يأمل الفلسطينيون في قطاع غزة انتهاء الحرب قبيل شهر رمضان المبارك، لكن هذا الأمل يشوبه اليأس، وتحيط به أسئلة كثيرة حول مستقبل القطاع بعد أن دمر الاحتلال معظم منازله وشوارعه ومؤسساته الصحية والتعليمية.
ففي استطلاع لموقع Middle East Eye البريطاني، نشره السبت 9 مارس/آذار 2024، قالت عاملة الإغاثة في قطاع غزة ترنيم حمد: "آمل أن يحدث الأفضل، وهو إعلان دولة فلسطينية مستقلة. لكنني أتوقع الأسوأ أيضاً، وهو عودة الحصار وتوسع المستوطنات غير القانونية، مع عدم اتخاذ خطوات فعلية لضمان إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة".
بحسب الموقع، فإن أمنيات أهالي غزة تدور كلها حول الشيء نفسه الذي يريده أي شعب آخر حول العالم: القدرة على العيش بكرامة.
حيث قالت غادة الصفطاوي (26 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال، إن أطفالها هم شغلها الشاغل.
وأوضحت الصفطاوي: "قد يبدو الأمر مرعباً، لكننا سنغادر غزة إذا بقينا على قيد الحياة. لا أعلم إلى أين، لكن الاحتلال لم يترك شيئاً لأطفالنا… لقد قصفوا مدرستهم وقصفوا منزلنا. لكن قلبي سيظل في غزة للأبد. وأشعر أن فكرة مغادرة غزة تشبه الخيانة بالنسبة لي، لكن يجب أن أضع مستقبل أطفالي في الاعتبار".
ثم أردفت: "لقد خذلنا العالم، وأعلم أن أطفالي سيتمتعون ببعض الحقوق الأساسية على الأقل بمجرد أن يعبروا الحدود نحو العالم الخارجي".
بينما صرّح الصحفي حسن سلمي (30 عاماً) بأنه اضطر لترك عائلته، التي علقت في شمال غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الثاني 2023.
وقال سلمي: "أريد رؤية عائلتي بمجرد انتهاء الحرب. أريد أن أملأ خزانات الماء وأحضر لهم الطعام. كما أريد أن أتزوج. أشعر أنني أريد منح عائلتي سبباً للاحتفال والشعور بالسعادة".
وأضاف سلمي: "لقد وعدت أمي بطهي الإفطار كل يوم في رمضان إذا انتهت الحرب، حتى لو انتهى بنا المطاف للعيش في خيام داخل حيّنا المهدوم. هذا إذا لم يمت أحدنا بحلول ذلك الوقت".
فيما قال مصطفى علي (26 عاماً)، العالق مع بقية عائلته في شمال غزة، إن العائلة تفرقت منذ بداية الحرب. حيث يقيمون في أماكن مختلفة لتفادي قصفهم معاً داخل منزلٍ واحد.
وصرّح: "لا أستطيع التفكير في شيء أريده بعد الحرب، باستثناء لقاء بقية أفراد عائلتي"، وأردف: "أريد حياة طبيعيةً فحسب. أريد النوم في سرير. وأريد الجلوس على أريكة لمشاهدة فيلم والضحك مرةً أخرى. وأريد تناول القهوة عندما أستيقظ في الصباح".
ثم استطرد: "لا أنتظر شيئاً من العالم باستثناء إعادة بناء غزة. بينما سنظل تحت الاحتلال والحصار".
وأوضح علي أنه مستعد للنوم في خيمة داخل موقع منزله الذي دمرته إسرائيل حتى تتسنى له فرصة إعادة بنائه.
الصليب الأحمر يحذّر
يأتي ذلك فيما حذرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، السبت، من استمرار تدهور الأوضاع في غزة من ساعة لأخرى؛ إذ لا مكان آمناً يلجأ إليه سكان القطاع.
ودعت سبولياريتش، في بيان، إلى وقف "الأعمال العدائية" لإتاحة وصول المساعدات لسكان قطاع غزة المحتاجين إليها.
وأوضحت أنه "بعد مرور 5 أشهر على تصاعد الأعمال العدائية بقطاع غزة، تنزلق الأوضاع في مسار متدهور من ساعة لأخرى، إذ لا يوجد مكان آمن يلجأ السكان إليه".
ووصفت ارتفاع أعداد القتلى من المدنيين واستمرار احتجاز الرهائن بأنها "أوضاع مروعة لا يسع أحد قبولها".
واختتمت سبولياريتش حديثها بالقول إنه "يتعين على إسرائيل، بوصفها سلطة احتلال، تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان، أو تيسير توزيع الإغاثة الإنسانية بشكل آمن ودون أي عوائق".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".