إدانة عربية وإسلامية لقرار دول غربية تعليق دعمها لـ”الأونروا”.. اعتبروه عقاباً جماعياً على الفلسطينيين

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/28 الساعة 15:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/28 الساعة 15:31 بتوقيت غرينتش
سيارة تابعة للأونروا أمام معبر رفح/رويترز

توالت ردود فعل عربية وإسلامية، منتقدة قرار دول غربية تعليق دعمها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إثر مزاعم إسرائيلية بمشاركة 12 من موظفيها في هجوم "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط مطالبات بإعادة النظر في قرارها.

إذ دعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الأحد 28 يناير/كانون الثاني 2024، إلى استمرار دعم "الأونروا"، معتبراً أنها تقوم بدور "لا يمكن الاستغناء عنه" في قطاع غزة.

جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه الصفدي، مع مفوض عام الوكالة الأممية فيليب لازاريني، وفق بيان للخارجية الأردنية، أشار إلى أن الأونروا، "تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه في إيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني، يواجهون كارثة إنسانية، نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة".

وشدد البيان على "ضرورة استمرار المجتمع الدولي في توفير المساعدات اللازمة للوكالة لتمكينها من المضي في تقديم خدماتها في غزة، التي يواجه أهلها المجاعة، وترفض إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والمستدامة لهم، في خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني وقرار محكمة العدل الدولية".

"عقوبات جماعية"

كما أكد  الصفدي، على ضرورة "ألا تخضع الوكالة لعقوبات جماعية نتيجة مزاعم ضد 12 من طاقمها، البالغ 13 ألف شخص في غزة، خصوصاً أن الوكالة بدأت تحقيقاً فورياً في هذه المزاعم".

وفق المصدر ذاته، حث الصفدي ولازاريني، الدول التي علقت دعمها لـ"الأنروا"، على العودة عن قرارها "لضمان قدرة الوكالة على تقديم خدماتها الحيوية التي يعتمد عليها أكثر من مليوني فلسطيني في غزة للحصول على أدنى مقومات الحياة، وتوفر ملاجئها الملاذ الوحيد لحوالي مليون من بين نحو 1.9 مليون فلسطيني نزحوا في غزة منذ بدء العدوان".

كما أشار لازاريني، إلى أن "الوكالة طلبت من أعلى سلطة تحقيق في الأمم المتحدة، وهي مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، إجراء تحقيق مستقل وشفاف حول مزاعم مشاركة 12 من موظفيها في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأنهت عقود هؤلاء الموظفين".

وأضاف أن "التحقيق الذي يجريه مكتب خدمات الرقابة الداخلية سيعمل على إثبات الحقائق، وأن مراجعة مستقلة من قِبل خبراء خارجيين ستساعد الأونروا على تعزيز إطار عملها لضمان التزام جميع موظفيها الكامل بالمبادئ الإنسانية".

وبيّن الجانبان، أن "أي نقص في تمويل الأونروا، التي تشكل شريان الحياة الرئيس في القطاع، سينعكس فوراً على قدرة الوكالة على تقديم الخدمات الإنسانية لغزة، وسيسبب المزيد من المعاناة لأهلها، الذين لم يتجاوز حجم المساعدات الإنسانية التي وصلتهم منذ بدء العدوان 10% من احتياجاتهم"، بحسب البيان الأردني.

في سياق متصل، علق وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على الاتهامات الموجهة إلى عدد من موظفي وكالة الأونروا، خاصة أن "الأونروا" تمثل الكيان الأممي الرئيسي الذي يوفر الملاذ الآمن والمساعدات إلى الشعب الفلسطيني، وما هو البديل لإبقاء شريان المساعدات الإنسانية مستقراً ومستداماً لسكان قطاع غزة.

وقال شكري، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الأحد: "القرارات التي اتخذت بالأمس فيما يخص منظمة الأونروا كانت مفاجأة، والألفاظ التي استُخدمت فيما يتعلق بالاتهام الموجه، هي ألفاظ بالغة في مدلولها، ولم توظف مثلها إزاء مقتل ما يزيد على 26 ألف مواطن من الأبرياء والمدنيين في غزة، ومعظمهم من الأطفال والسيدات".

