توعدت جماعة الحوثي اليمنية باستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، واضطرت شركة الشحن الإسرائيلية زيم ZIM وغيرها، إلى تغيير مسار سفنها من البحر الأحمر إلى مسار أطول حول أفريقيا؛ لتفادي الهجمات، ما جعل المستهلكين وأصحاب البضائع يواجهون تكاليف مرتفعة لشحن سلعهم، فيما حققت سفن الشحن أرباحاً من الأزمة .
وقال موقع Middle East Eye البريطاني، إن أسهم شركات الشحن ارتفعت منذ تكثيف الهجمات، لكن المستهلكين وأصحاب البضائع هم الخاسر الأكبر في هذه الأزمة، وقالت ميشيل وايز بوكمان، كبيرة محللي الشحن في شركة لويدز ليست إنتليجنس، لموقع ميدل إيست آي: "كلما طال المسار الذي تسلكه سفن هذه الشركات، ارتفعت أسعار الشحن".
ويُعرف الشحن بأنه صناعة ضبابية؛ إذ يُنقل الوقود والأدوات المنزلية والمواد الغذائية عبر المحيطات عن طريق شركات الشحن العائلية اليونانية أو شركات سفن عملاقة من الصين، وفي أوقات الصراع، بوسع شركات الشحن أن تحقق أرباحاً كبيرة عن طريق نقل البضائع مثل الوقود الروسي أو الإيراني المفروض عليه عقوبات.
وبالتزامن مع هجمات الحوثيين، أصبحت شركات الشحن تسافر بين آسيا وأوروبا عبر رأس الرجاء صالح، وقد يضيف ذلك أسبوعين إلى رحلة السفينة، ويكلف مليون دولار إضافية من الوقود لكل رحلة ذهاباً وإياباً، وفقاً لما صرح به بيتر ساند، كبير المحللين في Xeneta، شركة تحليلات سوق الشحن، لموقع ميدل إيست آي.
المستهلكون وأصحاب البضائع الخاسر الأكبر
ويُشار إلى أن البحر الأحمر يقع بين مضيق باب المندب في الجنوب، وقناة السويس في الشمال، وتمر به 12% من التجارة العالمية، و30% من إجمالي حركة سفن الحاويات.
والسفن التي تتحاشى هذا الممر المائي وتنقل بضائع بين الشرق والغرب، عليها أن تسلك الطريق الأكثر طولاً حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، وانضمت شركات ميرسك وزيم وهاباغ لويد إلى شركات سفن الحاويات الأخرى التي غيّرت مسارها في الأسابيع الأخيرة.
ارتفاع أسعار الشحن
وارتفع سعر شحن حاوية من الصين إلى البحر المتوسط بنسبة 44% هذا الشهر؛ ليصل إلى 2413 دولاراً، وفقاً لمنصة حجز الشحن والمدفوعات Freightos. وقال ساند: "في كل مرة تتعطل فيها سلاسل التوريد، ترتفع أسعار الشحن. وترتفع أكثر من التكلفة. ومن يستفيد من هذا الارتفاع في الأسعار؟ شركات السفن وأصحابها، أما الآخرون، أصحاب البضائع والمستهلكون، فهم من يدفعون الثمن".
وترتفع أسعار الشحن أيضاً لأن إرسال السفن حول رأس الرجاء الصالح يستغرق وقتاً أطول، وهذا يقلل المعروض من السفن المتاحة في السوق، في وقت يظل فيه الطلب على حاله.
وقالت بوكمان لموقع ميدل إيست آي: " هذه الهجمات تضغط المتاح من سفن الشحن، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات السفن العاملة المتبقية، وبالتالي ترتفع أسعار استخدامها".
وحققت شركات الشحن وأصحاب السفن أرباحاً قياسية خلال الجائحة نتيجة ارتفاع الطلب على السلع واختناقات سلسلة التوريد.
لكن هذه الطفرة المرتبطة بالجائحة تلاشت بعد انخفاض أسعار الشحن بنحو 90%.
وبينما تتصدر هجمات الحوثيين عناوين الأخبار، قال كارتسوناس إنه "من السابق لأوانه" رؤية تأثير ملموس على الشحن. وقال أيضاً إن مكاسب أي صناعة تأتي في وقت تكون فيه أسعار الشحن في "الحضيض".
وقال: "إذا أصبح البحر الأحمر منطقة لا تستطيع السفن العبور فيها لعدة أشهر متتالية، فهذه ظروف مواتية لأصحاب السفن وشركات الشحن".
يأتي ذلك في ظل التوتر الذي تشهده منطقة البحر الأحمر، بسبب الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن، لارتباطها أو إبحارها نحو الموانئ الإسرائيلية.
وتوعدت جماعة "الحوثي" في أكثر من مناسبة باستهداف السفن التي تملكها أو تشغّلها شركات إسرائيلية؛ "تضامناً مع فلسطين"، ودعت الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.
وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت واشنطن تشكيل تحالف "حارس الازدهار" بمشاركة 20 دولة، وهي قوة عمل بحرية دولية تهدف إلى "حماية السفن التجارية التي تبحر عبر البحر الأحمر من هجمات الحوثيين في اليمن".