يعود النشاط الدبلوماسي إلى بيروت، بالتزامن مع توسيع الاحتلال الإسرائيلي لعملياته العسكرية والتصعيد في جنوب لبنان، منذ الإثنين 19 فبراير/شباط 2024، إلى جانب انعقاد مؤتمرات دولية لبحث دعم الجيش اللبناني، في خطوات القصد منها تقويته في جنوب البلاد، وسط خشية من حرب محتملة بين حزب الله و"إسرائيل"، بحسب مصادر لـ"عربي بوست".
يأتي ذلك بعد الضربة التي وجهها الاحتلال لمنطقة الغازية في مدينة صيدا جنوبي لبنان، في تصعيد جديد مع حزب الله، وسط تهديدات من الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بتوسيع الحرب نحو الجنوب اللبناني.
اجتماع خماسي في لبنان
كشف مصدر دبلوماسي عربي لـ"عربي بوست" أن اجتماعاً سيجري، عصر الأربعاء 20 فبراير/شباط 2024، على مستوى السفراء لممثلي اللجنة الخماسية، التي تضم الولايات المتحدة وقطر والسعودية ومصر وفرنسا، وذلك في قصر الصنوبر، والذي يُعدّ مقر إقامة السفير الفرنسي في بيروت، على إثر التصعيد في جنوب لبنان.
بحسب المصدر، فإن الاجتماع جاء بناءً على طلب عاجل من السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون، لاستكمال المبادرة الجارية حيال ملف انتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة تنفذ حزمة إصلاحات مطلوبة من لبنان.
بحسب المصدر الدبلوماسي، فإن هذا الاجتماع يهدف للتحضير لزيارة الموفد الفرنسي الخاص بلبنان جان إيف لودريان، التي من المتوقع حصولها قبيل شهر رمضان 2024، التي سيكون هدفها دفع الأطراف السياسية اللبنانية للذهاب نحو حوارات ثنائية وثلاثية على مدى أيام مقبلة، لتتم بعدها الدعوة لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، في ظل استمرار الشغور الرئاسي منذ أواخر عام 2022.
كذلك، فإن المجتمعين سيتباحثون حول جهود الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني، ولقاءاته المتعددة مع الأطراف السياسية اللبنانية للوصول إلى مواصفات وأسماء رئاسية تتطابق مع مخرجات اجتماع الخماسية، الذي عقد منتصف شهر يوليو/تموز 2023 في العاصمة القطرية الدوحة، بحسب المصدر ذاته.
وقال إن الاجتماع "سيكون تحضيراً للاجتماع الرئيسي الذي سيعقد خلال الأسابيع المقبلة بين وزراء خارجية الخماسية الدولية، بضيافة القاهرة على الأرجح، للخروج بقرارات مهمة حيال ملف لبنان الرئاسي"، وبعد التصعيد في جنوب لبنان.
أكد كذلك أن "هناك توجهاً لدى بعض أعضاء الخماسية الدولية، بأنه في حال استمر الاستعصاء الداخلي وعدم المشاركة الفعالة من الأطراف المعنية داخلياً بانتخاب الرئيس اللبناني، والتمسك بالسقوف المرتفعة للأطراف السياسية، ستلجأ بعض الدول إلى إصدار سلة عقوبات على النواب والأحزاب المسؤولة عن التعطيل الرئاسي في لبنان".
ربط المصدر الدبلوماسي، بين نشاط الخماسية وبين الحوارات الجارية بعيداً عن الكواليس بين الولايات المتحدة وإيران، برعاية سلطنة عمان ودولة قطر، التي تعكس "تبريداً" إيرانياً للجبهات، وعدم الاندفاع نحو حرب شاملة، تلقي بظلالها في نهاية المطاف على الملف اللبناني.
وقال إن الظروف الإقليمية هذه تساعد في مساهمة إيران بالدفع لانتخاب رئيس للجمهورية، وبدفع العملية السياسية، شريطة أن يحصل حزب الله على مكتسبات تثبت حضوره السياسي في المشهد اللبناني.
وفد أمريكي استباقاً لقمة باريس
بالتوازي، كشف مصدر حكومي لبناني رفيع المستوى لـ"عربي بوست"، أن وفداً أمريكياً من لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي سيصل مساء الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، إلى بيروت، للقاء المسؤولين اللبنانيين.
