تسارع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ومجموعة صغيرة من الشركاء في الشرق الأوسط إلى استكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين، بما في ذلك جدول زمني ثابت لإقامة دولة فلسطينية، يمكن الإعلان عنه في الأسابيع القليلة المقبلة، وهي الخطة التي أغضبت وزراء بحكومة الاحتلال.
صحيفة Washington Post الأمريكية أوضحت، الأربعاء 14 فبراير/شباط 2024، أن الضرورة الملحة لهذه الجهود ترتبط بشكل مباشر بوقف مقترح للقتال وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، الأمر الذي يجري التفاوض بشأنه بين الولايات المتحدة وقطر ومصر.
تفاصيل الخطة
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وعرب، أنه من شأن وقف إطلاق النار الأولي، الذي من المتوقع أن يستمر لمدة 6 أسابيع على الأقل، أن يوفر الوقت لإعلان الخطة وجذب دعم إضافي واتخاذ الخطوات الأولية نحو تنفيذ الخطة، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة.
المسؤولون أشاروا إلى أن المخططين يأملون أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى قبل بداية شهر رمضان، الذي يبدأ يوم 10 مارس/آذار، خشية أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الضغط في غزة.
مخاوف الوسطاء
وبينت الصحيفة الأمريكية أنه في الوقت الذي يعمل فيه المشاركون في التخطيط -مصر والأردن وقطر والمملكة السعودية والإمارات وممثلون فلسطينيون، بالإضافة إلى الولايات المتحدة- على التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، هناك مخاوف جديدة من أن الهجوم الإسرائيلي الذي يلوح في الأفق على رفح سوف يؤدي إلى دفع أزمة غزة إلى أبعادها القصوى ودفن صفقة الأسرى وجهود السلام طويلة الأمد.
وقالت الصحيفة إن المشكلة الأكبر في كل هذا هي إسرائيل، وما إذا كانت حكومتها سوف تذعن للكثير مما يُناقَش حول ملفات عدة بينها "انسحاب العديد من المجتمعات الاستيطانية، إن لم يكن كلها، في الضفة الغربية، وعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وإعادة إعمار غزة، وترتيبات الأمن والحوكمة للضفة الغربية وقطاع غزة معاً". والأمل هو أن تحصل إسرائيل أيضاً على ضمانات أمنية محددة، والتطبيع مع المملكة السعودية ودول عربية أخرى سيكون من الصعب رفضه.
ولم يعطِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أية إشارة إلى أنه مستعد للتراجع عن مطالب حماس بشأن صفقة الأسرى أو معارضته لقيام دولة فلسطينية، وفقاً للصحيفة.
ركزت الرحلات الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى العواصم العربية، والزيارات التي قام بها رئيس وزراء قطر والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن، على ما وصفه بلينكن، أثناء توقفه في الدوحة الأسبوع الماضي، بـ"جوهر وتسلسل جميع الخطوات". قال بلينكن: "هناك حاجة إلى تحديد مسار عملي ومحدد زمنياً ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب في سلام مع إسرائيل".
إن دائرة الدعم للخطة الثابتة تمتد إلى ما هو أبعد من المجموعة الصغيرة من العاملين عليها بشكل مباشر. أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون عن اهتمامه العام بالاعتراف المبكر بالدولة الفلسطينية.
مناقشة الخطة في ميونخ
وتأمل الدول المشاركة في مناقشة خططها مع زعماء أوروبا وخارجها في مؤتمر ميونخ الأمني السنوي الذي يبدأ الجمعة.
إلى ذلك، قال مسؤولون أمريكيون إن قائمة الإجراءات قيد النظر تشمل اعترافاً أمريكياً مبكراً بالدولة الفلسطينية، حتى مع تنفيذ عناصر الإصلاح السياسي والضمانات الأمنية لكل من إسرائيل والفلسطينيين والتطبيع وإعادة الإعمار.
لكنّ عقوداً من المحاولات الفاشلة للتوصل إلى حل الدولتين أثارت تساؤلات لدى البعض بشأن التزام الولايات المتحدة، خاصة في عام الانتخابات الذي أصبحت فيه الحرب بين إسرائيل وغزة والدعم لإسرائيل من القضايا السياسية الرئيسية.
ويعتقد كثيرون أن اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية في بداية العملية، حتى لو كانت حدودها النهائية ومؤسساتها لم يُنتَهَ منها بعد، هو وحده القادر على إقناع العالم العربي بأن هذه المرة ستكون مختلفة. وبينما يقول المسؤولون الأمريكيون إن الاعتراف بشكل ما موجود على قائمة الاحتمالات، فإن المتشككين لا يتوقعون حدوث ذلك في أي وقت قريب.
ويقول ممثلو الدول في مجموعة التخطيط إنهم يدركون الصعوبات التي تواجه التوصل إلى اتفاق على أي من الجانبين، وقد قسموا العمل، حيث تتفاوض الولايات المتحدة مع إسرائيل والعرب مع الفلسطينيين.
ويصر المسؤولون العرب على أنهم متفائلون بشأن جمع الجماعات الفلسطينية معاً لتشكيل حكومة من التكنوقراط، بدلاً من السياسيين، تركز على تنشيط الاقتصاد الفلسطيني، وتحسين السيطرة على الأمن، وإعادة بناء غزة، تليها الانتخابات. وقال العديد من المسؤولين العرب إن عباس وافق من حيث المبدأ، وربما يحتفظ بمنصبه كرئيس للدولة في دور مماثل لدور الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوج.
ويطرح المشاركون في المحادثات مرشحيهم المفضلين للعمل في مناصب حكومية عليا أخرى، ويناقشون ما إذا كان للقيادة السياسية لحماس أي دور في غزة ما بعد الحرب.
وقال مسؤول عربي إنه ينبغي إشراك الجناح السياسي لحماس في المحادثات إن لم يكن في الحكومة المستقبلية. وقال: "نحن بحاجة إلى شخص يمثلهم للتأكد من أنهم على متن هذا الأمر".