قال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني، السبت 3 فبراير/شباط 2024، إن 18 فلسطينياً قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية في مدينتي رفح ودير البلح، مما زاد المخاوف من توسيع إسرائيل نطاق عمليتها البرية في آخر ملاذين فر إليهما السكان، في الوقت ذاته تظاهرة مئات الآلاف في بريطانيا للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة.
وتقع مدينة رفح على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، وفر إليها أكثر من نصف سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي حربه المستمرة منذ 4 أشهر تقريباً ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وأضاف مسؤولو الصحة أن 14 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل في رفح.
اللجوء إلى رفح
ووصل عشرات الآلاف إلى رفح في الأيام القليلة الماضية، حاملين أمتعتهم في أيديهم ويجرون الأطفال على عربات منذ شنّت القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي واحدة من أكبر هجماتها في الحرب للسيطرة على خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة.
والخميس، قال وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت إن القوات ستتقدم الآن نحو رفح.
وفي مدينة دير البلح، حيث يتركز ثاني أكبر عدد من النازحين، قال مسعفون إن 4 أشخاص قُتلوا في غارة جوية على منزل في وقت سابق السبت.
القتال مستمر في مدينة غزة
وعلى الرغم من أن إسرائيل تركز هجومها في الجنوب، قال سكان إن القتال ما زال مستمراً في مدينة غزة.
وذكر مسؤولو الصحة في غزة أن شخصين قُتلا بنيران القناصة. ونفّذت القوات الإسرائيلية عمليات اعتقال في حي تل الهوى بجنوب مدينة غزة.
فيما قال الجيش الإسرائيلي إن قواته "قتلت عشرات المسلحين الفلسطينيين في شمال غزة"، مضيفاً "خلال غارات استهدفت شمال ووسط قطاع غزة على مدار أمس، قتلت قوات الجيش الإسرائيلي عشرات المسلحين، ودمرت العديد من قاذفات الصواريخ المضادة للدبابات".
من جهتهما، ذكرت حركتا حماس والجهاد الإسلامي وفصائل مقاومة أخرى في بيان منفصل أن مقاتليها خاضوا معارك ضارية مع الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة وجنوبه.
اقتراح الهدنة
يأتي ذلك بينما ينتظر الوسطاء رد حماس على الاقتراح الذي صيغ الأسبوع الماضي مع رئيسي المخابرات الإسرائيلية والأمريكية ونقلته مصر وقطر، وهو الأول لهدنة طويلة في الحرب. ولم يتضح متى سيزور قادة حماس القاهرة للرد على الاقتراح.
والهدنة الوحيدة التي تم الاتفاق عليها لم يزد عمرها على أسبوع واحد فقط في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما أطلقت المقاومة الفلسطينية سراح 110 من النساء والأطفال والرهائن الأجانب في مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
مظاهرة حاشدة في بريطانيا
من جانب آخر، نظم مئات آلاف الأشخاص، السبت، "مسيرة وطنية" للأسبوع الثامن في بريطانيا، طالبوا فيها بـ"وقف الإبادة الجماعية" ووقف إطلاق النار في قطاع غزة المحاصَر، الذي يتعرض لهجمات إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتجمّع المتظاهرون أمام هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في العاصمة لندن وساروا إلى شارع وايتهول، حيث مقر رئاسة الوزراء وبعض الوزارات، واتهموا الحكومة "بالشراكة في جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة" ودعوها لإنهاء هذه الشراكة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى السبت، "27 ألفاً و238 شهيداً و66 ألفاً و452 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
ورفع المتظاهرون في أيديهم لافتات كتبت عليها عبارات من قبيل "فلسطين حرة"، و"أوقفوا قصف غزة"، و"المجرم نتنياهو"، مطالبين بوقف "الإبادة الجماعية" الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة.
وذكر بيان صادر عن "حملة التضامن مع فلسطين" (أهلية) المنظمة للمسيرة، أن رد الحكومة البريطانية على قرار محكمة العدل الدولية كان "مخزياً تماماً"، وأنه حاول التقليل من أهمية ومدى استعجال قرار المحكمة.
وشدد على ضرورة تعليق صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل فوراً، "لكن الحكومة البريطانية انضمت بدلاً من ذلك إلى الدول الأخرى في تعليق تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، التي تلعب دوراً حيوياً في توفير الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في غزة وأماكن أخرى في المنطقة. وهذا انعدام للضمير في سياق الإبادة الجماعية".
وحتى 30 يناير/كانون الثاني الماضي، قررت 18 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لـ"الأونروا"، بناء على مزاعم إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة في هجوم "حماس" بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
من جهته، قال المتظاهر "حنا" إن مشاركته في المسيرة جاءت لتمثيل الشعب الفلسطيني، "فنحن نشعر أن من واجبنا إظهار أن العالم يقف إلى جانبهم حتى لو لم تكن الحكومة البريطانية إلى جانبهم".
وأشار إلى أن المسيرة تحظى بمشاركة كل الشرائح والفئات العمرية، لدعم قضية الفلسطينيين.
وأضاف: "إذا نظرت حولك، فستجد أناساً من جميع الأعمار، والخلفيات العرقية، ومن جميع فئات المجتمع، يجتمعون معاً، ورغم أن (الفلسطينيين) قد يشعرون وكأنهم منسيون، فمن واجبنا أن ندعمهم لإظهار ذلك".
ووجّه نداء إلى الحكومة البريطانية بالتدخل لإرساء وقف إطلاق النار في غزة بشكل عاجل.
وفي 26 يناير الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
وعقدت محكمة العدل الدولية في لاهاي في 11 و12 يناير، جلستي استماع علنيتين، في إطار بدء النظر بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب "جرائم إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.