وتابع شكري: "الوكالة مسؤولة عن توفير المساعدات إلى قطاع غزة"، معرباً عن أنه فوجئ بالقرارات الخاصة لعدة دول بوقف التمويل الخاص بمنظمة غوث ورعاية اللاجئين "الأونروا".

اتهامات بمشاركة موظفين في الأونروا في عملية طوفان الاقصى/ الأناضول<br>
اتهامات بمشاركة موظفين في الأونروا في عملية طوفان الاقصى/ الأناضول

واستطرد: "120 موظفاً من الوكالة لقوا مصرعهم وهم يقدمون الخدمة الجوهرية، ولا بديل عنها ولا يقدمها آخرون، والوكالة عليها مسؤولية ضخمة، والأعداد فردية ومحاولة إلقاء المسؤولية على المنظمة تجنٍّ، لا يجب أن يكون هذا الوضع لما تقوم به المنظمة".

وتساءل شكري عن توقيت هذه الاتهامات وهذه الحملة، هل هو مرتبط بقرار محكمة العدل الدولية، ومحاولة لتحويل دفة الاهتمام عن هذا الحكم فيما يتعلق بما يجري في غزة؟ وهل يطبَّق العقاب الجماعي على كل موظفي القطاع وموظفي الأونروا؟ وهل هذا العقاب الجماعي في الحد من قدرة المنظمة على العمل على توفير المساعدات الإنسانية هو اتصال للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني في غزة؟

وشدد على أنه يجب الانتباه إلى هذه التساؤلات، ونقدر "الأونروا" وما تقوم به وما تظهره بحيادية والتزام، والاستعداد لاتخاذ الإجراءات المناسبة ومواجهة أي تجاوزات فردية، مطالباً بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية وتسهيل عملها، فهى الوحيدة التي تقوم بهذا الدور وعدم وجود الموارد سيزيد من المعاناة في غزة.

تركيا تُعرب عن قلقها

 من جانبها، أعربت وزارة الخارجية التركية، الأحد، عن قلقها إزاء قيام بعض الدول بوقف مساعداتها إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

الخارجية التركية أوضحت، في بيان، أن "الأونروا" تلبي الاحتياجات الحيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، في ظل ظروف صعبة للغاية.

وأضاف البيان، أن أكثر من 150 موظفاً في الأونروا، قُتلوا على يد القوات الإسرائيلية في غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشار إلى أن وقف (بعض الدول) تقديم المساعدات للأونروا، بسبب بعض الادعاءات التي طالت عدداً قليلاً من أعضاء هذه المنظمة، من شأنه أن يضر "بالشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى".

وأعربت الخارجية التركية عن أملها في أن تقوم الدول التي أعلنت وقف مساعداتها للأونروا، بإعادة النظر في قرارها.

عملية طوفان الأقصى/ الأناضول
عملية طوفان الأقصى/ الأناضول

ومنذ الجمعة، علقت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا تمويل الوكالة الأممية "مؤقتاً"، إثر مزاعم إسرائيلية بمشاركة 12 من موظفيها في هجوم "حماس" يوم 7 أكتوبر.

وطالت الاتهامات الإسرائيلية 12 موظفاً من أصل ما يزيد على 30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم، يعملون لدى الأونروا، بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين.

وهذه الاتهامات ليست الأولى من نوعها، فمنذ بداية الحرب على غزة، عمدت إسرائيل إلى اتهام موظفي "الأونروا" بالعمل لصالح "حماس"، في ما اعتُبر "تبريراً مسبقاً" لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع التي تؤوي عشرات آلاف النازحين، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق مراقبين.

وجاءت الإعلانات الغربية عقب ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية في لاهاي رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى "الإبادة الجماعية" في غزة، التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا وحكمت مؤقتاً بإلزام تل أبيب "بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية".

وقالت "الأونروا"، الجمعة، إنها فتحت تحقيقاً في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر.

وتأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، والقطاع، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.

وفي 7 أكتوبر الماضي، شنّت "حماس" هجوماً على نقاط عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة قتلت خلاله نحو 1200 إسرائيلي، وأصابت حوالي 5431، وأسرت 239 على الأقل، بادلت عشرات منهم مع إسرائيل خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى الأحد 26 ألفاً و422 شهيداً و65 ألفاً و87 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

تحميل المزيد