أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة 19 يناير/كانون الثاني 2024، اعتراضه جسماً مشبوهاً قرب مدينة حيفا (شمال). وقال في بيان مقتضب: "بعد تقارير عن سماع صفارات الإنذار في مدينة حيفا، تم إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي مشبوه"، وأضاف في بيانه، أن "الحادث انتهى"، دون توضيح ماهية الجسم المشبوه ولا مصدره.
وأشار الصحفي الإسرائيلي باراك ديفيد، على حسابه الرسمي بمنصة "إكس"، إلى أن "هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها صفارات الإنذار وسط مدينة حيفا" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
صفارات الإنذار تدوي في حيفا
كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قال إن "صفارات الإنذار دوت في منطقة الكرمل وسط مدينة حيفا". وحتى الساعة الـ20:15 (ت.غ) لم تعلن أي جهةٍ مسؤوليتها عن إطلاق ما وصفه الجيش بالجسم المشبوه.
و"تضامناً مع قطاع غزة"، يتبادل "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان قصفاً يومياً متقطعاً مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.
وتأتي هذه التوترات الحدودية بالتزامن مع حرب مدمرة يشنها الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على قطاع غزة، خلّفت حتى الجمعة، "24 ألفاً و762 قتيلاً و62 ألفاً و108 جرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقاً للسلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.
معارك عنيفة في غزة بين المقاومة والاحتلال
يأتي ذلك في الوقت الذي يخوض فيه مقاتلو الفصائل الفلسطينية المسلحة معارك عنيفة ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في محاور توغله بقطاع غزة، وسط استمرار الغارات الجوية الدامية التي أوقعت قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وفي ظل استمرار المعاناة وفقدان الفلسطينيين لمنازلهم أو نزوحهم عنها، تتواصل المساعي المحلية والفردية لإنشاء مخيمات جديدة لإيواء الفارين من جحيم الغارات خاصة في مدينة رفح، أقصى جنوبي القطاع.
يأتي ذلك في ظل استمرار عزلة القطاع عن العالم الخارجي لليوم الثامن على التوالي، من جراء انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بفعل القصف الإسرائيلي المستمر.
توغل لجيش الاحتلال في غزة
ميدانياً، أجرى جيش الاحتلال الإسرائيلي توغلات سريعة في عدة مناطق بمحافظتي غزة والشمال، نفذ خلالها عمليات عسكرية قبل أن يتراجع إلى أماكن تموضعه؛ وذلك بعد مرور أسبوعين على انسحابه منها.
وفي مطلع يناير/كانون الثاني 2024، انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من عدة مناطق بمحافظتي غزة والشمال، اللتين توغل فيهما ضمن عمليته البرية، التي بدأها في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
والخميس، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إنه لا يوجد حل كامل لجيوب المقاومة في غزة، وذلك بعد أقل من أسبوع على إعلانه انتهاء العمليات البرية في شمال غزة، لكن الضربات التي وجهتها المقاومة من الشمال شكلت "إحباطاً" لدى إسرائيل، وفق وصف وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون.
إنشاء مخيمات للفلسطينيين
تواصل جهات فلسطينية محلية ونازحون إنشاء مخيمات عشوائية ومنتظمة في مدينة رفح، أقصى جنوبي قطاع غزة، آخرها مخيمان اثنان غرب المدينة، شرعت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في إنشائهما.
وقالت الجمعية، في بيان، إنها أنشأت مخيمي إيواء جديدين للنازحين بمنطقة مواصي رفح، تضم في كل مخيم 50 عائلة. وسبق أن ساهمت الجمعية في إنشاء مخيمين آخرين لإيواء النازحين جنوبي القطاع.
وأفاد شهود عيان بأن النازحين الواصلين لمدينة رفح يعكفون على إنشاء خيام عشوائية في أراضٍ فارغة أو شوارع، لإيواء عائلاتهم.
ورغم صعوبة أوضاعهم المعيشية، فإن النازحين، الذين وجدوا في المراكز الطبية بمدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، ملجأ لهم، ما زالوا يتعرضون لاعتداءات إسرائيلية.