وفقاً للمصدر، فإن الوفد سيلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، ورئيس لجنة الطوارئ الوطنية الوزير ناصر ياسين، إضافة لنواب من قوى المعارضة اللبنانية، التي تضم حزبيْ القوات اللبنانية والكتائب، ونواباً تغييريين ومستقلين.
أوضح أن هدف اللقاءات هذه "السماع لوجهة نظرهم حيال التصعيد في جنوب لبنان، إضافة للملف الرئاسي اللبناني".
دعم الجيش بعد التصعيد في جنوب لبنان
أما عن العنوان الرئيسي لهذه الاجتماعات، فهو "دعم الجيش اللبناني في جنوب لبنان، وإيجاد مساحة دعم مشتركة تسهل انتشار القوات المسلحة اللبنانية في منطقة الجنوب، بالتزامن مع الحركة الجارية من الأطراف الدولية، وتحديداً بريطانيا وفرنسا، لوقف الحرب، وإيجاد صيغة تسوية بين حزب الله وإسرائيل".
هذه الزيارة الأمريكية، تستبق الجهود الرامية لحشد دعم مالي للجيش اللبناني بعد التصعيد في جنوب لبنان، بحسب المصدر الذي أضاف أن "فرنسا من جانبها، وجّهت دعوات للدول الأوروبية والعربية والولايات المتحدة لحضور مؤتمر تحت عنوان: دعم صمود الجيش اللبناني، وذلك يوم الثلاثاء 27 فبراير/شباط 2024، وستشارك فيه السعودية لأول مرة منذ سنوات".
يهدف المؤتمر، وفقاً للمصدر، لـ"جلب مساعدات مالية وعسكرية للجيش اللبناني، بهدف دعمه في أي خطة انتشار محتملة في مناطق الجنوب اللبناني، إذا ما توقفت الحرب بين لبنان وإسرائيل".
مؤتمرات دولية لدعم الجيش اللبناني
وفقاً للمصدر، فإن فرنسا حرصت على الدعوة للمؤتمر بهدف دفع الدول الخليجية للمساهمة إلى جانب دولة قطر في دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية، التي تعاني من أزمات متلاحقة نتيجة الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان منذ نهاية عام 2019.
مؤتمر آخر سيعقد منتصف شهر مارس/آذار 2024 في مدينة روما الإيطالية للهدف نفسه، وهو دعم الجيش اللبناني في جنوب لبنان والقوى الشرعية اللبنانية، وتعزيز قوتها وحضورها، بعد التصعيد في جنوب لبنان، بحسب المصدر أيضاً.
يدفع الفاتيكان لهذا المؤتمر، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية ودول عربية وقوى إقليمية، ومن المرجح أن يشارك به ممثلون عن كل دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة لدول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
أضاف المصدر الدبلوماسي، أن وفداً حكومياً لبنانياً سيجري زيارات خارجية بهدف تأمين مساعدات عسكرية للجيش، تشمل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، إضافة لتركيا.
عن طبيعة هذه الجولة إلى الدول المذكورة، قال: "يبدو واضحاً أن الجانب الرسمي اللبناني يرفض حتى اللحظة أية مساعدات عسكرية للجيش مقدمة من روسيا أو الصين، خوفاً من عقوبات أمريكية، أو تجنباً لأي غضب غربي، خاصة أن الصين وروسيا قدمتا عروض مساعدات تكنولوجية وعسكرية لصالح الجيش، فيما تهربت الحكومة اللبنانية من قبولها"، على حد قوله.
يشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفّذ، الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، غارتين على مناطق في جنوب لبنان، بعد تكثيفه عمليات الاستطلاع طوال الليلة الماضية على عدد من البلدات الجنوبية، وفق وكالة الأنباء اللبنانية.
وكان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، توعّد مراراً جنوب لبنان والعاصمة بيروت، بمصير مشابه لقطاع غزة، في حال قرر "حزب الله" البدء بحرب شاملة، وفق قوله.
منذ الحرب في غزة، وتحديداً بعد بدئها بيوم واحد، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية تبادلاً مستمراً لإطلاق النار بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة، و"حزب الله" وفصائل فلسطينية من جهة أخرى، أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى على طرفي الحدود.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.