انتهت وظيفة مسؤول سويسري السياسية بسبب حملة تشهير ضده، قادها موالون لإسرائيل، بحسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ففي الـ15 من سبتمبر/أيلول، وقفت وزيرة الدفاع السويسرية فيولا أمهيرد لتقديم جان دانيال روش أمام الجمهور باعتباره وزير الدولة المقبل لسياسات الأمن الوطني، وهو منصب مُستحدث لمواجهة الصراع الأوكراني.
وبعد شهرٍ واحد، لم يتمكن روش من تولِّي منصبه الجديد، كما انتهت حياته المهنية كدبلوماسي وموظفٍ عام.
ولا يتحدث روش إلى وسائل الإعلام عن الأحداث التي أنهت حياته المهنية. لكن أصدقاء روش والتقارير المنشورة في وسائل الإعلام السويسرية تُشير إلى أنه سقط ضحية حملة موالية لإسرائيل. وقد ازدادت سخونة تلك الحملة بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
إذ بدأت الحملة العامة ضد روش بمقال رأي في مجلة أسبوعية بارزة كتبه ألفريد هير، البرلماني اليميني من حزب الشعب السويسري، والذي دعا إلى استقالة روش فوراً.
حيث كتب هير: "يلفت جان دانيال روش الأنظار على نحوٍ خاص، بفضل حقيقة لقائه رئيس حماس خالد مشعل، في القاهرة عام 2012. وقد كان من كبار أنصار المبدأ القائل بضرورة التفاوض مع حماس، على اعتبارها جزءاً من الحل السلمي مع إسرائيل. لكن روش لم يكن سوى مجرد أحمق مفيد بالنسبة لحماس".
ويشتهر هير بعلاقاته مع الجماعات الموالية لإسرائيل. وقد لفتت انتقاداته بعض الأنظار عند نشرها في الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول، لكنها حملت ثقلاً أكبر في وقتٍ لاحق من الشهر بالتزامن مع الأداء القوي لحزبه في الانتخابات الفيدرالية. إذ زاد عدد مقاعد حزب هير في البرلمان بمقدار تسعة مقاعد.
صعود روش وسقوطه
بحسب الموقع، يتمتع روش بسيرة ذاتية لا تشوبها شائبة. إذ عمل لصالح منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وكان سبباً في السماح لروسيا بالانضمام إلى الهيكل الأمني الأوروبي خلال التسعينيات.
كما عمل في دول البلقان لسنوات عديدة، وكان المستشار السياسي لكارلا ديل بونتي، رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة بلاهاي.
وفي عام 2006، عُيِّن مبعوثاً خاصاً لسويسرا في الشرق الأوسط تحت ولاية وزيرة الخارجية السابقة ميشلين كالمي ري، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويسري. وآمنت ميشلين آنذاك بضرورة الحفاظ على التواصل مع حماس، في أعقاب الانتصار الذي حققته الحركة خلال الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، وقد أمرت روش بالإشراف على ذلك.
ثم خدم روش كسفير في إسرائيل بين عامي 2016 و2021. وكتبت صحيفة Die Weltwoche السويسرية: "حظيت خدمات روش بالتقدير الواضح حتى من جانب الإسرائيليين".
ويُعَدُّ روش من أشد المؤمنين بالحياد السويسري، حيث قال خلال المؤتمر الصحفي الخاص بتعيينه في الـ15 من سبتمبر/أيلول: "لم أكن سأحقق الكثير في مسيرتي المهنية لو لم تكن سويسرا محايدة".
ورغم كل ذلك، طالبه الناس بالاستقالة وأصبح فجأةً يشكل تهديداً أمنياً.
إذ ذكرت صحيفة Blick اليمينية في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول، أن روش يُعد شخصاً "قابلاً للابتزاز"، مستشهدين في ذلك بتفاصيل خاصة عن حياته الجنسية.
وأوضحت المصادر المقربة من روش أن بعض الصور والمواد التي تكشف تفاصيل حياته الخاصة قد تسرّبت إلى محرري الصحيفة.
وتحدث مصدر مقربٌ منه إلى الموقع البريطاني، شرط عدم الكشف عن هويته، قائلاً: "تشير كل الأمور إلى أن تلك المراقبة حدثت عندما كان روش يعمل سفيراً لدى إسرائيل".
بينما تحدّث دبلوماسيون سويسريون إلى صحيفة Die Weltwoche دون الكشف عن أسمائهم، وقالوا إن لديهم قناعة بأن مصدر تلك المواد هو أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وذكر التقرير: "الأمر واضح، لأن المصادر المطلعة تُفيد بأن السفراء في إسرائيل يتعرضون للاعتراض والمراقبة، خاصةً إذا كانوا على اتصال بحماس كما كان روش يفعل بالنيابة عن وزيرة الخارجية السابقة ميشلين كالمي ري".
وقرر روش تحت الضغط ألا يتسلّم مهام منصبه الجديد، وأن يستقيل من منصبه الحالي كسفير في أنقرة بحلول العام الجديد. لكن صحيفة Blick استمرت في نشر المقالات الناقدة لروش ووصفته بأنه مدمن للجنس.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، ذكرت Blick وصحيفة Tages-Anzeiger السويسرية أن هناك إشاعات بشأن زيارة عاملات بمجال الجنس لمقر إقامة السفير في تل أبيب.
وقد أنكر روش تلك المزاعم، بحسب المصادر المقربة منه.
وأردف مصدر مقرب من روش: "لا يمكن ابتزاز روش، ولم يمارس الجنس مع أي جواسيس. ولم تكن هناك سوى علاقة غير شرعية واحدة مع امرأة سويسرية تعرفها زوجته. ولهذا لا يخشى أي ابتزاز. لكنه لم يرغب في نشر تفاصيل حياته الخاصة على الملأ".
ولم توجه له الحكومة السويسرية أي اتهامات، لكنها لم تفتح كذلك تحقيقاً للكشف عن كيفية حصول الصحيفة على صورٍ حميمية لمسؤولٍ بارز أثناء خدمته في إسرائيل.
ويرى أصدقاء روش أن التقارير عن حياته الشخصية جاءت بدوافع سياسية وليست صحفية.
وسيترك روش السلك الدبلوماسي السويسري في يونيو/حزيران دون الحصول على مكافأة نهاية الخدمة.