قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني 2024، إن استهداف الجيش الإسرائيلي لآلاف النازحين في منطقة المواصي غربي خان يونس جنوبي قطاع غزة، والتي سبق أن دعت إلى التوجه إليها كمنطقة آمنة، يعد تكريساً لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة في القطاع، ويعبر عن سعي "إسرائيل" لتنفيذ خططها العلنية للتهجير القسري للسكان وبث الشعور لديهم بأن لا مكان آمناً في غزة.
الأورومتوسطي في بيان له، أضاف أن القوات الإسرائيلية وسّعت هجومها العسكري على خان يونس منذ مساء الأحد 21 كانون ثانٍ/يناير الجاري، بشن عشرات الغارات والأحزمة النارية، للتغطية على توغل بري، وصولاً إلى غرب مخيم خان يونس، ومحاصرة مراكز إيواء تؤوي عشرات آلاف النازحين.
المرصد الحقوقي وثّق قصفاً إسرائيلياً على خمسة مراكز إيواء، أبرزها جامعة "الأقصى" التي قُتل فيها خمسة مدنيين، منهم طفلان وامرأتان، و"الكلية الجامعية" وقتل فيها مدني واحد، ومدرسة "خالدية"، وقتلت فيها طفلة واحدة، ومدرسة "المواصي"، وقتل فيها عدد من النازحين، فيما حوصر الآلاف داخل مبنى "الصناعة" التابع للأمم المتحدة.
كما أن الآلاف من النازحين في المنطقة اضطروا للنزوح باتجاه رفح وآخرين باتجاه دير البلح، وجرى استهداف بعضهم من الجيش الإسرائيلي أثناء النزوح.
وفقاً للمرصد الأورومتوسطي، فقد استشهد 70 مدنياً، منهم نساء وأطفال جراء القصف الذي استهدف النازحين في منطقة المواصي، وأفادت مواطنة: "نار قذيفة نزلت علينا، تسببت باشتعال النار في الخيمة، ابنتي بجواري احترقت هي وزوجي".
جيش الاحتلال أعدم 3 أشخاص غرب مخيم خان يونس
كما تلقى المرصد شهادات تفيد بأن الجيش الإسرائيلي نفّذ إعدامات ميدانية، وإطلاق النار تجاه ثلاثة أشخاص كانوا يرفعون رايات بيضاء خلال محاولتهم الوصول لمنزلهم من أجل إخراج 50 شخصاً من أفراد عائلاتهم من منزل محاصر غربي مخيم خان يونس.
كما أشار إلى إقامة مقبرة جماعية جديدة داخل ساحة مستشفى "ناصر"؛ دفن فيها أكثر من 40 شخصاً، لتعذر نقلهم إلى منطقة المقابر التي تشهد تمركزاً للدبابات الإسرائيلية التي تنفذ أعمال تجريف ونبش للقبور هناك.
يذكر أن المواصي منطقة زراعية تقع على ساحل خان يونس ورفح، ولا تزيد مساحتها عن 5 آلاف دونم، وباتت مأوى لمئات آلاف النازحين الذين يقيمون في خيام بها، بعد أن وجه الجيش الإسرائيلي السكان إليها؛ بدعوى أنها منطقة آمنة خلال أول أوامر النزوح في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتكرر ذلك في أوامر نزوح جديدة ألقتها طائرات إسرائيلية في 2 نوفمبر/تشرين الثاني و3 ديسمبر/كانون الأول الماضيين.
جيش الاحتلال يحاصر مستشفيات في خان يونس
في إطار استباحتها المستمرة للمستشفيات، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي مستشفى "الخير" غربي مخيم خان يونس، واحتجزت طاقمه الطبي، في وقت تفرض حصاراً على مستشفيين آخرين وهما "ناصر" و"الأمل."
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر أن الجيش الإسرائيلي قصف مجدداً مقرها في خان يونس، وتسبب بوقوع إصابات في صفوف النازحين في المكان، بعد أن أعلنت أمس، أن الدبابات الإسرائيلية اقتربت من مستشفى "الأمل"، وفقدت الاتصال بشكل كلي مع طواقمها في خان يونس جراء الهجوم البري.
شدد الأورومتوسطي على أن قيام "إسرائيل" بشن هجمات عسكرية متعمدة ضد مراكز الإيواء والنزوح ينتهك صراحة قواعد القانون الدولي، لا سيما الدولي الإنساني، من حيث المبدأ والوسيلة، فالأصل أن تكون مراكز الإيواء والنزوح التي تم تحديدها هي أماكن آمنة، بل يقع على عاتق إسرائيل مسؤولية ضمان أمانها وسلامتها.
"كما يتضح أن وسائل تنفيذ هذه الهجمات تنتهك مبدأ التمييز ولا تراعي معايير التناسبية والضرورة العسكرية، وذلك بالنظر إلى الأعداد الكبيرة لضحايا هذه الاستهدافات في أغلب الأحيان، والذين يكون أيضاً جلهم من المدنيين من النساء والأطفال، مما قد يضعنا أمام انتهاكات تصل إلى حد الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب، وفقاً للقانون الدولي الإنساني والجنائي"، كما يقول المرصد.
جيش الاحتلال يصر على تنفيذ عمليات نقل قسري للمدنيين في قطاع غزة
المرصد الحقوقي، شدد على أن "إسرائيل تصر على تنفيذ عمليات نقل قسري للمدنيين في قطاع غزة خارج نطاق القانون، والأخطر أنها تمنح نفسها ترخيصاً لاستهداف من يرفض أمر الإخلاء باعتبارهم "إرهابيين" عبر القصف العشوائي للمنازل والأعيان المدنية أو المداهمة الميدانية لإجبارهم عنوةً على النزوح".
وشدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على أن قوانين الحرب تحظر تحت أي مبرر استهداف المدنيين عمداً، وتعتبر تهجيرهم قسرياً انتهاكاً جسيماً يصل إلى حد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
كما أكد أن هذه المعطيات تستوجب من محكمة العدل الدولية تسريع قرارها لجهة اتخاذ تدابير عاجلة لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد سكان قطاع غزة، وحمايتهم من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح.