نجحت إيران في نقل نفط بقيمة 2.8 مليار دولار إلى عدة مشترين في عام 2023، وذلك باستخدام تأمين من شركة يقع مقرها في الولايات المتحدة، على الرغم من العقوبات المفروضة على مبيعات النفط الإيراني بواسطة وزارة الخزانة الأمريكية، بحسب تحقيق صحيفة New York Times الأمريكية، الجمعة 16 فبراير/شباط 2024.
بحسب التحقيق، فقد تم نقل النفط على متن 27 ناقلة باستخدام تأمين صادر من شركة American Club ومقرها في نيويورك.
إذ تُلزَم الناقلات عادةً بالحصول على تأمين المسؤولية من أجل دخول الموانئ الدولية، ما يعني أن وزارة الخزانة الأمريكية كان بإمكانها منع بيع هذا النفط عن طريق إلزام American Club بإلغاء تأمينها على الناقلات.
وتقول الصحيفة إن الـ27 ناقلة نجحت في نقل شحنات النفط عبر 59 رحلة على الأقل خلال عام 2023.
ومن أجل التعرف على شحنات النفط الإيراني، بنت الصحيفة قاعدة بيانات لآلاف الناقلات ومواقعها باستخدام البيانات البحرية وصور الأقمار الصناعية. وراجعت السفن التي ظهرت مخالفات في مسارات رحلاتها مقارنةً بالمعلومات التي قدمها سمير مدني، وهو الشريك المؤسس بشركة TankerTrackers.com المتخصصة في مراقبة شحنات النفط.
وساهمت شركتا SynMax وPole Star المتخصصتان في مراقبة الشحنات بتقديم معلومات إضافية.
منذ مطلع 2023، نقلت 27 سفينة نحو 59 مليون برميل من النفط، وفقاً لتحليل الصحيفة. وجاءت هذه الحسابات مبنيةً على عمق الناقلة في الماء قبل وبعد تحميل النفط، وهو المقياس الذي يستخدمه محللو الصناعة.
وتُشير تقديرات شركة Kpler، التي تراقب التجارة العالمية، إلى أن النفط الذي حملته تلك الناقلات يساوي نحو 9% من إجمالي صادرات النفط الإيرانية في تلك الفترة.
وانتهى المطاف بالعديد من تلك الناقلات في الصين، التي ارتفعت وارداتها من النفط الإيراني بمقدار ثلاثة أضعاف على مدار العامين الماضيين.
واستمرت بعض الشحنات حتى الخريف، بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما تبعها من هجوم لجماعات متحالفة مع إيران على القوات الأمريكية في المنطقة.
وبحلول ذلك الوقت، كانت الناقلات قد نقلت 2.8 مليار دولار من النفط الخام بناءً على أدنى سعرٍ مُعلن للنفط الإيراني في عام 2023.
عمليات تضليل
وارتكزت عملية خداع الناقلات في الأساس على ممارسةٍ تُعرف باسم "التضليل"، وفيها تبث السفن معلومات مسار مزيفة لإخفاء مواقعها الحقيقية.
ففي أغسطس/آب 2023، على سبيل المثال، بثّت ناقلة النفط Glory موقعاً يقول إنها موجودة قبالة سواحل الإمارات، بينما كانت تعمل على تحميل النفط داخل ميناء عسلوية بإيران في الوقت ذاته.
وفي بعض الحالات، نفذت الناقلات عمليات لنقل النفط من سفينة لأخرى بهدف تبادل البضائع في منتصف البحر. وتُعد هذه الممارسة شائعة، لكنها تُستخدم لإخفاء الموطن الأصلي للشحنة، خاصةً عند استخدامها مع ممارسة "التضليل". وكانت عمليات تبادل النفط من سفينة لأخرى قرب إيران تجري قبالة الساحل مباشرةً في المعتاد، كما حدث مع الناقلة Shalimar في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي كل عملية تبادل، تتبعت الصحيفة أصل الشحنة وصولاً إلى منصات النفط الإيرانية.
ووجدت الصحيفة كذلك، أن بعض أطقم الناقلات غيّروا المظهر الخارجي لسفنهم. وفي إحدى السفن المُضلِّلة، جرى نشر غطاء مشمع أحمر اللون فوق سطحها الأخضر؛ في محاولةٍ واضحة لإخفائها عن أعين الأقمار الصناعية.
ورغم استخدام الناقلات تكتيكات خادعة، فإن عمليات تضليلها كانت تتميز بأنماط يمكن التعرف عليها. حيث تظاهرت العديد منها بأنها راسية قبالة شواطئ عمان أو في الخليج العربي لعدة أيام، بينما أظهرت لقطات الأقمار الصناعية أنها لم تكن هناك. وبثّت بعض السفن إشارات تُظهر أنها راسية عند الساحل وتتحرك بسرعة عالية في الوقت نفسه، وهو أمر مستحيل فيزيائياً.
يُذكر أن المشرعين في الولايات المتحدة قد انتقدوا المسؤولين في البيت الأبيض بسبب إخفاقهم في تقييد مبيعات النفط الإيراني، وبسبب إفراجهم عن مليارات الدولارات من إيرادات النفط الإيراني المصادَرة، ضمن صفقة تبادل سجناء في الصيف الماضي.
في حين يزعم المشرعون الجمهوريون أن إيران استخدمت أموال مبيعات النفط المذكورة لدعم "الإرهاب".