اقترح وزير ألماني كبير أنَّ المملكة المتحدة يمكن أن تسهم في درع نووية أوروبية جديدة إذا صار دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة مرة أخرى؛ ما يجذب السياسيين البريطانيين إلى النقاش حول كيفية تعزيز أمن أوروبا في حالة فوز المرشح الجمهوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وفق صحيفة The Guardian البريطانية.
وقد اشتدت التساؤلات حول الردع النووي الأوروبي بعد تصريحات ترامب، السبت 10 فبراير/شباط 2024، التي قال فيها إنه لن يدافع عن أي عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يفشل في إنفاق 2% من ناتجه المحلي الإجمالي على الدفاع، بل وسيشجع روسيا على مواصلة هجماتها.
وفسّر الزعماء الأوروبيون هذه التصريحات على أنها تحذير من أنَّ الدرع النووية الأمريكية التي يمتلكها التحالف إلى حد كبير، لم يعد من الممكن اعتبارها أمراً مفروغاً منه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض.
نموذج بديل يشمل الأسلحة النووية البريطانية والفرنسية
بدوره، دعا كريستيان ليندنر، وزير المالية الألماني وزعيم الحزب الديمقراطي الحر، الثلاثاء 13 فبراير/شباط، السياسيين إلى النظر في نموذج بديل يمكن أن يشمل الأسلحة النووية البريطانية والفرنسية.
وكتب ليندنر، في مقال لصحيفة Frankfurter Allgemeine Zeitung: "إنَّ القوات النووية الاستراتيجية لفرنسا وبريطانيا العظمى تساهم بالفعل في أمن تحالفنا. وقد قدم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عروضاً مختلفة للتعاون. ينبغي لنا أن نفهم تصريحات دونالد ترامب الأخيرة على أنها دعوة لإعادة التفكير في هذا العنصر من الأمن الأوروبي تحت مظلة الناتو".
أضاف ليندنر: "السؤال هو: في ظل أي ظروف سياسية ومالية ستكون باريس ولندن مستعدتين للحفاظ على قدراتهما الاستراتيجية الخاصة بالأمن الجماعي أو توسيعها؟ والعكس صحيح، ما هي المساهمة التي نحن على استعداد لتقديمها؟ عندما يتعلق الأمر بالسلام والحرية في أوروبا، يجب ألا نخجل من هذه الأسئلة الصعبة".
ولا تتعلق القضية المركزية في المناقشة النووية بما إذا كانت بريطانيا أو فرنسا ستضع أسلحتها النووية تحت تصرف الاتحاد الأوروبي، بل ما إذا كان من الممكن أن يتفق البلدان على وضعها في خدمة استراتيجية الردع لمنطقة التحالف الأوروبي التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ردع نووي خارج هيكل الناتو
وعلى الرغم من أنَّ فرنسا تحتفظ بقدرتها على الردع النووي خارج هيكل قيادة الناتو، فقد عرض ماكرون التعاون مع أوروبا في مجال الدفاع النووي. وفي عام 2020، دعا إلى "حوار استراتيجي حول دور الردع النووي الفرنسي في الأمن الجماعي لأوروبا". لكن لم تقبل ألمانيا هذا العرض قط.
وقد أيد مانفريد فيبر، المحافظ الألماني الذي يرأس تجمع حزب الشعب الأوروبي الذي يمثل يمين الوسط في البرلمان الأوروبي، هذه المناقشة، قائلاً إنه لا يستبعد وجود مظلة نووية أوروبية، ودعا إلى فتح "فصل جديد" مع لندن.
أضاف فيبر: "قدم ماكرون بالفعل عرضاً غامضاً للحديث عن أهمية القوات النووية الفرنسية لأوروبا. والآن بعد أن شكك دونالد ترامب علانيةً في دور الولايات المتحدة باعتبارها قوة وقائية، فهذه هي اللحظة المناسبة لمناقشة هذا العرض. وينطبق الشيء نفسه على البريطانيين، الذين يجب أن نبدأ معهم أخيراً فصلاً جديداً من التعاون بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
ومن المرجح أن تُطرَح هذه القضية خلال الانتخابات الأوروبية في يونيو/حزيران المقبل، حيث يبدو أنَّ كاتارينا بارلي، المرشحة الأولى عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، تدعم الفكرة أيضاً. وقالت لصحيفة Tagesspiegel إنَّ تصريحات ترامب الأخيرة تعني أنه "لم يعد من الممكن الاعتماد على الضمانات الدفاعية الأمريكية".
ومع ذلك، لا يؤيد الجميع هذه الفكرة، فقد دعا وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، وهو أيضاً من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلى التروي، قائلاً: "لا يمكنني إلا أن أحذر من بدء مثل هذه المناقشة بمثل هذا الإهمال لمجرد أنَّ دونالد ترامب، وهو ليس حتى مرشحاً للرئاسة، يدلي بمثل هذه التصريحات".