آخر هذه الاعتداءات، وفق بيان لجمعية الهلال الأحمر، إطلاق نار مكثف من مسيّرات إسرائيلية باتجاه النازحين الموجودين في مستشفى الأمل، التابع لها ومقر الجمعية بالمدينة.
وأفادت الجمعية بإصابة عدد من النازحين بالرصاص، حيث يأتي ذلك بعد يوم من قصف مدفعي مكثف استهدف محيط مستشفى الأمل.
ولأكثر من مرة، قالت الجمعية ووزارة الصحة، إن هناك خشية من تكرار ما حدث مع المستشفيات الواقعة شمالي قطاع غزة، بدءاً من استهداف محيطها وصولاً إلى قصفها المباشر ومحاصرتها واعتقال من فيها، مع مستشفى الأمل.
وخلال الحرب المتواصلة في غزة، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي العديد من المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف، وكان في البداية يستهدف بشكل أساسي، المنشآت الطبية شمال ووسط القطاع، ثم انتقل إلى المؤسسات الواقعة جنوباً مع اتساع رقعة المعارك البرية بعد انتهاء الهدنة الإنسانية المؤقتة مع "حماس" مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.
تواصل المعارك العنيفة في غزة
المعارك العنيفة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة و جيش الاحتلال الإسرائيلي تتواصل وسط غارات دامية أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى، وفق إفادة مصادر طبية.
فيما قالت الفصائل وأبرزها كتائب "القسام"، الجناح المسلح لحركة "حماس"، و"سرايا القدس"، الجناح المسلح لـ"الجهاد الإسلامي"، إنها نفذت عمليات ضد الجيش أوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجنود.
ففي محافظتي غزة والشمال، ورغم انسحابات الجيش من أحياء واسعة، فإنه يجري بين الفينة والأخرى توغلات سريعة تتخللها عمليات عسكرية من تدمير واعتقال للمواطنين وقتلهم.
فإلى جانب أماكن تموضعه في الأطراف الشمالية والشرقية من شمالي القطاع، والأطراف الشرقية والغربية لمحافظة غزة، يجري منذ ثلاثة أيام، توغلات سريعة في عدة مناطق بالشمال وغزة.
هذه التوغلات الخاطفة يصاحبها قصف مدفعي وجوي مكثف في مناطق التقدم، خاصة غرب غزة وشمال القطاع.
آخر هذه التوغلات كان في منطقة دوار أبو مازن، غرب مدينة غزة، حيث اقتحمها الجيش وسط غارات عنيفة ومكثفة طالت أيضاً محيط مجمع الشفاء الطبي، وأسفرت عن قتلى وجرحى.
وأفادت مصادر محلية وشهود عيان، بأن الجيش "اعتقل مجموعة من النازحين كانوا يتواجدون بمراكز للإيواء في المنطقة، وقتل بعضهم بشكل مباشر".
وبحسب المصادر، فإن اشتباكات اندلعت في مكان التوغل وأماكن أخرى مثل "حيي التفاح والدرج (شرق مدينة غزة)، وشرق بلدة جباليا (شمال)، وشمال شرقي بلدة بيت حانون وبيت لاهيا (شمال)".
"القسام" تستهدف قوة إسرائيلية
بدورها، قالت كتائب "القسام"، في بيان، إن مقاتليها استهدفوا "قوة صهيونية تحصنت داخل مبنى في حي الزيتون، وأوقعنا أفرادها بين قتيل وجريح".
وأضافت في بيانين منفصلين، إنها استهدفت "مبنى تحصنت فيه قوات خاصة صهيونية، واشتبكنا معهم بالأسلحة الرشاشة، ودبابة صهيونية بقذيفة الياسين 105، وذلك في منطقة جنوب غرب مدينة غزة".
وذكرت أنها "استهدفت مبنى تحصن به جنود بحي الشيخ رضوان، حيث تم إطلاق النار على جندي بشكل مباشر".
من جانبها، قالت "سرايا القدس"، في بيان، إن مقاتليها استهدفوا "آلية عسكرية صهيونية بقذيفة تاندوم، شرقي جباليا، شمالي القطاع".
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى الجمعة "24 ألفاً و762 شهيداً و62 ألفاً و108 مصابين وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، تسببت في نزوح نحو 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85% من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.