لجأ جنود احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي لبيع معداتهم القتالية بحثاً عن المال، بينما يقوم آخرون بشرائها؛ لأن جيش الاحتلال لا يوفرها لهم احتياجاتهم، وفق ما جاء في تقرير لموقع Calcalist الإسرائيلي، الخميس 8 فبراير/شباط 2024، وأضاف أن بعض الأسلحة المعروضة للبيع على الإنترنت مسروقة من جيش الاحتلال.
الموقع أوضح أن النقص الحاد في المعدات القتالية بالسوق الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أدَّى إلى تدفق جماعي للتبرعات الخاصة، وإقبال كبير ممن لديهم فوائض في المعدات والأسلحة، للبيع عبر منصات بيع المنتجات المستعملة على الإنترنت.
كما انتشرت على فيسبوك وتليغرام وموقع Yad2 الإسرائيلي عشرات الإعلانات من جنود احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي لبيع المعدات والأدوات القتالية بمختلف أنواعها، من خوذات "النايلون" العسكرية إلى مناظير البنادق، "بأسعار زهيدة".
جنود احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يبيعون الأسلحة
لكن رواج هذه السوق يدل من جهة أخرى على عمق الصدع الذي تخلل العلاقة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي النظامي وجنود الاحتياط، بعد فقدانهم الثقة في قدرة النظام على رعايتهم وإمدادهم باحتياجاتهم في أوقات القتال.
حيث عُرضت على مواقع البيع الإلكترونية الإسرائيلية مناظير بنادق من نوع "مبرولايت إم 5″ بسعر 2500 شيكل (680 دولاراً أمريكياً)؛ و"معدات رؤية ليلية بالأشعة تحت الحمراء لمدى يصل من 250 إلى 300 متر، بسعر 450 شيكلاً (122 دولاراً)".
كما عُرضت "خوذة عسكرية تكتيكية للبيع بسعر 1200 شيكل (327 دولاراً) بدلاً من 1260 شيكلاً (343 دولاراً)؛ "دروع مضادة للرصاص (4 طبقات) بسعر 1700 شيكل (463 دولاراً) بدلاً من 1800 شيكل (490 دولاراً). وقد اجتاحت مئات من هذه الإعلانات منصات البيع والشراء الإسرائيلية عبر الإنترنت في الأيام الأخيرة.
"واقع محزن وخطير"
تلقَّى موقع Calcalist الإسرائيلي شهادات عن جنود إسرائيليين عادوا إلى منازلهم بمعدات قتالية خاصة، غير مستخدَمة، تبلغ قيمتها الإجمالية عشرات ومئات الآلاف من الشواكل.
حيث خزَّن بعضهم هذه المعدات في منزله تحسباً للاحتياج إليها في المستقبل، أما البقية ففضَّلوا بيعها لجني المال. وقال أحد الباعة في إعلانه على فيسبوك، إنه قرر بيع المنتج المعروض "بسبب الخروج من غزة، والعودة للحياة الطبيعية، وعدم الاحتياج إلى هذه الأشياء".
لكن الأمر لا يتعلق بجندي احتياط هنا أو هناك يريد أن يبيع سلاحه ومعداته لجمع بعض المال في زمن الحرب والركود الاقتصادي، فهذا العدد الكبير من هذه الإعلانات يشير في الأساس إلى ما يصفه موقع Calcalist الإسرائيلي بأنه واقع مُحزن وخطير، وهي قضية تقصير الجيش في أداء مهمته، وإخفاقه في توفير المعدات القتالية الأساسية لجنود الاحتياط الذين أرسلهم لمحاربة حماس وحزب الله.
كما قال الموقع الإسرائيلي إن نتيجة هذا التقصير من الجيش هي الفوضى في توزيع المعدات والأسلحة، وتراكم الفوائض في بعض المعدات، ثم تدفقها إلى السوق الخاصة، والنقص في معدات أخرى، واضطرار الجنود الإسرائيليين للجوء إلى أسواق البيع الإلكترونية للبحث عن المعدات التي تنقصهم لأن الجيش لم يزوِّدهم بها.
