إدارة بايدن “تنحاز” لإسرائيل.. موقع أمريكي: رفضت وصف جرائم غزة بـ”التطهير العرقي”، وأطلقته على السودان

عربي بوست
تم النشر: 2024/02/04 الساعة 15:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/04 الساعة 15:55 بتوقيت غرينتش
الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على قطاع غزة/ الأناضول

أثار امتناع واشنطن عن وصف ما يحدث من جرائم في قطاع غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي بـ"التطهير العرقي"، جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة، خاصة بعد أن أطلقت الخارجية الأمريكية وصفاً مماثلاً لما يقع في السودان، وذلك في استجابة منها لدعوات العشرات من المنظمات الإنسانية في البلاد.

فيما يتهم خبراء أمريكيون إدارة بايدن بـ"التهرب من إصدار أحكام على تل أبيب"، وفق ما جاء في تقرير لموقع The Intercept الأمريكي، الأحد 4 فبراير/شباط 2024.

فقد طلبت 50 منظمة إنسانية من وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، أواخر العام الماضي، إصدارَ قرار إدانةٍ يمهِّد لفرض عقوبات على مرتكبي الفظائع الجارية في الصراع السوداني الذي كان يشغل الاهتمام العالمي آنذاك.

الموقف من السودان

ظلت المنظمات الإنسانية تضغط على الإدارة الأمريكية لإصدار قرارها طيلة أشهر، وركزَّت في خطابها إلى الإدارة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، على الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع. وبعد 6 أيام، شدَّد وزير الخارجية الأمريكية في تصريحات له على أن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية كلاهما مدان. وقال في بيانٍ صدر في 6 ديسمبر/كانون الأول: "بناءً على التحليل الدقيق الذي أجرته وزارة الخارجية للقانون والإطلاع على الحقائق المتاحة، تبيَّن لنا أن أفراداً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب في السودان".

ثم خصَّ بلينكن قوات الدعم السريع بالإدانة، وقال إن وزارة الخارجية الأمريكية خلصت إلى "أن منتسبين إلى قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وجريمة التطهير العرقي".

رحَّب نشطاء حقوق الإنسان بهذا التصنيف، وعدُّوه انتصاراً لمساعيهم، لأن هذا القرار له آثار مهمة على السياسة الخارجية الأمريكية، وقد جرت العادة أن يتبعَ هذا التصنيف القانوني بارتكاب جرائم دولية قيوداً على إرسال الأسلحة والمساعدات الأمنية، وفرضَ عقوبات اقتصادية على الجهة المدانة بارتكاب هذه الجرائم.

الأمر مختلف بالنسبة لغزة

مع ذلك، اختلف الرأي الأمريكي حين بات الأمر يتعلق بما يحدث من جرائم حرب موثقة وفظائع لا رادع لها في غزة، التي تبعد عن الخرطوم بأقل من ألفي كيلومتر. وامتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن إصدار أي قرار مماثل فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة.

تقول سارة ياغر، مديرة مكتب "هيومن رايتس ووتش" في واشنطن، لموقع The Intercept الاستقصائي الأمريكي، إن المسؤولين الأميركيين كثيراً ما أدانوا تصرفات الأطراف المتحاربة في أماكن صراع مختلفة، مثل أوكرانيا وإثيوبيا والسودان، وكانت الإدانة صائبة في كثير من الأحيان. ومع ذلك، "فإنه فيما يتعلق بالحرب في غزة، حرص المسؤولون الأمريكيون على تجنب إصدار أي أحكام على سلوك إسرائيل".

جيش الاحتلال يدمر مربعا سكنيا في حي الرمال في غزة/الأناضول
جيش الاحتلال يدمر مربعا سكنيا في حي الرمال في غزة/الأناضول

يتلقى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية كلَّ يوم تقريباً أسئلة من وسائل الإعلام عما يحدث في غزة، ويلح الصحفيون عليه للإفصاح عن رأي الوزارة في الفظائع العديدة التي يُزعم أن القوات الإسرائيلية ارتكبتها، مثل إطلاق النار على مدنيين في كنيسة؛ وقصف المستشفيات والمساجد والمدارس والجامعات والمباني السكنية؛ وقطع الغذاء والوقود والدواء عن أهل غزة. وتستند معظم الأسئلة إلى أدلة فيديو أو تصريحات مسجلة لوزراء الحكومة الإسرائيلية.

ومع ذلك، تصرُّ وزارة الخارجية الأمريكية على عدم إصدار أحكام على ما يحدث في غزة، وتقول في معظم الأحيان إن آراء أو تصرفات بعض عناصر قوات الأمن الإسرائيلية أو بعض الوزراء لا تمثل الموقف الإسرائيلي الرسمي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، هذا الشهر: "ترفض الولايات المتحدة التصريحات الأخيرة للوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ودعوتهما إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة"، و"هذا الخطاب تحريضي وغير مسؤول. لقد قالت لنا حكومة إسرائيل، ورئيس الوزراء، مراراً أن مثل هذه التصريحات لا تعبّر عن سياسة الحكومة الإسرائيلية".

واشنطن تتهرّب

هذا التمنُّع الأمريكي عن اتخاذ قرار بشأن الفظائع التي ترتكبها القوات الإسرائيلية يحجب أحد الأدوات الحاسمة التي لطالما استعملتها الولايات المتحدة لجذب الانتباه إلى بعض النزاعات الدولية، وتعبئة المجتمع الدولي لإيقاف الانتهاكات الجارية فيها.

يقول الخبراء إن وزارة الخارجية الأمريكية تتهرب بذلك من واجب الحكم على تصرفات إسرائيل في الصراع الدائر، ومدى التزامها بقوانين الحرب في حربها على غزة. وقد تقاعست الوزارة عن الردِّ على طلبات حقوقية وإنسانية وردت إليها من المنظمات نفسها التي ألحَّت عليها من قبل لإدانة الجرائم المرتكبة في السودان. 

جثث لشهداء فلسطينيين قضوا في قصف للاحتلال/رويترز
جثث لشهداء فلسطينيين قضوا في قصف للاحتلال/رويترز

وفي هذا السياق، قال جون رامينغ تشابيل، الناشط الحقوقي والقانوني في "مركز حماية المدنيين في الصراعات" الأمريكي: "لا بد أن تتناول الولايات المتحدة بالبحث والتقييم مدى امتثال إسرائيل للقانون الدولي لأن كثيراً من الأسلحة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي لقتل المدنيين، وإبادة المنازل، وتدمير المرافق الطبية، هي أسلحة مصنوعة في الولايات المتحدة ويدفع ثمنها دافعو الضرائب الأمريكيون"، ومن ثم فإن "إمداد إسرائيل بالأسلحة يعني أن الولايات المتحدة تخاطر بالتواطؤ على جرائم وحشية يحتمل أن إسرائيل ارتكبتها في غزة".

ولم تردَّ وزارة الخارجية الأمريكية على الأسئلة الواردة إليها من موقع The Intercept بشأن ما أبدته من عزم على إدانة جرائم الحرب في السودان، وإصرارها على الامتناع عن إصدار أي قرار مماثل فيما يتعلق بما تفعله إسرائيل في غزة.

تحميل المزيد