يشعر كثيرون في جيش الاحتلال الإسرائيلي، من كبار القادة إلى الجنود العاديين الذين تحدثوا إلى صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، بالقلق من أن "تراكم انتصاراتهم التكتيكية في ساحة المعركة قد لا يؤدي إلى نصر استراتيجي دائم".
الصحيفة الأمريكية قالت في تقرير لها نُشر الخميس 29 فبراير/شباط 2024 بعد ما يقرب من خمسة أشهر من القتال العنيف، تظل إسرائيل بعيدةً عن هدف حربها المعلن المتمثل في القضاء على حماس ككيان عسكري وسياسي مهم.
حيث قال جندي احتياطي إسرائيلي في خان يونس من الفرقة 98: "إن قتال العدو يشبه لعبة المتاهات". وقال إن العديد من الجنود يشعرون بعدم وجود خطة ويتساءلون عن الهدف من جهودهم. وأضاف: "سيكون من الصعب للغاية تدمير حماس".
فيما يعتقد كثيرون في جيش الاحتلال الإسرائيلي أن إحجام الحكومة عن بلورة خطة بشأن من يجب أن يحكم غزة بعد حماس يترك فراغاً سياسياً يمكن أن يساعد حماس على النمو من جديد.
هجمات حماس على قوات الاحتلال
في وقت مبكر، سعت حماس في كثير من الأحيان إلى مهاجمة القوات الإسرائيلية بمجموعات بحجم فصيلة يصل عددها إلى 30 رجلاً، وفقاً لضباط إسرائيليين ومحللين عسكريين.
في الأحياء المكتظة بالسكان في مدينة غزة، نفذت فِرَقٌ من مقاتلي حماس هجمات منسَّقة، مثلاً أن تحاول إحدى المجموعات منع وحدة إسرائيلية من التقدم، فيما تهاجمها مجموعة أخرى من الجناح، ويحاول المسلحون إيقاع خسائر بشرية، ثم يختفون في المباني المدمرة أو في متاهة الأنفاق أسفل غزة.
لكن مثل هذه الأعمال أدت إلى خسائر فادحة في صفوف مقاتلي حماس وقادتها. وقال قادة ومحللون إسرائيليون إن حماس استخلصت الدروس خلال فترة الهدنة في نوفمبر/تشرين الثاني. وتحولت إلى هجمات كر وفر من مجموعات صغيرة من رجلين أو ثلاثة رجال، وأحياناً فرد واحد فقط.
بينما أدى هذا التحول إلى تقليص خسائر حماس، ولكنه أدى أيضاً إلى تقليص عدد الإسرائيليين الذين تستطيع حماس قتلهم وجرحهم.
كمائن حماس لاصطياد جنود الاحتلال
عادةً ما تشتمل الكمائن على قذيفة صاروخية، وخاصة طلقة "الياسين 105" التي تُطلَق من قاذفة محمولة على الكتف، والتي طورتها حماس من تصميم روسي.
حيث يطلق أحد المقاتلين قذيفة آر بي جي، ويحمل رجل آخر بندقية آلية من طراز إيه كيه-47، ويحمل رجل ثالث كاميرا فيديو لوسائل التواصل الاجتماعي.
تستخدم كمائن حماس الأخرى ما يسمى بالقنابل اللاصقة، وهي متفجرات بدائية الصنع تلتصق بالمركبات المدرعة الإسرائيلية بواسطة مغناطيس أو شريط لاصق.
فيما يقول العديد من جنود الاحتلال الإسرائيلي إن حماس تحاول أيضاً قتل الجنود الإسرائيليين عن طريق وضع شراك خداعية في المباني في جميع أنحاء غزة. وقال جنود إسرائيليون إنهم عثروا على أفخاخ على نطاق واسع في منازل نشطاء حماس، وكذلك في منازل العديد من المدنيين.
في بعض الأماكن، حاولت حماس استدراج الجنود الإسرائيليين إلى الأفخاخ عن طريق زرع متفجرات في أغراضٍ مكتوب عليها باللغة العبرية.
معضلة أنفاق حماس في غزة
أما بشأن الأنفاق، فلم يحقق الإسرائيليون سوى تقدم جزئي في العثور على تلك الشبكة الواسعة التابعة لحماس وتدميرها.
يقدِّر المسؤولون الإسرائيليون الآن أن حماس قد حفرت أنفاقاً بطول 350 ميلاً تحت قطاع غزة، الذي يبلغ طوله أقل من 30 ميلاً ويصل عرضه إلى 8 أميال. ويُعتَقَد أن هناك عدة مئات من الأنفاق تحت خان يونس وحدها، والتي تشغل مساحة تعادل مساحة مقاطعة برونكس بولاية نيويورك الأمريكية.
فيما يُعتَقَد أن السنوار نفسه كان يختبئ لبعض الوقت في الأنفاق الواقعة أسفل مسقط رأسه في خان يونس، لكن المسؤولين الإسرائيليين لم يعودوا متأكدين من ذلك.
فقد جعلت إسرائيل من أولوياتها قتل أو اعتقال الزعيم الحمساوي البالغ من العمر 61 عاماً، والذي أمضى 22 عاماً في السجن الإسرائيلي قبل أن يصبح زعيماً لحركة حماس في غزة في عام 2017.
يقول محللون عسكريون إن حجم شبكة أنفاق حماس يميز القتال في غزة عن أي معارك أخرى بين القوات النظامية والجماعات الإسلامية المسلحة في التاريخ الحديث.
إذ تستخدم حماس الأنفاق كمقرات عسكرية، للمناورة عبر مدن القطاع، وحماية قادتها، وإخفاء الأسرى، وتصنيع الأسلحة وتنفيذ هجمات الكر والفر.
وتحتوي الأنفاق أيضاً على نظام هاتف ثابت استخدمته حماس للاتصال في وقت سابق من الحرب، إلى جانب أجهزة اتصال لاسلكية وشرائح SIM وهواتف تعمل عبر الأقمار الصناعية. ولكن مع اختراق إسرائيل لهذه الأنظمة، تحول المسلحون بشكل متزايد إلى استخدام العدَّائين لنقل الرسائل الشفهية أو المكتوبة.
فيما قال العديد من الجنود إن الجيش الإسرائيلي لم يجد حلاً منهجياً للعثور على أنفاق حماس وتدميرها. واعتمدت القوات الإسرائيلية في الغالب على الطائرات المسيَّرة والروبوتات لتفتيش الأنفاق، ولم ترسل جنوداً إلا في وقت لاحق لتجنب المعارك في الممرات الضيقة.