قال جندي احتياط إسرائيلي في إعلان للبحث عن نواقصه: "أبحث عن منظار بندقية من نوع برولايت، ويفضل أن يُباع والشاحن معه! لقد انضممت حديثاً إلى الاحتياط، ووحدتي القتالية لم تتسلم مناظير بنادق، وأنا أبحث عن هذا المنظار لأن لي باع باستعماله، وأحسن استخدامه".
في إعلان آخر، طلب ضابط إسرائيلي بسلاح المدرعات خوذةً وسترةً ودرعاً مضاداً للرصاص، وقال: "إذا كان هناك أحد هنا لم يعد بحاجة إلى معداته، وليس لديه مانع في الاستغناء عنها، فيسعدني بشدة أن أتلقاها منه". ولكنه تلقى انتقادات من بعض الأشخاص الذين طالبوه بفتح محفظته وعرض المال، بدلاً من استعطاف الناس ليفتحوا له قلوبهم ويستغنوا عن معداتهم له!
بيع معدات مسروقة من جيش الاحتلال
من جهة أخرى، ورغم أن معظم إعلانات البيع عبر الإنترنت تعرض معدات خاصة اشترتها جهات مانحة في إسرائيل وخارجها وتبرعت بها إلى الجنود، فإن هناك عدداً لا بأس به من الإعلانات التي تعرض معدات أصلية مسروقة من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
جاء في أحد هذه الإعلانات: "للبيع: أحذية مشاة جديدة". وعرض إعلان ثانٍ "صفقة" يقايض صاحبها سترة قتال خفيفة في مقابل خوذة تكتيكية؛ وعرض ثالث لحزام السلاح وغطاء الخوذة الأصلي الذي يستعمله الجيش الإسرائيلي ("بسعر 20 شيكلاً فقط (5 دولارات")؛ وعرض إعلان رابعٌ منظاراً من نوع "مبرولايت"، وقد حُفر عليه الرقم التسلسلي بـسعر 2000 شيكل (544 دولاراً).
يُعد هذا الانتشار لإعلانات بيع المعدات القتالية الخاصة حدثاً غير معهود إلى حدٍّ بعيد، وقد تزايد زخم الأمر بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتعبئة الواسعة لجنود الاحتياط في أعقابه. فكثيرٌ من الجنود الإسرائيليين الذين أُرسلوا إلى الحرب في غزة أو الحدود الشمالية مع لبنان، وجدوا أنفسهم قد تسلموا معدات قديمة أو ناقصة أو ليس لها علاقة بمُهماتهم القتالية.
بعد أن أدركوا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن يُسعفهم ولن يلبي حاجتهم، لجأوا إلى الجهات المانحة وشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على المساعدة. وهكذا، لم تقتصر التبرعات على الملابس الداخلية والقمصان، وأدوات النظافة والوجبات، بل شملت حقائب الظهر العسكرية، وأحذية المشاة، والسترات، ومضادات الرصاص.
قال أحد جنود احتياط في جيش الاحتلال: "استُدعينا إلى قوات الاحتياط في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولكنهم ما لبثوا أن أخبرونا في الطريق إلى القاعدة ألا نأتي على الفور، لأن هناك نقصاً في المعدات وفي الأسلحة. فأدركنا حينها مدى خطورة الوضع في الوحدة".
كما أضاف "ذهبت وزميل لي إلى كنيس، وجمعنا بضعة آلاف من الشواكل من المصلين، واشترينا بها أغطية واقية للركبة"، و"عندما وصلنا إلى الوحدة، وجدنا أن الأسلحة ليست متوفرة للجميع، فبعض الجنود لم يكن لديهم أسلحة رشاشة، وبعضهم لم يجد أحذية المشاة"، "فقد كان هناك نقص في المعدات، وقد أصابني ذلك بالتوتر، وانتابني قدر من الذعر".
بينما قال موقع Calcalist إن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان يعمل في الأشهر الأخيرة على خطة لتقليص الفجوة في المعدات بين جنود الاحتياط والجنود النظاميين، لكن هذه الخطة تبلغ تكلفتها 2 مليار شيكل (500 مليون دولار)، والجيش يشك في إمكانية إدراجها في الميزانية المتاحة له حالياً.