على وقع قذائف مدفعيات جيش الاحتلال الإسرائيلي وقنابل طائراته الحربية، وُلد في قطاع غزة قرابة 20 ألف طفل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي ما يعادل ولادة واحدة كل 10 دقائق، في ظروف خطيرة، وفق ما ذكرته صحيفة The Telegraph البريطانية، السبت 20 يناير/كانون الثاني 2024.
حيث حذّرت الأمم المتحدة من أن الأمهات يخرجن من المستشفى بعد ساعات فقط من خضوعهن لعمليات قيصرية في آخر مستشفى ولادة عامل في جنوب قطاع غزة، والكثير من هذه الولادات أُجريت في ظروف خطيرة وغير صحية.
وفق الصحيفة البريطانية، فإن المستشفيات تضطر إلى تسريع العمليات، بسبب نقص العاملين وحرمان الأمهات من التخدير أو المضادات الحيوية اللازمة للعمليات القيصرية.
رعب وخوف بين النساء الحوامل
زارت تيس إنغرام، خبيرة الاتصالات في اليونيسف، وحدة الولادة في المستشفى الإماراتي في 12 يناير/كانون الثاني، والتقت بنساء حوامل وأمهات أنجبن حديثاً. وقالت: "يشعرن بالرعب والخوف من نقص الرعاية الطبية، وقلقات أيضاً من ولادة طفل في هذه الظروف المضطربة".
كما تحدثت إنغرام عن لقائها "بسيدتين كانتا تتشاركان سريراً واحداً … وربما بعد ساعة من إجراء عملية قيصرية، نُقلتا إلى كرسي لإفراغ السرير لسيدة أخرى وخرجتا من المستشفى بعد 3 ساعات؛ لتعودا إلى خيمتيهما".
واحدة منهما تُدعى جواهر، تحدثت إلى إنغرام بعد ساعة واحدة فقط من الولادة. ونُقل ابنها حديث الولادة محمد في الحال إلى حاضنة في وحدة العناية المركزة.
قالت جواهر في تصريحات نقلتها اليونيسف عبر البريد الإلكتروني: "أنجبت منذ ساعة فقط، وكان هذا الحمل صعباً جداً. لم يتوفر لنا طعام مناسب لأسابيع. ولست متأكدة من أنني سأتمكن من إرضاعه، فأنا متعبة وجائعة جداً… لا أملك أي قوة".
أضافت: "المولود الجديد لا تتوفر لديه ملابس. لا شيء. يحتاج إلى الحفاضات والحليب والرعاية المناسبة. والآن سأصطحبه إلى خيمة غارقة في المياه والطين. أفكر دائماً في مستقبل أطفالي. أريد حياة أفضل لهم، وهذه ليست حياة".
نساء فقدن أبناءهن خلال الولادة
أضافت إنغرام أن الأمهات في قطاع غزة يخشين تدهور صحة أطفالهن النفسية أيضاً. وقالت: "أخبرتني إحدى الأمهات أن طفلتها، البالغة من العمر 6 أعوام صارت انطوائية جداً، ولا تنام إلا إذا أمسكت بيدها. والأطفال الآن يستيقظون أكثر من مرة خلال الليل بسبب نوبات الهلع، وغالباً يبللون الفراش".
فيما زارت باسكال كويسار روجيريه، منسقة الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود، وحدة الولادة بالمستشفى الإماراتي مؤخراً.
حيث قالت سيدة، تُدعى مها من شمال قطاع غزة، لروجيريه إنها هرعت إلى أقرب مستشفى حين دخلت في المخاض، لكنها لم تتمكن من تلقي الرعاية؛ لأن جميع غرف الولادة كانت ممتلئة. وأضافت: "مات ابنها. ولدته في دورة مياه قريبة من خيمتها… ولولا هذه الحرب، لما فقدت ابنها".
وضع محفوف بالمخاطر في قطاع غزة
من بين مستشفيات جنوب قطاع غزة، لا تزال 9 منها فقط تعمل، لكنها تعمل بـ3 أضعاف طاقتها، حيث تصل معدلات الإشغال إلى 206% في أقسام المرضى و250% في وحدات العناية المركزة، وفقاً لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
في شمال القطاع، حيث الوصول إلى المساعدات وخدمات الأمومة محدود جداً، لا يزال وضع الأمهات والأطفال حديثي الولادة محفوفاً بالمخاطر.
بينما يعتبر مستشفى العودة، الذي يعمل جزئياً، الوحيد الذي يوفر خدمات الولادة في الشمال. ويواصل أطباء المستشفى توليد الأطفال وإجراء العمليات القيصرية، رغم النقص الحاد في الإمدادات الطبية والوقود والغذاء والمياه.
قال الدكتور عدنان راضي، رئيس قسم أمراض النساء والولادة في مستشفى العودة شمال مدينة غزة، إنهم يعانون أيضاً نقصاً حاداً في أطباء التوليد وأمراض النساء، حيث اضطر الكثير منهم إلى التوجه جنوباً في رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة.
فيما قال متحدث باسم منظمة أكشن إيد إن النساء الحوامل في غزة لا يعانين فقط تعب الولادة، ولكن أيضاً الضغط المستمر المرتبط بالقصف الإسرائيلي المستمر.
أضاف: "أخبرتنا النساء اللاتي ولدن في المستشفى أنهن يستلقين على أسرّتهن في المستشفى في الوقت الذي تهتز فيه النوافذ المجاورة لهن وتتحطم بسبب القصف القريب. ومع ذلك، فمن يصلن إلى المستشفى ويتمكنّ من تلقي الرعاية الطبية يعتبرن أنفسهن محظوظات".