تصاعدت التحذيرات العربية من إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وسط مخاوف من حدوث كارثة إنسانية، بينما واصل الاحتلال الإسرائيلي لليوم الـ128 على التوالي جرائمه بالقطاع، وتسببت غاراته فجر الأحد 11 فبراير/شباط 2024، في استشهاد وإصابة العشرات من المدنيين.
التحذيرات من مغبة اجتياح مدينة رفح، التي تؤوي نحو مليون و300 ألف نازح تم تهجيرهم من محافظات شمال ووسط القطاع، جاءت في بيانات رسمية منفصلة من فلسطين والسعودية والإمارات وقطر والكويت ومصر والأردن والعراق واليمن، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية.
في وقت سابق السبت، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن العملية العسكرية في رفح ستبدأ بعد الانتهاء من "إجلاء واسع النطاق" للمدنيين من المدينة وضواحيها، وبناء على ذلك حذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة من "كارثة ومجزرة عالمية"، في حال اجتاحت إسرائيل محافظة رفح.
فيما طالب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، واشنطن بـ"تحرك جدي لوقف الجنون" الإسرائيلي، مع استعداد تل أبيب لاجتياح محافظة رفح، آخر ملاذ للنازحين بقطاع غزة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية.
أضاف أبو ردينة: "المطلوب من الإدارة الأمريكية هو إجبار الاحتلال على وقف مجازر الإبادة التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وآخرها ما حصل اليوم في مدينة رفح، وذهب ضحيتها 25 شهيداً وعشرات الجرحى، والتي ستدفع الأمور إلى حافة الهاوية".
تحذير عربي من اجتياح مدينة رفح
بدورها أكدت السعودية، في بيان للخارجية بشأن قرب اجتياح مدينة رفح، أن المنطقة هي "الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين، الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلي الوحشي على النزوح"، مشددة على "رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لترحيلهم قسرياً".
كما جددت السعودية، في البيان ذاته "مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار". وقالت إن "هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلاً لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة، يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان".
فيما أعربت الإمارات، في بيان للخارجية، عن "قلقها الشديد من مخططات واستعدادات الجيش الإسرائيلي لشنّ عملية عسكرية في منطقة رفح، جنوبي قطاع غزة، المكتظة بالنازحين الفلسطينيين".
كما حذرت من "الانعكاسات الإنسانية الخطيرة التي قد تتسبب بها العمليات العسكرية"، لافتة إلى أن اجتياح مدينة رفح "يهدد بوقوع المزيد من الضحايا الأبرياء، ويؤدي إلى استفحال الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع".
فيما جدّدت "تأكيد إدانتها الشديدة لأي ترحيل قسري للشعب الفلسطيني الشقيق، وأية ممارسات مخالفة لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والإنساني". ودعت "المجتمع الدولي إلى بذل كافة الجهود بدون إبطاء للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، لتجنّب المزيد من تأجيج الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة".
من جهتها، أدانت قطر، في بيان للخارجية "بأشد العبارات التهديدات الإسرائيلية باقتحام مدينة رفح بجنوب قطاع غزة"، محذرة من "وقوع كارثة إنسانية في المدينة، التي أصبحت ملاذاً أخيراً لمئات الآلاف من النازحين داخل القطاع المحاصر".
كما دعت الدوحة "مجلس الأمن الدولي إلى تحرك عاجل يحول دون اجتياح مدينة رفح وارتكاب إبادة جماعية في المدينة"، مؤكدة "الرفض القاطع لمحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة".
بينما أعربت الكويت، السبت، عن قلقها إزاء "مخططات إسرائيل لمهاجمة مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، بعد ترحيل السكان المدنيين قسراً منها". وأكدت موقفها "الداعي إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولياتهم في حماية المدنيين الفلسطينيين العزل.
فيما حذر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في تصريحات صحفية من تطورات الأوضاع في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، المتاخمة للحدود المصرية، قائلاً إنها "تنذر بتدهور في القطاع، وتداعيات وخيمة".
