طالت هجمات الاحتلال المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، منازل المواطنين والمستشفيات والمدارس والمؤسسات والمساجد، حتى المشاريع التي تم إنشاؤها بتمويل أمريكي لم تسلم من قصف الاحتلال، بحسب ما وثقته وكالة The Associated Press الأمريكية 22 ديسمبر/كانون الأول 2023.
فقبل أقل من عام على الحرب، خضع واحدٌ من أقدم وأكبر المجمعات الرياضية في الأراضي الفلسطينية لعملية تجديدٍ كان في حاجة ماسة إليها: صالات جديدة لكرة السلة والكرة الطائرة والتنس، وملعب لكرة القدم، ومضمار للركض، بميزانية تقدر بـ519 ألف دولار، وبتمويل من دافعي الضرائب الأمريكيين.
مع القصف الإسرائيلي، تحول سطح نادي غزة الرياضي إلى أنقاض، وسُحِقَ ملعب العشب الصناعي به تحت وطأة الدبابات الضخمة التي يمكن رؤيتها في صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها وكالة أسوشيتيد برس.
ومنذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول، يبدو أنَّ خمسة مشروعات مجتمعية وشبابية مُموَّلة من الولايات المتحدة على الأقل قد تعرَّضت لأضرار أو دُمِّرَت، على الأرجح على يد الجيش الإسرائيلي المدعوم أمريكياً.
وحدَّدت الأمم المتحدة أنَّ أكثر من 37 ألف بناية قد تعرَّضت لأضرار أو دُمِّرَت في الحرب حتى الآن.
وأنفقت الولايات المتحدة أكثر من 7 مليارات دولار في صورة مساعدات إنمائية وإنسانية في الضفة الغربية وغزة منذ إقامة بعثة تابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هناك قبل عقود، وضمن ذلك 270 مليون دولار منذ أن أنهى الرئيس بايدن حظراً فُرِضَ في عهد الرئيس ترامب على تقديم تمويلات جديدة. وأنفقت الولايات المتحدة أيضاً على مدى عقود، أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً دعماً للجيش الإسرائيلي، وهنالك تعهُّد من إدارة بايدن بتقديم 14 مليار دولار أخرى في عام 2023.
راجعت وكالة أسوشيتيد برس العقود والمنح الأمريكية في غزة، وحدَّدت أكثر من 30 مشروع بناء بناه أو طوَّره دافعو الضرائب الأمريكيون في القطاع. ووجدت مراجعة لصور وتحليلات حديثة بالأقمار الصناعية من شركة Maxar Technologies أنَّ خمسة مشروعات على الأقل مدعومة من الولايات المتحدة قد تعرَّضت للضرر.
وتحقَّقت الوكالة بصورة مستقلة من تقييم شركة Maxar من خلال فحص صور الأقمار الصناعية التي قدمتها الشركة، وكذلك صور من أقمار صناعية أخرى التقطتها شركة Planet Labs خلال الأسابيع الأخيرة.
تدقيق مفصل
وساهمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عام 2011 بمبلغ 138 ألف دولار للمساعدة في بناء "المركز الثقافي الاجتماعي والأرثوذكسي العربي"، وهو مركز مُؤلَّف من طابقين ومُزوَّد بمسرح ودار مناسبات وقاعة محاضرات. وتُظهِر صور أقمار صناعية تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دماراً كبيراً في المركز.
ووفقاً لصور شركة Maxar التي تعود ليوم 20 ديسمبر/كانون الأول، يبدو أنَّ مركزين مختلفين يخدمان الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قد تعرَّضا لأضرار أو دُمِّرا في الأيام الأخيرة. وقد بُنيَت "جمعية الحق في الحياة" الخاصة بالأطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة داون، و"مركز تعزيز القدرات" التابع لجمعية جباليا للتأهيل، والذي يدعم الأطفال ذوي الإعاقة، بمبلغي 28 ألف دولار و177 ألف دولار من التمويل الأمريكي على الترتيب.
في غضون ذلك، نجت مكتبة "جمعية الشبان المسيحية" بغزة، والتي جرى تجديدها بتمويل أمريكي قدره 89 ألف دولار، دون أن تُصاب بأذى، في حين جرت تسوية مربع سكني واحد على الأقل مجاور لها بالأرض.
وتكبَّدت "مدرسة راهبات الوردية"، التي تخدم الأطفال المسلمين والمسيحيين، بعض الأضرار في غارة جوية مؤخراً. وكانت تمويلات بقيمة 495 ألف دولار من دافعي الضرائب الأمريكيين قد بنت في عام 2022، صفوفاً دراسية جديدة ذات سبورات ذكية ومُكيِّفات هواء ومصعد، إلى جانب طابق جديد تماماً من أجل إفساح المجال لمدرسة ثانوية.
وتُظهِر صور الأقمار الصناعية من شركة Maxar أضراراً وحطاماً متناثراً في أرجاء ساحة المدرسة، التي كانت تُستخدَم ملعباً لكرة السلة ومنطقة تجمُّع لمئات الطلبة.
لكنَّ مباني المدرسة نفسها كانت لا تزال قائمة حتى 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكذلك الحال بالنسبة لغالبية المشروعات الكبيرة المُموَّلة أمريكياً في غزة، وضمن ذلك محطة لتحلية مياه البحر قرب دير البلح في غزة أنفقت الولايات المتحدة 16 مليون دولار من أجل توسعتها.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى صباح الجمعة "20 ألفاً و57 شهيداً و53 ألفاً و320 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء"، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً للسلطات في القطاع والأمم المتحدة.