قالت صحيفة "Financial Times" البريطانية، الأحد 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن الاحتلال الإسرائيلي رافق حربه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحصار من نوع آخر في الضفة الغربية، شمل إغلاق حواجز التفتيش بين المدن الفلسطينية، وتقييد تدفق البضائع والعمال بينها، وترك الناس عالقين في أحيان كثيرة.
وأوضحت الصحيفة أن هذه القيود على الحركة –المصحوبة بمداهمات عسكرية– جزء من مجموعة خطوات اتخذتها الحكومة الإسرائيلية؛ رداً على هجوم حماس، أثرت بشدة على اقتصاد الضفة الغربية.
ويشن المستوطنون في المناطق المحتلة هجماتهم أيضاً، ووفقاً للأمم المتحدة، قُتل أكثر من 300 فلسطيني، معظمهم على يد الجيش الإسرائيلي، في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ومنذ اندلاع الحرب، توقفت إسرائيل بشكل شبه كامل عن السماح للفلسطينيين من الضفة الغربية بدخول "إسرائيل" للعمل، وقيدت حركة "الفلسطينيين في إسرائيل" الذين يدخلون الضفة الغربية للتسوق.
وفي الوقت ذاته، احتجزت "إسرائيل" عائدات الضرائب التي تجمعها لصالح السلطة الفلسطينية التي تحكم أجزاء من القطاع.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن هذه القيود المفروضة على الحركة تأتي رداً على "التهديدات الفلسطينية الوشيكة" للإسرائيليين في الضفة الغربية، وإن المدن الخاضعة رسمياً لسيطرة السلطة الفلسطينية، مثل جنين ونابلس وطولكرم، "مراكز" للمسلحين.
لكن منظمة العمل الدولية قالت هذا الشهر إن هذه الضغوط تسببت في خسائر فادحة، وقدرت أن 32% من فرص العمل –أو 276 ألف وظيفة– فُقدت في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب، وإن المنطقة عانت خسائر اقتصادية تقدر بـ500 مليون دولار شهرياً في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني.
ضغط الاحتلال يقوض السلطة في الضفة الغربية
وأشارت الصحيفة إلى أنه، وبسبب هذه الإجراءات، تواجه السلطة الفلسطينية، التي يعمل لديها عشرات الآلاف من الأشخاص، صعوبة في دفع الرواتب، وهذا يقوض موقفها في الوقت الذي يتسابق فيه الدبلوماسيون لدعم استقرار الضفة الغربية، وتضغط الولايات المتحدة ودول أخرى على السلطة لتساهم بدور مركزي في الحكم في غزة بعد الحرب.
وقال رجا الخالدي، المدير العام لمؤسسة MAS الاقتصادية في الضفة الغربية: "الضغط الاقتصادي يقوض الأساس المنطقي للسلطة الفلسطينية في أذهان الناس. فهو يخلق توترات اجتماعية وسياسية داخلية… ودور الحكومة باعتبارها جهة رئيسية في التوظيف وتقديم الخدمات في الضفة الغربية يُقوَّض باستمرار".
وكان للشركات الناشئة، التي تتمتع بحماية أقل من الشركات العريقة، نصيبها من الضرر الاقتصادي. إذ خسرت شذى مسلَّم، رائدة الأعمال في مجال التكنولوجيا الزراعية، فرصة مهمة للترويج لمشروعها في فعالية تأهلت لها في المغرب؛ لأنها لم تتمكن من مغادرة الضفة الغربية.
وقال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، إن القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية بتخفيض تحويلات الضرائب التي تجمعها لصالح السلطة الفلسطينية، باقتطاع حصة الأموال التي تُسلَّم إلى موظفي السلطة الفلسطينية في غزة، تسبب في "ضغوط مالية قاسية جداً" على سلطة النقد الفلسطينية.
وقال عبد الكريم، إنه بالتوازي مع هذا التدهور الاقتصادي، فالاقتطاعات– التي تأتي بعد اقتطاعات سابقة نفذتها إسرائيل من المخصصات– جعلت سلطة النقد الفلسطينية "مشلولة مالياً"، في حين أن العقود الحكومية غير المدفوعة والرواتب المخفضة أدت إلى تفاقم "الأزمة النقدية" في الأراضي الفلسطينية.
الضرر الاقتصادي في الضفة الغربية سيتفاقم
وتوقع الخبير الاقتصادي عبد الكريم أنه إذا استمرت الحرب فهذا الضرر الاقتصادي سيتفاقم، وسينتج عن ذلك "ارتفاع معدل الفقر، وهذا سيضغط على المنظمات الإنسانية الدولية" والسلطة الفلسطينية.
وطال الضرر قطاع الضيافة أيضاً، ويقول مدير العمليات في فندق رويال كورت، محمد خلف، إنه "من غرف الفندق الـ46، توجد 42 غرفة شاغرة". ولأن نزلاءه القلائل غالباً ما يكونون من الفلسطينيين العالقين في رام الله بسبب إغلاق حواجز التفتيش، فقد خفض خلف أسعار الغرف إلى نصف مستواها قبل الحرب، وبلغت إيرادات مقهى الفندق عُشر معدلها الطبيعي.