضاف: "نحن قريبون جداً من النصر.. بمجرد أن نبدأ العمل العسكري ضد ما تبقى من كتائب الإرهاب في رفح، ستكون مسألة أسابيع فقط"، حتى تنتهي المرحلة المكثفة من القتال.
تدمير ثلاثة أرباع قوات حماس!
نقلت صحيفة بيلد عن نتنياهو قوله إن إسرائيل دمرت ثلاثة أرباع قوات حماس وإن وقف الهجوم الآن لن يؤدي إلا إلى السماح لها بإعادة تنظيم صفوفها. وأتاحت صحيفة بيلد لرويترز الأحد، مقتطفات من المقابلة التي أجرتها بالاشتراك مع صحيفة بوليتيكو وتلفزيون فيلت الألماني.
في سياق متصل، أعرب نتنياهو، الأحد، عن معارضته جلب السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة بعد "القضاء على حماس"، معتبراً أن ذلك "آخر شيء يجب فعله". جاء ذلك في مقابلة مع قناة "كان"، التابعة لهيئة البث الإسرائيلية (رسمية).
وقال نتنياهو: "بمجرد القضاء على حماس، فإن آخر شيء يجب أن نفعله؛ جلب السلطة الفلسطينية إلى غزة"، على حد تعبيره. وزعم أن السلطة الفلسطينية "تُعلم أبناءها الإرهاب، وتموّل الإرهاب"، على حد قوله.
وأضاف نتنياهو: "الإسرائيليون يؤيدون أيضاً موقفي القائل بأنه يجب علينا أن نرفض رفضاً قاطعاً محاولة فرض دولة فلسطينية علينا"، وفق ادعائه. وأردف: "يدرك معظم الإسرائيليين أننا إذا سمحنا بحدوث ذلك، فسنعود إلى مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول، لذلك فإن سياستي هي سياسة أغلبية الإسرائيليين"، بحسب قوله.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعرب فيها نتنياهو، عن معارضته السماح للسلطة الفلسطينية بحكم قطاع غزة. ورداً على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي أدلى بها لقناة محلية، اتهم فيها نتنياهو بإيذاء إسرائيل، علّق الأخير: "لا أعرف ماذا يقصد الرئيس بايدن، لكن إذا كان يقصد أنني أقود سياسة ضد غالبية الجمهور الإسرائيلي وأنها تضرّ بمصالح إسرائيل فهو مخطئ".
وأكمل: "هذه ليست سياستي الخاصة، هذه سياسة تؤيدها الغالبية العظمى من الإسرائيليين، إنهم يؤيدون الإجراء الذي نتخذه لتدمير ما تبقى من كتائب لحماس"، وفق تصريحاته.
والسبت، قال بايدن، لقناة "إم إس إن بي سي"، إن نتنياهو "يضر إسرائيل أكثر مما ينفعها"، مضيفاً أن "مسؤولية نتنياهو، عن الهجمات على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف مدني، كبيرة".
توتر أمريكي إسرائيلي
في الفترة الأخيرة، تزايدت تقارير دعمتها تصريحات رسمية مستجدة، عن توتر أمريكي إسرائيلي على خلفية عرقلة التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حماس، والأعداد الكبيرة من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الحرب على غزة، رغم تحذيرات متكررة ودعوات لبذل الجهود لخفض عدد المتضررين المدنيين.
لكن خبراء أرجعوا التبدل في الخطاب الأمريكي إلى المعركة الانتخابية على منصب الرئاسة، حيث يُخشى أن ينعكس دعم بايدن الأعمى لإسرائيل، تزامناً مع صور الجرائم التي ترتكبها القادمة من غزة، انخفاضاً في شعبيته، خاصة في الولايات ذات الأكثرية المسلمة.
كما أن تملص الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها نتنياهو، من حل الدولتين وأي مفاوضات قد تفضي إليها، واجه انتقادات حتى من حلفائها الغربيين، الذين اعتبروا أن الشرق الأوسط سينعم بالسلام فقط إن جرى تنفيذ هذا الحل وتأسيس دولة مستقلة للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل.
قرار اقتحام الأقصى
من جهة أخرى، خصَّ نتنياهو نفسه باتخاذ قرار اقتحام الشرطة المسجد الأقصى من عدمه خلال شهر رمضان المبارك الذي يبدأ الإثنين. وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، مساء الأحد، إنه في خطوة استثنائية، يعتزم نتنياهو في الوقت الحالي تولي مسؤولية اتخاذ القرار في مسألة اقتحام الشرطة المسجد الأقصى من عدمه في شهر رمضان.
وأوضحت أن نتنياهو صادق على مقترح جهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش، بأن قرار اقتحام الشرطة المسجد الأقصى لا يمكن أن يتُخذ إلا بموافقة نتنياهو نفسه.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، دعا "الشاباك" والجيش نتنياهو إلى أن يتخذ بنفسه، وعلى غير المعتاد، القرار بشأن ما إذا كان سيتم اقتحام ساحات المسجد الأقصى؛ لأن هذا حدث قد يؤدي إلى عواقب كثيرة محتملة، بحسب الهيئة.
ورأت أن هذه الخطوة تعبر عن عدم ثقة "الشاباك" والجيش بالشرطة والمشرف عليها، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وقبل أيام، رفض نتنياهو توصية من بن غفير بعدم السماح لسكان الضفة الغربية المحتلة بدخول الحرم القدسي على الإطلاق خلال رمضان، مع السماح لسكان إسرائيل الفلسطينيين بالدخول من سن 70 فما فوق.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على تهويد القدس الشرقية المحتلة، بما فيها المسجد الأقصى، ويتمسكون بالمدينة عاصمةً لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة في 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
ويحل شهر رمضان هذا العام في ظل حرب مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ مما خلَّف عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودماراً هائلاً، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتُصر إسرائيل على مواصلة الحرب، على الرغم من مثولها، للمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، أمام محكمة العدل الدولية؛ بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين.