رفض حزب "الرفاه من جديد" التحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم لخوض الانتخابات المحلية في تركيا، بعد فشل الوصول إلى صيغة توافقية بين الحزبين على مدار الأسابيع الماضية، في حين أثار أكرم إمام أوغلو جدلاً بسبب رفع رواتب العاملين في بلدية إسطنبول بنسبة تصل إلى 69% قبل السباق الانتخابي.
حزب الرفاه يرفض تجديد التحالف
جاء قرار "الرفاه" بعد 5 زيارات قام بها وفد من العدالة والتنمية بقيادة نائب رئيس الحزب إفكان آلا، ورئيس شؤون الانتخابات علي إحسان يافوز، إلى مقر حزب الرفاه في العاصمة التركية أنقرة؛ لبحث سيناريوهات التحالف.
ناقشت قيادات من العدالة والتنمية مع نظرائهم في حزب الرفاه على مدار الاجتماعات الخمسة، سبل دعم مرشحي الحزب الحاكم في إسطنبول وأنقرة وإزمير في الانتخابات المحلية في تركيا المقرر نهاية مارس/آذار 2024.
أربكان يرفض التحالف لدعم مراد كوروم
أعلن فاتح أربكان، رئيس حزب "الرفاه من جديد"، قرار عدم تشكيل تحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه الرئيس رجب طيب أردوغان، في الانتخابات المحلية القادمة؛ وذكر 5 أسباب لتبرير قرار حزبه.
أشار أربكان إلى أن حزبه فضّل دخول الانتخابات المحلية في تركيا كحزب منفصل، موضحاً أن عدد أعضاء حزبه زاد بمقدار 150 ألف عضو في 5 أشهر، وأنه بلغ إجمالي عدد الأعضاء 411 ألف عضو، متمنياً أن يدخل الانتخابات القادمة بـ500 ألف عضو.
ذكّر أربكان بأن حزبه كان جزءاً من تحالف الشعب في انتخابات 2023؛ لكنه اتهم العدالة والتنمية بأنه "لم يلتزم بمذكرة التعاون التي أبرموها، كما أن الحكومة لم تتخذ الخطوات اللازمة فيما يتعلق بالعدوان على قطاع غزة".
ذكر أربكان 5 أسباب لعدم التحالف مع حزب العدالة والتنمية، وهي:
1- قاعدتنا الشعبية لا تريد منا تشكيل تحالف في هذه الانتخابات.
2- منظماتنا لا تريد أن نكون في التحالف.
3- لا ننظر إلى هذه الانتخابات المحلية في تركيا على أنها انتخابات للبقاء.
4- عدم دخول قوى المعارضة في هذه الانتخابات كتحالف موحّد، لذا فإن التحالف هنا ليس قضية ملحة.
5- حزب العدالة والتنمية لم يأتِ إلينا بعروض عادلة خلال مفاوضات التحالف، رغم أننا عقدنا هذه المحادثات بحسن نية، لكننا لم نجد طلباً عادلاً ومتوازناً.
طلبات العدالة والتنمية
سعى حزب العدالة والتنمية الحاكم لإقناع "الرفاه" بسحب مرشحه في مدينة بورصة غربي البلاد؛ إلى جانب دعم مرشحي الحزب الحاكم في نحو 10 مدن حضرية أخرى؛ بينها إسطنبول وأنقرة وإزمير.
من جهته، قال سوات كليتش، نائب رئيس حزب "الرفاه من جديد"، إن حزبه يملك إمكانية تصويت تصل نسبة 5% في جميع أنحاء البلاد، وأن حزبه وصل إلى حصة تصويت حزب الحركة القومية في إسطنبول، وأن حزب العدالة والتنمية "هو الذي يحتاج إلينا"، وفق قوله.
تابع بأن الحزب مستعد لإعلان مرشحه في إسطنبول؛ بعد عدم الوصول إلى اتفاق مع حزب العدالة والتنمية، موضحاً: "سيكون مرشحنا مرشحاً مفاجئاً، وسيغير التوازنات".
طلبات "الرفاه من جديد"
رغم أن حزب الرفاه من جديد، الذي أسسه نجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، عام 2018، كان ضمن تحالف الشعب بقيادة العدالة والتنمية في الانتخابات العامة الأخيرة، فإنه قرر التنافس مع مرشحيه في الانتخابات المحلية في تركيا التي ستجري في 31 مارس/آذار القادم.
وأكد سوات كيليتش أن الأطراف التي ترغب في التعاون مع حزبه يجب أن تقدم "عرضاً متوازناً في ظل ظروف متساوية وعادلة، وإلا فإن الحزب سيخوض الانتخابات المحلية في تركيا في جميع الولايات منفرداً".
في الأسبوع الماضي، أعلن حزب "الرفاه" عن 56 مرشحاً إضافياً لرئاسة البلديات، بما في ذلك رئيس بلدية كبرى، واثنين من رؤساء البلديات الحضرية و53 رئيس مقاطعة، معتزماً الحزب عقد اجتماع للترويج لمرشحيه في 10 فبراير/شباط 2024.
نائب رئيس الحزب، محمد ألتينوز، قال في تصريح لصحيفة "تركيا"، إنهم سيقدمون مرشحين في إسطنبول وأنقرة، وأنهم سيدخلون الانتخابات المحلية في تركيا مع مرشحين مهمين، "وهو ما سيفاجئ الجميع".
إليف أربكان
في حين أن المفاوضات بين حزب الرفاه من جديد والعدالة والتنمية لدعم مراد كوروم لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى؛ لم تصل إلى نتيجة، يدور الحديث داخل كواليس حزب الرفاه عن إمكانية ترشيح "إليف أربكان" للمنافسة على مقعد رئيس بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات القادمة.
الصحفي باريش ياركاداش، كشف خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني، عن أنه في حال فشل المفاوضات بين حزب الرفاه والعدالة والتنمية، فإن الأول ستكون مرشحته إليف أربكان.
وأضاف على قناة "TV100": "يقال إن مرشحة حزب "الرفاه من جديد" في إسطنبول ستكون على الأرجح إليف أربكان، وهي ابنة رئيس الوزراء التركي السابق الراحل نجم الدين أربكان، وأخت رئيس الحزب الحالي فاتح أربكان".
قاعدة الرفاه الشعبية قبل الانتخابات المحلية في تركيا
احتل حزب "الرفاه من جديد" الذي دخل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو 2023، تحت مظلة تحالف الشعب بقيادة العدالة والتنمية، المركز السادس، حيث حصل على 2.8% من الأصوات التي حصل عليها من 1.5 مليون ناخب، وتمكن الحزب من إدخال 5 نواب إلى البرلمان في هذه الانتخابات.
كانت المقاطعات التي حقق فيها "الرفاه " نجاحاً كبيراً بالانتخابات الماضية على النحو التالي: بينغول (10%)، وملاطية (9.2%)، وكارابوك (8.2%)، وكوتاهيا (7 %)، وكوجايلي (5.7 %). وكهرمان مرعش (5.4%)، وقونيا (5.1%)، ريزه وسكاريا (5%)، وغازي عنتاب (4.1%).
وبلغت نسبة تصويت الحزب في إسطنبول 3.2%.
لذلك يبدو الحزب أكثر حزماً في الانتخابات المحلية في تركيا المقبلة. وفقاً لبيان رئيسه فاتح أربكان، فهو يهدف إلى زيادة متوسط معدل التصويت في تركيا من 2.8% إلى 20%.
سيناريوهات التحالف
يرى الباحث السياسي تانجو طوسون، في حديثه لـ"عربي بوست"، أن دعم الرفاه من جديد لمرشحي الحزب الحاكم لا يُنظر إليه على أنه حاسم بشكل عام في كامل تركيا، باستثناء إسطنبول على وجه الخصوص.
أوضح أن تصويت الحزب الذي يُنظر إليه على أنه لا يقل عن 2-3%، قد يكون حاسماً في مدن مثل إسطنبول، التي خسرها العدالة والتنمية بفارق ضئيل في انتخابات عام 2019.
إذ فاز رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، في الانتخابات السابقة التي جرت في 31 مارس/آذار 2019، بفارق بسيط يبلغ نحو 14 ألف صوت.
وقال إنه بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، فإن متوسط أصوات حزب الرفاه من جديد البالغة 3% لديه سيكون لها تأثير على تغيير الموازين، وترجيح كفة مرشحهم في إسطنبول مراد كوروم.
يتابع طوسون: "لذلك، يستخدم الرفاه هذا الموقف كأداة للمساومة بشكل جيد للغاية"؛ مضيفاً أن الحزب الحاكم يدرك ذلك أيضاً؛ وقد يحدد هذا الدعم مصير الانتخابات في إسطنبول لحزب العدالة والتنمية؛ لكن ليس من السهل على "الرفاه" الفوز بمنصب رؤساء البلديات أو المقاطعات وتشكيل كتلة في المجالس البلدية دون دعم العدالة والتنمية.
بحسب طوسون، فإن العدالة والتنمية يرى أن حليفه في الانتخابات الماضية ليس لديه قوة حاسمة خارج إسطنبول وربما أنقرة، بالتالي لا يريد تقديم الكثير من التنازلات لحزب الرفاه.
موقف الشعب الجمهوري
أما حزب الشعب الجمهوري، الذي يُجري محادثات مع حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية، فقد تضاءلت آمال التعاون في إسطنبول بعد تقدم "باشاك دميرتاش" زوجة الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرتاش بطلب الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات المقبلة.