بدوره حذَّر الأردن، في بيان للخارجية، من اجتياح مدينة رفح، آخر ملاذ للنازحين في قطاع غزة، مجدِّداً رفضه "المطلق" لتهجير الفلسطينيين. وأكد "ضرورة اضطلاع مجلس الأمن الدولي بمسؤولياته ودون إبطاء لمنع التدهور الخطير وفرض وقف فوري لإطلاق النار".
في سياق متصل، دعا العراق، في بيان للخارجية بشأن نية إسرائيل اجتياح مدينة رفح، إلى "ضرورة التدخل الدولي لمنع خطط التهجير القسري الجماعي في غزة، وضرورة وقف العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين.
كما أكد أنه "يتابع بقلق بالغ الأنباء التي تؤكد أن سلطة الاحتلال الاسرائيلي تخطط لارتكاب كارثة ومجزرة إنسانية جديدة من خلال قيام قواتها بعملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة".
بينما حذر اليمن، في بيان للخارجية، من "استعدادات جيش الاحتلال الإسرائيلي لاقتحام مدينة رفح"، مؤكداً أن "هذا الإجرام الهمجي ستكون له تداعيات أمنية خطيرة على الأمن والسلم". ودعت الخارجية اليمنية "المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى القيام بواجبه لوقف هذا العدوان البربري".
منظمات تدين مخططات الاحتلال
أدانت منظمة التعاون الإسلامي، في بيانٍ، تصريحاتٍ بخصوص مواصلة العدوان العسكري ومخطط اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، محذرة من أن "ذلك يأتي في إطار الإبادة الجماعية، وسيؤدي إلى كارثة إنسانية ومجازر جماعية".
فيما جدّدت المنظمة "دعوتها المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن الدولي، إلى تحمّل مسؤولياته تجاه وقف العدوان الإسرائيلي بشكل فوري وشامل".
كما رفض مجلس التعاون الخليجي، في بيان "النيات المعلنة من قبل إسرائيل بشأن اقتحام مدينة رفح بعد ترحيل السكان المدنيين قسراً منها". وأكد المجلس أن هذا "يهدد بتصعيد مستويات زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، ويؤدي إلى المزيد من التدهور والمعاناة للشعب الفلسطيني".
بينما حذرت الجامعة العربية في بيان، من "التبعات الخطيرة لقيام الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مدينة رفح بقطاع غزة". وطالبت بتحرك دولي للحيلولة دون وقوع كارثة تزيد من تصعيد الأوضاع في المنطقة واشتعالها على مستوى الإقليم.
عشرات الشهداء والجرحى
إلى ذلك، واصلت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة في اليوم الـ128، وقصفت فجر الأحد مناطق مختلفة من القطاع، لا سيما وسطه وجنوبه، ما أسفر عن استشهاد عشرات المواطنين بينهم أطفال ونساء، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
حيث نقلت الوكالة عن مصادر صحية في قطاع غزة، استشهاد 25 مواطناً على الأقل وإصابة العشرات جراء قصف على منزل يؤوي نازحين شرقي رفح جنوب قطاع غزة. وقصفت مدفعية الاحتلال مناطق وسط القطاع، مخلفة شهداء وجرحى.
كما شنَّت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات عنيفة صباح الأحد، على مناطق جنوب خان يونس. وكانت مصادر محلية أفادت باستشهاد امرأة وإصابة عدد آخر بينهم طفلة، في قصف طائرات الاحتلال الحربية منزلاً لعائلة أبو سلمية في دير البلح وسط قطاع غزة.
فيما أضافت المصادر أن عدداً من الإصابات وصل مستشفى شهداء الأقصى، بعد استهداف الاحتلال منزلاً يعود لعائلة أبو سلمية، في شارع النخيل غرب دير البلح.
بينما تستمر طائرات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارات عنيفة في منطقة رفح، وسط أنباء عن اقتراب تنفيذه عملية اجتياح بري للمدينة المكتظة بأكثر من 1.3 مليون من الأهالي والنازحين، قرب الحدود المصرية مع قطاع غزة.
في حصيلة غير نهائية، خلَّف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، براً وبحراً وجواً، أكثر من 28,064 شهيداً و67,611 جريحاً، فيما لا يزال آلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، إذ يمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والإنقاذ من الوصول إليهم.