أقرَّ مسؤول كبير في باكستان بأن الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في 8 فبراير/شباط 2024 شهدت أعمال تزوير، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تظاهرات واسعة احتجاجاً على ما ورد بشأن تزوير أصوات الناخبين، واتهامات للجهات التي تولت تنظيمها بعدم النزاهة، بحسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 18 فبراير/شباط 2024.
يؤكد هذا الاعتراف الشكوك المتداولة بشأن شرعية الانتخابات التي شابها جدل كبير ومزاعم بالتزوير بين كثير من المواطنين في باكستان.
فيما قال لياقات علي تشاتا، مفوض مدينة روالبندي في إقليم البنجاب، للصحفيين، إن سلطات المدينة غيَّرت نتائج المرشحين المستقلين، المدعومين من حزب رئيس الوزراء السابق عمران خان، والذين كانوا يتقدمون بفارق يزيد على 70 ألف صوت.
وقال تشاتا إنه تعرض لـ"ضغوط" لا قبل له بها كادت تدفعه إلى الانتحار، لكنه قرر بعد ذلك، الإدلاء باعتراف علني بتحمُّله مسؤولية التزوير، قائلاً: "ينبغي أن أُعاقَب على جرائمي، وأن يُعاقَب جميع المتورطين في هذه الجريمة".
كما اتهم مفوض روالبندي، رئيسَ مفوضي الانتخابات، ورئيسَ المحكمة العليا الباكستانية، بالمشاركة في مخالفات التزوير، إلا أن الشرطة اعتقلت تشاتا بعد البيان، وأنكر رئيس المحكمة العليا الباكستانية، قاضي فايز عيسى، هذه المزاعم.
وزادت هذه المزاعم من الضغوط الواقعة على لجنة الانتخابات والجيش الباكستاني، الذي اتهمته عدة أحزاب سياسية بتزوير الانتخابات لمصلحة حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نواز شريف، وحزب "الشعب الباكستاني" الذي يتزعمه بيلاوال بوتو زرداري.
من جانبها، أنكرت مفوضية الانتخابات مزاعم التزوير التي كشف عنها تشاتا، إلا أن محسن نقفي، رئيس الوزراء المؤقت لإقليم البنجاب، أعلن عن تلقيه ادعاءات المفوض بجديةٍ، وأمر بإجراء "تحقيق محايد" في مزاعم التلاعب بنتائج الانتخابات.
وطالب حزب "حركة الإنصاف" الذي يتزعمه عمران خان، باستقالة كبير مفوضي الانتخابات، وأعلن عن تنظيم مسيرات في جميع أنحاء البلاد السبت 17 فبراير/شباط؛ للاحتجاج على تزوير الانتخابات، وتغيير النتائج. وقال خان، المسجون منذ أغسطس/آب 2023، إن المزورين سلبوا الناس حقهم في تفويض من يمثلهم.
وبعيد اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء باكستان، اعتقلت شرطة البنجاب السبت 17 فبراير/شباط، سلمان أكرم رجا، المرشح المدعوم من حزب حركة الإنصاف؛ لمشاركته في المسيرات الاحتجاجية بمدينة لاهور. ورجا واحد من أكثر من 100 مرشح يقولون إن أصوات الناخبين استُبدلت بها أصوات مزورة.
وزعم فضل الرحمن، رئيس حزب "جماعة علماء الإسلام"، والرئيس السابق للتحالف الذي أزاح خان عن رئاسة الوزراء في تصويت برلماني بحجبِ الثقة في عام 2022، أن الانتخابات كانت مزورة، ورفض الإقرار بنتائجها. وقال فضل الرحمن إن أصوات الناخبين بيعت، و"حصد بعضهم جميع المقاعد في المجالس المحلية مقابل المال".
وامتدت الاحتجاجات إلى إقليم بلوشستان المضطرب في باكستان، إذ اتهمت الأحزاب القومية الجيش بتزوير الانتخابات لمصلحة حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، وأغلق محتجون الطرق السريعة الرئيسة عدة أيام.
قال زاهد حسين، الكاتب والمحلل السياسي، إن اعتراف المفوض أكَّد المزاعم التي وردت عن حدوث تزوير واسع النطاق في الانتخابات العامة. ويرى حسين أن هذا التزوير الهائل واعتراف مسؤولين بارزين به في العلن يزيدان من وطأة الأزمة التي وقعت فيها البلاد.