نقلت وكالة "Bloomberg" الأمريكية، الأحد 14 يناير/كانون الثاني 2024، شهادات لفلسطينيين اضطروا لدفع رشاوى بآلاف الدولارات إلى مسؤولين مصريين ليتمكنوا من العبور إلى الجانب المصري من رفح، في ظل إغلاق المعبر الحدودي مع استمرار الحرب على قطاع غزة.
ففي ظل إغلاق المعبر معظم الوقت، لم يتمكن سوى عدد محدود من الفلسطينيين من الخروج من غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن بعضهم وجدوا أنه يمكنهم الخروج إذا توفر ما يكفي من المال- قرابة 10 آلاف دولار للفرد- وهم يطلبون المساعدة في جمع هذه الأموال عبر الإنترنت.
ياسمين، إحدى سكان مدينة غزة، واحدة من هؤلاء، وقالت إنها جمعت 28 ألف يورو (31 ألف دولار)، وأخرجت والدتها وشقيقاتها الثلاث وابنة أختها إلى مصر، مشيرة إلى أنها دفعت 6500 دولار عن كل شخص "عبر مُنسِّق".
وفقاً للوكالة الأمريكية، قالت ياسمين عبر الهاتف، طالبة عدم نشر اسم عائلتها حتى لا تتعرض للانتقام: "أختي مريضة وهي الآن في المستشفى، ولولا "التنسيق" لا نعرف ما كان سيحدث لها. وتلك كانت الطريقة الوحيدة للخروج من غزة".
مصر تنفي وشهادات فلسطينية تؤكد
السلطات المصرية تقول إنه لا توجد رشاوى، وقد نفى ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، تحصيل أي رسوم إضافية رسمياً من القادمين من غزة، ورفض أيضاً المزاعم القائلة بأن أي جهة غير رسمية تفرض رسوماً لمساعدة الناس على العبور إلى الأراضي المصرية.
لكن آية، تصف واقعاً مختلفاً، وكانت قد وصلت إلى غزة من الإمارات، وهي حامل في الصيف الماضي وأنجبت طفلتها الأولى في القطاع، وقررت البقاء مع عائلتها لفترة؛ وبعد شهر اندلعت الحرب.
بعد بدء الغارات الجوية الانتقامية الإسرائيلية، فرَّت آية ووالداها وإخوتها وابنتها المولودة حديثاً أكثر من مرة قبل أن تصل إلى مدينة خان يونس الجنوبية، وهناك أصيبت بشظايا ونُقلت إلى المستشفى.
وقالت عبر الهاتف: "كل ما أردته حينذاك أن أخرج من غزة وأعود إلى زوجي. واتصل وسيط بزوجي بعد أن رأى منشوراته على فيسبوك يسأل فيها عن طريقة يمكنني الخروج بها".
ذكرت آية أن الوسيط طلب مبلغ 13 ألف دولار لإدراجها وطفلتها في القائمة، وبعد مساومات خُفض المبلغ إلى 10 آلاف دولار، مضيفة: "زوجي أخذ قرض لدفع المبلغ".
تمكنت آية من عبور الحدود حين ظهر اسمها في القوائم التي قدمتها مصر إلى إدارة معبر رفح في الجانب الفلسطيني.
دفع الرشاوى إلى المصريين ليست جديدة
ورغم أن المعبر كان يُفتح بصورة أكثر انتظاماً، من الأحد إلى الخميس في السنوات الأخيرة، كان عبور الحدود يقتصر على بضع مئات من الأشخاص يومياً. ويضطر عشرات الآلاف من الراغبين في الخروج إلى التسجيل قبلها بأسابيع أو أشهر لدى سلطات حماس.
وتتطلب الخدمة المدفوعة المعروفة باسم "التنسيق"، التي تقدمها شركات السياحة المحلية التي لها اتصالات بمصر، مبلغاً يتراوح بين 300 إلى 800 دولار، حسب مدى ازدحام موسم السفر.
لكن بعد اندلاع الحرب، قُيد السفر أيضاً على مزدوجي الجنسية والمقيمين الدائمين في الدول الأجنبية، الذين بدأوا مغادرة غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إطار مهمات الإخلاء التي سهلتها سفاراتهم. وقالت وزارة الصحة بغزة إن بضع مئات فقط من الجرحى تمكنوا من المغادرة للحصول على رعاية طبية متقدمة عبر رفح.
بعد أسابيع، عادت قوائم "التنسيق" التي نشرتها وزارة الداخلية في حماس، لكن آلية الإدراج في هذه القوائم لم تكن واضحة. لكن عشرات الحملات عبر الإنترنت ظهرت مع انتشار الأخبار حول "التنسيق" الباهظ الثمن.
كثيراً ما تتحدث هذه الحملات عن الموت والفقد والخوف والنزوح، وتُعدِّد الأشياء التي سيُنفق عليها الأموال المتبرع بها، وعادةً ما تقول إن جزءاً كبيراً منها سيدفع مقابل "التنسيق" لعبور الحدود.
وتنظم نور زقوت، التي غادرت غزة مؤخراً لنيل درجة الماجستير في مالطا، حملة لجمع التبرعات عبر الإنترنت لإجلاء 10 أفراد من عائلتها، هم والديها وإخوتها وجدتها، وكتبت أن العبء كبير مع ضرورة دفع "مبلغ يتراوح بين 7000 و10000 دولار" عن كل شخص يعبر الحدود.
نور قالت في مقابلة: "كل الطرق الممكنة لإنقاذ عائلتنا وصلت إلى طريق مسدود، لذلك اتخذت هذا القرار بعد ثلاثة أشهر من التفكير. كنت مترددة. وكان تنظيم حملة لجمع التبرعات هو آخر شيء فكرت فيه".