أما حزب الشعب الجمهوري، الذي يُجري محادثات مع حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية فقد تضاءلت آمال التعاون في إسطنبول بعد تقدم باشاك دميرتاش، زوجة الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرتاش بطلب الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات القادمة.
أمام هذا الموقف يعول حزب الشعب الجمهوري بسحب تصريحات مسؤوليه على خبرة رئيس البلدية الحالي أكرم إمام أوغلو في قيادته للمدينة خلال السنوات الخمس الماضية؛ بما قد ينعكس عليه بشكل إيجابي من حيث الأصوات.
تأمل قيادات الحزب المعارض أن يكون أكرم إمام أوغلو الخيار المهيمن لناخبي حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية وحزب الجيد، رغم تقديمهما مرشحين في مواجهة إمام أوغلو؛ بحسب الباحث في مركز "سيتا" للدراسات بيلغهان أوزتورك.
أضاف أوزتورك لـ"عربي بوست"، أن حزب الشعب الجمهوري يحاول كذلك اللعب بورقة أن الكل يواجه أكرم إمام أوغلو، وأن رئيس البلدية الحالي لن يتنافس مع مرشح الحزب الحاكم فقط، ولكن أيضاً مع كل الأحزاب الأخرى بأكملها، مشيراً إلى أن هذا قد يكون له نتيجة لصالح إمام أوغلو.
وقال إن أكبر أحزاب المعارضة سيحاول تقديم صورة "أننا نواجه حزب الظفر، وحزب الديمقراطية والمساواة الشعبية، وحزب الجيد، وجبهة السعادة، وحينما يرى الناخبون ذلك؛ سيكون السؤال لماذا يحدث هذا؛ بما قد يصبّ في النهاية لصالح أكرم إمام أوغلو".
أكرم إمام أوغلو يفتح خزائن البلدية
على صعيد آخر، فتح رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو خزائن بلدية إسطنبول الكبرى قبل الانتخابات المحلية في تركيا المقبلة، وأعلن زيادة رواتب العاملين في البلدية بنسبة تصل إلى 69%.
وقال عبر حسابه على منصة "إكس": "كشكر لكم على فترة خدمتنا المشرفة البالغة 5 سنوات، قررنا منح موظفي الخدمة المدنية لدينا مكافأة خاصة براتب واحد لشهر فبراير 2024".
وأضاف: "تم تطبيق الأجر الأساسي على جميع موظفينا مع الزيادات في فترة يناير ومارس، وتم تحسين رواتبهم بنسبة 10%. وبذلك، كان معدل الزيادة لمدة 6 أشهر لموظفينا مع زيادات يناير ما بين 51- 69%".
أثار الأمر جدلاً في تركيا، إذ اعتبر معارضون لأكرم إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري، أن الزيادة "رشوى انتخابية" للعاملين في البلدية.
التحالف مع الأكراد
ينتظر حزب الشعب الجمهوري، الذي لم يُعلن مرشحيه في البلديات كلها حتى الآن؛ قرار حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية "الكردي" للتحالف معه في البلديات المتبقية، مقابل دعم أكبر أحزاب المعارضة في إسطنبول وأنقرة وإزمير.
في حين يقوم حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية الذي يُعدّ دعمه حاسماً بشكل خاص لحزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، بالتحضيرات، لتسمية مرشحيه في جميع البلديات والمقاطعات الغربية في تركيا.
جاء في تعميمٍ أُرسل إلى رئاسات الحزب الإقليمية في الولايات والمناطق المختلفة؛ أن الحزب سيقدم مرشحين في جميع محافظات ومناطق الغرب، وكذلك في المحافظات الشرقية والجنوبية الشرقية، وأنه ينبغي الاستعداد لذلك.
وأفاد بأن الحزب قد انتهى من عملية اختيار المرشحين، وأنهم يعملون على التحضيرات كما لو كانوا سيدخلون الانتخابات في كل مكان، وأنه إذا كان هناك تعاون انتخابي مع حزب الشعب الجمهوري، فمن الممكن إعادة التقييم.
من المتوقع بعد تقديم باشاك دميرطاش (زوجة السياسي الكردي المعتقل صلاح دميرطاش) طلب ترشحها للانتخابات القادمة على رئاسة بلدية إسطنبول؛ أن يجتمع المجلس التنفيذي المركزي لحزب المساواة والديمقراطية الشعبية؛ لتقييم ما إذا كان سيتم تقديم مرشح في إسطنبول؛ أو سيدعم ترشحها.
وفقاً للتقويم الانتخابي، يجب على الأحزاب السياسية الـ35 في تركيا، التي ستخوض الانتخابات المحلية في تركيا المقبلة؛ تقديم قوائم مرشحيها إلى المجلس الأعلى للانتخابات بحلول مساء يوم 20 فبراير/مارس 2024، قبل إغلاق باب الترشح في الانتخابات التي ستحدد قيادات الولايات التركية 81 ومقاطعاتها الـ922 في عموم البلاد.