أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن كبار مساعديه إلى الشرق الأوسط لغايةٍ محددة، وهي منع اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، بحسب ما نشرت صحيفة The Washington Post الأمريكية الأحد 7 يناير/كانون الثاني 2024.
ويتخوف المسؤولون الأمريكيون من أن يكون رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرى أن توسيع نطاق الصراع إلى لبنان وسيلة لتأمين النجاة لمسيرته السياسية في مواجهة الانتقادات التي يتعرض لها وحكومته بعد الإخفاق في التصدي لهجوم المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
على إثر ذلك، حذرت الإدارة الأمريكية إسرائيل في محادثات خاصة من مغبة تصعيد الأمور تصعيداً كبيراً في لبنان. وقال مصدران مطلعان إن الولايات المتحدة أخبرت إسرائيل أن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية أجرت تقييماً سرياً خلصت منه إلى أن القوات الإسرائيلية سيتعذر عليها إدارة هذا التصعيد لأن مُقدراتها ومواردها العسكرية المتاحة لن تكفي لتأمين الانتشار اللازم على جبهة لبنان في ظل استمرار الحرب في جبهة غزة.
كما قال مسؤولون أمريكيون إن حزب الله لا يريد تصعيداً كبيراً في مواجهة إسرائيل، كما أن الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، يسعى إلى تجنب انجرار الأمور إلى حرب أوسع نطاقاً.
وقد تعهد نصر الله في خطاب ألقاه يوم الجمعة 5 يناير/كانون الثاني بالرد على أي عدوان إسرائيلي، غير أنه أشار في الوقت ذاته إلى انفتاحه على السير في سبيل المفاوضات بشأن ترسيم الحدود مع إسرائيل.
المهمة الرئيسية
من جانبه، قال مات ميلر، المتحدث باسم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الوزير سيزور إسرائيل الإثنين 8 يناير/كانون الثاني، ويناقش خلال الزيارة خطوات محددة "لتجنب التصعيد"؛ لأنه "ليس من مصلحة أحد -لا إسرائيل، ولا المنطقة، ولا العالم- أن يتوسع هذا الصراع إلى نطاق أبعد من غزة".
إلا أن هذا الرأي الذي صرح به ممثل الخارجية الأمريكية لا يحظى بالإجماع بين مسؤولي الحكومة الإسرائيلية، إذ قال مسؤولون أمريكيون إن مسؤولين إسرائيليين ناقشوا بُعيد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول شنَّ هجوم "وقائي" على حزب الله. غير أن هذا المسعى واجه معارضة أمريكية مستمرة خشية انجرار إيران إلى النزاع، فضلاً عن أن هذا الأمر ربما يدفع الولايات المتحدة إلى الرد عسكرياً بالنيابة عن إسرائيل.
ويخشى المسؤولون الأمريكيون عواقب اندلاع الصراع بين إسرائيل وحزب الله، وما قد ينجم عنه من تداعيات واسعة النطاق تزيد وطأتها عما وقع في حرب لبنان 2006 من دمار وسفك للدماء، لا سيما أن حزب الله بات لديه ترسانة أكبر بكثير من الصواريخ الموجهة، والصواريخ بعيدة المدى.
فيما أقرَّ مسؤولون أمريكيون بأنه من المستبعد أن يوافق حزب الله على صفقة حدودية مع إسرائيل، بينما تستمر الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وما دامت لا تزال توقع القتل والإصابات بأهلها.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن تعهُّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإحداث "تغيير جوهري" في معالجة النزاع الحدودي مع حزب الله ليس إلا تهديداً يرمي به نتنياهو إلى انتزاع تنازلات من الجماعة اللبنانية. ومع ذلك، قال آخرون إنه إذا انتهت حرب غزة في الغد القريب، فإن مسيرة نتنياهو السياسية ستنتهي معها، ومن ثم فهو يسعى إلى توسيع نطاق الصراع.
من جانبه، قال بلال صعب، الخبير في الشؤون اللبنانية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "ربما يصل عدد الضحايا في لبنان إلى ما بين 300 ألف إلى 500 ألف لبناني، وقد يقتضي النزاع كذلك إخلاءً واسع النطاق لشمال إسرائيل بأكمله"، و"ربما يضرب حزب الله مناطق بعيدة المدى في إسرائيل، ويهاجم أهدافاً حساسة مثل مصانع البتروكيماويات والمفاعلات النووية، وربما تستنفر إيران الميليشيات الموالية لها في جميع أنحاء المنطقة".
وتصاعدت حدة الاشتباكات الجارية بين إسرائيل وحزب الله على طول الحدود في الأسابيع الماضية، وقالت مصادر استخباراتية أمريكية إن واشنطن انتقدت استهداف الجيش الإسرائيلي مواقع تابعة للقوات المسلحة اللبنانية أكثر من 34 مرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ورفض مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية التعليق على الضربات الإسرائيلية، إلا أن مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أكد أن واشنطن أبلغت إسرائيل أن الهجمات على الجيش اللبناني والمدنيين اللبنانيين "غير مقبولة على الإطلاق".
وقال مسؤول في مجلس الأمن القومي إن إدارة بايدن كانت "مباشرة وحازمة للغاية" في اعتراضها على هذا الأمر لدى الإسرائيليين، لأنها ترى أن الإصابات والوفيات في صفوف القوات المسلحة اللبنانية أمرٌ لا يمكن القبول به.
وقال المسؤول الأمريكي إن الولايات المتحدة تضع في صدارة اهتمامها الحفاظ على مصداقية الجيش اللبناني، وترى أن على المجتمع الدولي أن يبذل جهده لدعم قوات هذا الجيش، لأنهم مكون لا غنى عنه في مستقبل لبنان، أي بعد إضعاف حزب الله وإفقاده القدرة على تهديد إسرائيل.